وإذا
تعرضت هذه الفراشة للخطر فإنها تطلق تحذيراً بإخراج عصارات سيئة الطعم
من غددها الكائنة خلف رأسها.
وتجد هذه اليرقانات في الوديان غالباً
على نباتات تؤكل من فصيلة الجزر.
وإذا حدث وأغضبت يرقانة ولو قليلاً بورقة عشب على سبيل المثال، فإنها
تبخ بعض قطرات من سائل كثيف له رائحة الجزر لا يروق إلا للأرانب.
تستخدم الألوان نفسها الأبيض والأحمر والأسود كألوان تحذيرية من قبل
فراشة صغيرة تطير أثناء النهار.
ويبدو أنه من غير المحتمل أن البقع
السوداء والحمراء على خلفية بيضاء يمكن أن تجعل حشرة طائرة تختفي في
عالم من الرمال والأجمات الخضراء الصغيرة، لكني وجدت أنها الطريقة
المثلى للتمويه بالنسبة لهذه الفراشة، "يوتيثيسا
بولشيلا"، عندما حاولت أن أصورها.
وكنت أتبعها بينما كانت تنتقل من شجيرة
إلى أخرى، مع الحرص على ملاحظة المكان الذي حطت عليه.
ثم أزحف إليها على مهل بكاميرا مهيأة
لالتقاط الصورة، ولم يمكن لي أبداً تصويرها بينما تكون في وضع استرخاء.
ذلك أن لونها يجعلها تمتزج بالرمل بشكل
جيد، بحيث أن الأوقات الوحيدة التي تمكنت فيها من التقاط صورة لها كانت
عندما حطت على نباتات خضراء. ذلك
جعلني أفكر في مكونات الرمل: حبات
برتقالية وسوداء وذات لون قشدي.
ولا بد أن هذه الفراشة لها طعم سيء، لأنها تظهر نفس اللونين الأسود
والأحمر على خلفية بيضاء فضية تعكس ضوء الشمس.
إن
لدى فرس النبي والجندب قدرة جيدة على الاختفاء في محيطها، ومن نفس
الفصيلة الحشرات العصوية التي تمثلها عدة أجناس في الإمارات.
وهي تطابق اسمها من حيث أنها تبدو كأغصان
متشابكة عند تسلقها النباتات الصحراوية ذات الألوان القاتمة.
من
الحشرات القريبة من هذه الفصيلة الجنادب ذات الرأس البرجي
(تروكساليس
بروسيرا). ولقد رأيت إحداها لأول
مرة وهي تحط على عشب جاف ما يزال أخضر عند الجذور لكنها تحول إلى
الأصفر عند طرفه. وكانت الحشرة
مشابهة للعشبة تماماً: الجسم أخضر
يتحول إلى بني نحو نهاية الساقين وقرن الاستشعار.
وفيما بعد رأيت نفس الحشرة في محيط
مختلف، وكانت بنية فاتحة على صخور بنية فاتحة، ورأيت أخرى خضراء غامقة
على بقع سوداء في أجمة خضراء غامقة مع ظلال سوداء.
لكني لست متأكداً إذا كانت هذه الحشرات
جميعاً من نفس الجنس فهي تغير ألوانها مثل الحرباء، أو إن كانت من
أجناس مختلفة.
وبينما كنت ألتقط الصور للورود الجميلة ضمن شجيرات تاماريكس، لاحظت
وجود فرس النبي جميل المظهر على الشجيرات.
وكان في المرحلة الأولى من عمره، وما
يزال بطنه بارزاً إلى الأعلى.
وكانت ألوانه بالضبط نفس ألوان زهور التاماريكس، وله شكل غير عادي
لجسمه يناسب الشكل غير المنتظم لأغصان الزهور بالضبط.
وعندما جرى تحميض الفيلم لاحظت أن الحشرة
كانت موجودة في الصورة الأولى التي التقطتها للورود، وكان ذلك قبل
فترة طويلة من معرفتي أنها تعيش على هذه الورود، فقد ظننت وقتها أنها
إحدى الزهور.
إلا
أن أكثر الحيوانات براعة في التمويه فهو عنكبوت وجدته في سهل رملي قبل
عدة سنوات.
فلو لم أتحرك لما لاحظت وجوده على الإطلاق.
لقد التقطت الصورة وعندما جرى تحميضها
اعتقدت أنني لم أصوره، لكن بعد أن أمعنت النظر عن قرب استطعت ملاحظة
الأعين الثماني السوداء في رأسه والانحناءات الطويلة في ساقيه، ولم أكن
لألاحظ ذلك لو لم أكن متيقنة من أنه موجود في الصورة.
وكان يجب علي التقاط صورة ثانية بعد
وضعها على خلفية سوداء. ومن
الحشرات التي تستطيع تمويه نفسها جيداً وتوجد محلياً حشرة صائدة وليست
فريسة، وهي شبيهة بالأفاعي التي ذكرناها من قبل، وهي تظل في انتظار
الفريسة إلى أن تصبح على مقربة كافية لالتقاطها.
وهذه الحشرة ما هي إلا العنكبوت السرطاني
(من فصيلة ثوميسيدا)
وهو يظل على الأزهار وله نفس لون
البتلات، بحيث لا يمكن رؤيته. لقد
رأيت هذه الكائنات صفراء على عباد الشمس (يمكن
رؤيتها فقط عندما تكون في منتصف عباد الشمس)،
وبيضاء على ورود مزهرة، وخضراء على سوق نباتات "كارالوما"
التي لها نفس اللون والتي توجد في
الصحراء، وحمراء وصفراء مخططة على بتلات "جيلارديا"
في حديقتي.
وكما حدث لي من قبل مع فرس النبي وزهور
تاماريكس، التقطت مرة صورة لنحلة على وردة بيضاء ولم ألاحظ وجود
العنكبوت السرطاني الذي كان على وشك القفز حتى رأيت الصورة بعد تحميضها.
طوال الوقت
كانت هذه المعجزات الصغيرة وما تزال حولنا، ولا يمكنني أن أفهم مطلقاً
لماذا ينفق شخص ما وقته في قراءة الخيال العلمي.
|