بقيت
صناعة الإبر التي وصلت إلى أوروبا وغرب آسيا من قبل العرب سراً لغاية
عام 1650، حتى ظهرت في إنكلترا عام 1650. في البداية صنعت الإبر يدوياً
وكانت عملية مجهدة إلا أنه فيما بعد تم تطوير آلات مدهشة لصنع ملايين
الإبر وبدقة فائقة، وقد استمرت هذه العملية حتى هذا الوقت. في يومنا
هذا تستخدم أدق الأنواع من الفولاذ المعالج كيميائياً بواسطة عملية
متقنة والتي تستعمل لإنتاج أفضل الإبر في العالم وبحيث تمتاز بالصلابة
والمرونة في آن واحد.
منذ
العصور السحيقة والإبر تستخدم لتثبيت الملابس على الجسم. وكانت المشكلة
تكمن في ثقب الإبر، إلا أن المصريين القدامى قاموا بحل هذه المعضلة بأن
قاموا بصناعة دبابيس بطول ثمانية إنشات من البرونز برؤوس جميلة مزينة
بالذهب. وقام اليونانيون والرومان بتعديل رؤوس الإبر لتأخذ شكل أفاعي
وأحصنة أو أي تصميمات أخرى مجردة، واستخدموها لتثبيت أثوابهم وعباءاتهم
على أجسادهم لأن الأزرار التي تثبت داخل الشقوق لم يكن قد تم اختراعها
بعد. ولم يبق أي شخص في أوروبا في العصور الوسطى إلا واستعمل هذه
الدبابيس، حيث كان الأغنياء يضعونها بما يتلاءم مع ثرواتهم ومقاماتهم
والفقراء يضعون دبابيس حديثة لكنها بسيطة حتى تم اختراع الدبابيس
الحديثة الآمنة.
أما
بالنسبة للدبوس الجديد والآمن فلم يتم اكتشافه حتى عام 1825، حيث كان
والتر هنت، وهو مخترع من نيويورك، بحاجة ماسة لبعض المال، فقام باقتراض
خميس دولاراً من أحد أصدقائه وقرر الاستفادة من هذا المبلغ باختراع شيء
يحتاجه العالم. وكان ذلك الشيء الذي قرر اختراعه هو الدبوس والذي يربط
الأشياء ويثبتها ببعضها وبنفس الوقت لا يسبب الوخز لمرتديه. قام هنت
برسم لوحة تخطيطية له خلال ثلاث ساعات لا غير وخلص إلى فكرة دبوس
المشبك والذي يتألف من غلاف يغطي الرأس الحاد للدبوس وقام بعمل نموذج
عن فكرته. لكنه باع حقوق اختراعه مقابل أربعمائة دولار فقط، فيما قيمة
الفكرة تقدر بمليون دولار.
لم يكن
الدبوس الآمن آخر اختراع يخسره هنت ففي العام 1832 أي قبل خمسة عشر
عاماً من إلياس هاو قام هنت باختراع ماكينة بسيطة للخياطة وطلب من
ابنته أن تقوم بصناعتها إلا أن الابنة رفضت القيام بأي شيء من هذا
القبيل لأنه من الممكن أن تسبب هذه الماكينة في نهاية المطاف سلب آلاف
الخياطات عملهن فوافق هنت ابنته الرأي وقام بإلغاء الفكرة على الفور.
هناك
احتمال بأن أول اختراع يتعلق بالخياطة الآلية كان عام 1755 بموجب براءة
اختراع بريطانية صدرت للألماني شارلز ويسينثال حيث قام باختراع إبرة
مصممة للماكينات، إلا أن براءة الاختراع هذه لم تصف بقية الآلة، إن
كانت فعلاً أصلاً.
قام
المخترع وصانع الخزائن الإنجليزي توماس سينت باختراع أول ماكينة خياطة
متكاملة عام 1790. وليس من المعروف إذا ما كان سينت هو بالفعل من قام
بعمل النموذج الأصلي لاختراعه. ويتمثل اختراع سينت بكيفية كيفية قيام
مثقب بعمل شق في الجلد وإدخال الإبرة من خلال هذا الشق. إلا أن القطعة
التي تم تصنيعها من اختراع سينت ونفذت وفقاً لرسوماته لم تنجح.
في عام
1810 قام الألماني بالثازار كريمس باختراع ماكينة آلية لخياطة القبعات
ولم يقم بتسجيل براءة اختراعه والتي لم تعمل إطلاقاً. ثم قام الخياط
النمساوي جوزيف ماديرسبيرجر بعدة محاولات لاختراع ماكينة خياطة وكان قد
سجل براءة اختراع في العام 1814 إلا أن جميع محاولاته أيضاً باءت
بالفشل.
في
العام 1804 تم تسجيل براءة اختراع فرنسية باسم توماس ستون و جيمس
هيندرسون تتعلق بماكينة تنافس الخياطة اليدوية. وفي نفس العام تم تسجيل
براءة اختراع باسم جون دونكان تمثلت في آلة تطريز مزودة بعدة أبر، إلا
أن كلا الاختراعين أثبتا فشلهما وأصبحا طي النسيان.
اخترعت أول ماكينة خياطة أمريكية في العام 1818 من قبل جون أدامز دوج
و جون نولس لكن هذه الماكينة فشلت في خياطة أي قطعة من القماش قبل أن
يصيبها العطب.
أول
ماكينة خياطة آلية عملية اخترعها الخياط الفرنسي بارثيليمي ثيمونييه في
العام 1830، وتعتمد ماكينة ثيمونييه في طريقة عملها علىخيط واحد وإبرة
معقوفة لعمل نفس سلسلة الخيوط المستعملة في التطريز. وقد كاد هذا
المخترع يقتل على يد مجموعة من الخياطين الفرنسيين الساخطين الذين
قاموا بحرق مصنع الألبسة الذي يملكه اعتقاداً منهم بأن اختراعه الجديد
سيفقدهم عملهم.
وفي
العام 1834 قام والتر هنت بتصميم أول ماكينة خياطة آلية تعتبر ناجحاً
ناجحة نوعاً ما. واعتقاداً منه بأنه سيتسبب للكثيرين بفقدان عملهم لم
يهتم بهذا (تستعمل هذه الماكينة في الخياطة المستقيمة) ولم يقم هنت
بتسجيل براءة اختراعه إطلاقاً. ثم جرى تسجيل أول براءة اختراع أمريكية
عام 1846 للمخترع إلياس هاو الذي ابتكر عملية للخياطة باستخدام خيط من
مصدرين مختلفين، وكانت ماكينة هاو مزودة بإبرة مثقوبة من النهاية،
وتغرز الإبرة في القماش محدثة فتحة من الجانب الآخر لتحدث ما يسمى
بالدرزة. إلا أن إلياس هاو واجه فيما بعد مشاكل تتعلق بحماية براءة
اختراعه وتسويق هذا الاختراع.
استمر
الياس هاوي لمدة تسعة أعوام يحاول بجهد إظهار أهمية ماكينته وحماية
اختراعه من المقلدين، إلى أن جاء آخرون يعملون على إنجاز اختراعات خاصة
بهم فأخذوا عن هاو آلية إقفال العروة التي اخترعها. حيث قام إسحاق سنجر
باختراع آلية الحركة صعوداً ونزولاً وقام آلن ويلسون بتطوير مكوك دوار
مزود بخطاف.
لم
تنتج ماكينات الخياطة بكميات كبيرة لغاية خمسينيات القرن التاسع عشر
إلى أن جاء إسحاق سنجر بأول ماكينة خياطة تجارية ناجحة. واعتمد سنجر في
ماكينته على أن الإبرة تتحرك للأعلى والأسفل بدلاً من جانب إلى آخر
وتتصل الإبرة بدواسة قدم بينما كانت الماكينات السابقة تعمل بذراع
تدوير يدوي. ومع ذلك كانت ماكينة سنجر تعتمد طريقة إقفال الغرز المتبعة
في الماكينة التي اخترعها هاو، الأمر الذي أدى إلى قيام إلياس هاو
بمقاضاة سنجر لانتهاك براءة اختراعه وكسب القضية عام 1854. كما أن
ماكينة الخياطة التي اخترعها والتر هنت كانت تعمل بطريقة إقفال الغرز
باستخدام لفتين من الخيوط وإبرة مثقوبة، إلا أن المحاكم ثبتت براءة
اختراع هاو لأن هنت تنازل عن اختراعه. ولو أن هنت سجل براءة اختراعه
لكان من الممكن أن يخسر إلياس قضيته ويربحها سنجر.
وفي
ضوء تطور صناعة ماكينات الخياطة في تطريز ملابسنا مازال استخدام الإبرة
في أحدث العصور مستمراً في مجالات وأغراض شتى. |