وفي
شهر أبريل 2003، عندما كانت الحرب في العراق في أوجها، أصيب مكتب
الجزيرة في بغداد بصاروخ أمريكي أدى لمقتل المصور طارق أيوب وإصابة
زميله العراقي زهير. وفي اليوم نفسه أصيب أيضاً مكتب تلفزيون أبو ظبي.
وقبل
ذلك بأيام قليلة ألحقت قذيفة دبابة أمريكية أضراراً كبيرة بفندق فلسطين
الذي كان معروفاً بأن العديد من وسائل الإعلام الأجنبية تتخذ منه
مقراً. وقد أدى ذلك لسقوط قتلى وجرحى بين الإعلاميين. وقد وصف
البنتاغون ما جرى بأنه مجرد حادث، وتجنب معاقبة الفاعلين.
وقال
مدير تحرير الجزيرة في ذلك الحين: "رأى الشهود في تلك المنطقة الطائرة
تعبر مرتين قبل أن تلقي قنابلها. وقد كان مكتبنا في منطقة سكنية، وحتى
البنتاغون كان يعرف موقعه."
في
أغسطس 2003 أقدم جنود أمريكيون على قتل المصور الفلسطيني مازن دانه
بينما كان يلتقط صوراً خارج سجن أبو غريب. وذكر زميله نائل الشيوخي أن
الجنود الأمريكيين اقتربوا من الفريق أثناء التصوير وفتحوا النار
عليهما دون إنذار فأصابوا مازن في صدره.
وخلال
العام المنصرم أجبر المسؤول التنفيذي الرئيسي لشبكة سي إن إن إيسون
جوردان على الاستقالة لأنه أبلغ إحدى هيئات ملتقى دافوس الاقتصادي أنه
يعلم أن 12 صحفياً قتلوا على يد قوات التحالف في العراق.
في
سبتمبر الماضي طالب منظمة "مراسلون بلا حدود الجيش العراقي الخاضع
للسيطرة الأمريكية بأن يفسر لماذا أقدم جنوده على إطلاق النار على مصور
أسوشييتد برس الإخبارية عبد الكامل حسن، و إصابته بجراح خطيرة. واتهموه
بان "أولئك المسؤولين عن استعادة النظام في العراق: الجيش والشرطة
العراقيان واقوات الأمريكية – أصبحوا
"المضطهِدين الخطِرين" للصحفيين في الأشهر الأخيرة.
كما أن
شخصاً آخر يعمل لدى
أسوشييتد برس الإخبارية، هو سامي شكر ناجي، معتقل منذ 30 مارس من العام
قبل الماضي في سجن أبو غريب بتهمة " التعاون مع المتمردين". أما علي
عمر إبراهيم المشهداني، المصور التلفزيوني لرويتر، فقد اعتقله
الأمريكيون منذ 10 أغسطس 2005.
لقد
لقي 53 من العاملين في مجال الإعلام حتفهم خلال عام 2004 في أرجاء
العالم، وبينهم 4 على الأقل ممن قتلوا على يد القوات الأمريكية.
الدعاية البغيضة
لنعد
إلى المذكرة آنفة الذكر. هل تمتلك إدارة بوش حافزاً يدفعها لمحو قناة
الجزيرة عن وجه الأرض؟ انظروا لبعض التعليقات التي أدلى بها كبار
المسؤولين الحكوميين والعسكريين الأمريكيين واحكموا بأنفسكم.
في
يونيو 2005، اتهم دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي الجزيرة بأنها
تشوه صورة الولايات المتحدة "يوماً بعد يوم".
وفي
خطابه إلى الأمة عام 2004، أشار بوش إلى شبكة الجزيرة وغيرها من
القنوات العربية باعتبارها "الدعاية البغيضة الخارجة من العالم
العربي".
وخلال
الهجوم الأمريكي على الفلوجة الذي نقلت الجزيرة مجرياته كجزء من
واجبها، قال رامسفيلد "يمكنني القول بمنتهى الثقة إن ما تقوم به
الجزيرة شرير وغير صحيح وغير مبرر."
وفي
مارس 2003 تهجم الجنرال جون أبي زيد على مراسل قناة الجزيرة أثناء
مؤتمر صحفي، ووصف التغطية الإخبارية للقناة بأنها "غير مقبولة...
ومقرفة." ودفع ذلك مراسلاً أمريكياً لسؤال الجنرال عما إذا كان ينبغي
تصنيف قناة الجزيرة كوسيلة إعلام "معادية".
وفي
مارس 2003، قال نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني إن القناة تعرض نفسها
لخطر أن تسمى "لسان أسامة بن لادن للعالم".
أما في
العام الحالي، فقد أخذ البنتاجون مسؤولية التغطية الإعلامية للعراق على
عاتقه، ودفع لوكالة إعلامية كي تزرع "أخباراً جيدة" يكتبها عسكريون
أمريكيون في الصحف العراقية، وكأنها كتبت بأقلام صحفيين عراقيين. وجاء
ذلك كله في أعقاب إشادة رامسفيلد بانتشار الصحافة الحرة في العراق
معتبراً ذلك أفضل ما حدث منذ الإطاحة بصدام حسين.
إلا أن
ديما، زوجة طارق أيوب، لا تتفق مع ذلك. وهي تؤكد "إن التقرير الذي
نشرته الديلي ميرور يفتح العين على العالم الخفي للخداع السياسي
الأمريكي وعلى المخطط الأمريكي لإخراس جميع شهود العيان والأصوات
المناوئة لسياسات الولايات المتحدة".
وتضيف ديما "ليس هناك من جديد في التقرير سوى أنه يكشف
الوجه القبيح للحرية ولاديمقراطية الأمريكيتين، واللتين يبشر بهما
الرئيس الأمريكي." كما تواصل تلك الأم الشابة، بمساعدة محاميها
البريطاني، معركتها من أجل الحقيقة والعدالة، لكن ما يؤسف له أنها لا
ترى الكثير مما يشجعها على التفاؤل. |