لقد أظهرت الأزمة التي مرت بها دول الآسيان عامي
1997/1998
مشكلتين بالغتي الأهمية، تتمثل الأولى في
الاعتماد الكبير على القطاع المصرفي للتمويل والثانية العملة وعدم
تطابق الاستحقاقات في الميزانيات العمومية لتلك البنوك.
وكان الاقتراض يتم على المدى القصير
بالدولار الأمريكي في حين أن الإقراض كان يتم على أساس طويل الأمد
وبالعملات المحلية. وما إن وصلت
الأزمة وتدهورت العملات المحلية حتى أصبح الهيكل مختلاً وأدى إلى نتائج
سلبية. بعد تلك الحادثة، حاولت
الدول الأسيوية مقاومة سوق السندات المحلية لتجنب المشاكل في المستقبل
ولتخفيض اعتمادها على الدولار الأمريكي.
والغرض من مبادرة سوق السندات الآسيوية
تشجيع الوساطة المالية المحلية واستثمار المدخرات بشكل مباشر محليا
وليس من خلال جولات رأس المال في أسواق الأوراق المالية الغربية مع
تكاليف فرص بقيمة اثنين في المائة.
ويشمل الأعضاء دول الآسيان و ثلاثة دول
أخرى (اليابان، كوريا الجنوبية،
والصين) مع الهند كونها مشتركة من
خلال حوار التعاون الآسيوي. وهناك
العديد من الاتصالات على مستويات الحكومات والبنوك المركزية ووزارات
المالية والقطاع الخاص. وفي سوق
السندات الأسيوية الأول والثاني، استثمرت الدول جزءا من احتياطياتها في
السندات المحلية السائدة بالعملة المحلية أو بالدولار الأمريكي.
وكان الحجم المستهدف لصندوق السندات
الآسيوية الأول 8 إلى 32
مليار دولار أمريكي وبالنسبة لصندوق
السندات الآسيوي الثاني فإنه يحتوي مسبقا على 1
مليار دولار أمريكي ويظهر بأنه صغير
بالمقارنة مع احتياطيات العملة الضخمة في البلدان الآسيوية التي تزيد
عن 1.7 ترليون دولار أمريكي.
ولكن بالمقارنة مع الاستثمار العالمي
البالغ 70 مليار دولار، فإن هذا
الحجم ليس صغيراً جداً ومن المحتمل أن ينمو مع تطور سوق السندات
الآسيوية. وبعد الأزمة الآسيوية،
بذلت العديد من الدول جهوداً كبيرة لتأسيس أسواق سندات آسيوية محلية
تطورت من خلال قفزات وشكلت معظم برامج سندات الشركات في كوريا الجنوبية
عام 2000.
لا يزال سوق سندات مجلس التعاون الخليجي قيد التطور
لغاية الآن.
وبالمقارنة مع التمويل البنكي والأسهم،
يبدو بأنه ظل دون المستوى المطلوب.
لقد وضعت الإيرادات العالية الناتجة عن
النفط حكومات المنطقة في وضع مريح.
فهي لا تحتاج إلى إصدار سندات دين لكي
يتم تمويل العجز المالي. ولكن
الشركات بالمقابل كانت تمتلك حرية الدخول إلى تمويل أسهمها من خلال
فترة ازدهار سوق الأسهم. وعليه،
فإن السوق يتميز بانعدام العلامات القياسية ومحدودية التنوع في
الإصدارات وانخفاض السيولة. وقد
تم مؤخرا إصدار صكوك أكبر وسندات بنكية بفوائد عائمة (مثل
طيران الإمارات، بنك التنمية الإسلامي، بنك المشرق، بنك الإمارات
الدولي، بنك أبو ظبي التجاري)
ولكن الاستحقاقات الأطول أمدا تغيبت.
وعلى الصعيد الحكومي، أصدرت قطر والبحرين
فقط سندات باليورو ولكنها لم تكن كافية لإحداث تحول عبر منحنى العائدات.
واحتلت دبي موقع الريادة في سوق السندات
المدعومة بالأصول عبر ضمان الرهونات في مشروع نخلة جميرا.
ولكن العديد من المسائل القانونية حول
سوق السندات (مثل قوانين
العقارات، البيع الحقيقي) لا تزال
ضمن عملية الصياغة حيث أن الصفقات فقط تحسم لأن الإصدار مضمون بشكل
كامل من خلال ضمانات دخل ثابتة مودعة في لندن بالإضافة إلى رهونات نخلة
جميرا.
وعليه، فإن تطور سوق سندات مجلس التعاون الخليجي يحتاج
في البداية إلى سوق سندات حكومية مع سوق سندات شركات يتبع الأول.
إن فرصة التطور مواتية لسوق السندات
المدعومة بالأصول عندما يتم حسم الأمرين السابقين وتوضيح المسائل
القانونية. وبشكل عام، فإن بنية
السوق الملائمة ضرورية لطرح الإصدارت الجديدة ولسيولة الأسواق الثانوية
بمشاركة البنوك، ومؤسسي الأسواق والمستثمرين المؤسساتيين مثل شركات
التأمين وصناديق التقاعد. وفي
الوقت الحالي، فإن سوق سندات مجلس التعاون الخليجي لا يزال غير سائل
يعتمد على الشراء والانتظار، وغالباً ما يحصل أحدنا على أسعار أفضل
بخصوص سندات مجلس دول التعاون الخليجي في هونغ كونغ ولندن أكثر من دول
مجلس التعاون الخليجي نفسها. كما
أنه لا بد من إجراء التسويات وإجراءات المقاصات التي تتوافق مع
المعايير العالمية (مثل يوروكلير)
وثقافة التصنيف المحيطة التي تجعل مخاطرة
الائتمان المعنية شفافة وسهلة المنال بما يجعل منها ضرورة مطلقة.
وعندما يتم تأسيس سوق السندات، يتعين
متابعة سوق مشتقات أسعار الفوائد لتزويد أدوات داعمة.
وتظل هذه رغبة مهمة لسوق الأسهم ويظل
الأمل معلقاً على نجاح خطط سوق دبي المالي العالمي لتأسيس السوق
المشتقات المحلية. إن مجلس
التعاون الخليجي لا يحتاج في الوقت الراهن إلى إصدار سندات دين لتمويل
عجز الميزانيات. وكذلك هونغ كونغ
وسنغافورة, ولكن كلا البلدين
يقومان بإصدار سندات خلال المنحى المنحدر لإحداث التحول في قطاع سندات
الشركات. ويتعين على مجلس التعاون
الخليجي القيام بنفس الشيء كما يتعين عليه اعتبار تركيز جهوده من خلال
القيام بذلك عن طريق المؤسسات المحلية المدعومة بواسطة حكومات دول مجلس
التعاون الخليجي. وعليه، سيكون
للسوق عمق أكثر وقوة أكبر مما عليه الحال عند قيام إحدى دول مجلس
التعاون الخليجي بإصدار سنداتها الخاصة.
ويتعين على دول مجلس التعاون الخليجي
أيضاً اعتبار تعزيز الروابط مع الأسواق المالية الآسيوية من خلال
استثمار سندات اليورو الآسيوية وجذب المستثمرين الآسيوين إلى سوق سندات
مجلس التعاون الخليجي. وهذا الأمر
قد حصل مع ماليزيا التي تميزت باقتصاد مصرفي إسلامي رائد وسوق صكوك
متميز. ولكن وللدهشة، فإن
العلاقات بين ماليزيا ومجلس التعاون الخليجي لا زالت دون المستوى
المطلوب نظراً لعدم تحقيق إجماع حول معايير الاستثمار الإسلامي العامة.
وبشكل عام، فإن سوق سندات مجلس التعاون الخليجي ليس سوى
جزء من تطور ناجح في أسواق رأس المال المحلية.
وهو ضروري لتطوير اقتصاد المنطقة على
النطاق الواسع. ونظراً لغياب
العملات السائلة الحرة في سياسة أسعار الفائدة في مجلس التعاون
الخليجي، فإن ذلك سيعطي السلطة النقدية أداة هامة في توجيه توجيه حركة
واردات المال من خلال عمليات السوق المفتوحة. |