كما
شاركت في المهرجان مجموعة متميزة من الأفلام من الهند وسيريلانكا وباقي
دول شبه القارة الهندية إضافة إلى باقة من الأفلام الإفريقية مثل
"البطل" و "كارمن في خايلتشا" وهو ما عزز الجاذبية العالمية للحدث.
وكانت المشاركات التي قدمت للحضور وجهات نظر أصيلة من بين أكثر الأفلام
جاذبية للمشاهدين. ونذكر مثالاً على ذلك الفيلم التوثيقي الجزائري
"نساء حرب الجزائر" الذي يروي أحداث حرب الاستقلال الجزائرية ضد
المستعمر الفرنسي من خلال ذكريات ثلاث نسوة حاربن في صفوف جبهة التحرير
الوطني الجزائرية. كما حقق فيلم "انتباه" القصير من المملكة العربية
السعودية والذي يتحدث عن أثر الإرهاب على الأطفال قدراً كبيراً من
الاهتمام شأن الدراما البريطانية المرعبة "قتل الكلاب" والذي يتحدث عن
الأيام الأولى لحرب الإبادة في رواندا.
وقد
تفاعل الجمهور تفاعلاً رائعاً مع باقة "الليالي العربية" على وجه
الخصوص والتي تضمنت مشاركات سينمائية من الشرق الأوسط. فقد شهد فيلم
الافتتاح وهو الدراما الفلسطينية "الفردوس الآن" اكتظاظ قاعات العرض
بالحضور وتدور قصة الفيلم الفائز بجوائز سينمائية عن مجموعة من الأطفال
الفلسطينيين الأصدقاء الذين تطوعوا للقيام بهجمات انتحارية. ويصور
الفيلم الأيام الأخيرة من حياتهم سوية.
وعرضت
مجموعة قوية من الأفلام العربية على الحضور سلسلة من القضايا الراهنة
مثل أثر الحروب والصراعات على المرأة والطفل ودور المرأة المعاصرة في
المجتمعات العربية التقليدية وقضايا أخرى راهنة تهم الإنسان العربي.
كما
تركت أفلامٌ مثل "المجزرة" وهو العمل التوثيقي المرعب عن مذبحة مخيمي
صبرا وشاتيلا في لبنان تفاعلاً كبيراً جداً من المشاهدين. واكتظت صالات
العرض بالحضور حين عرض "يوم كامل" الذي يتحدث عن الحياة في بيروت
المعاصرة و "ليلة واحدة" وهو العمل الإخراجي الأول للممثلة الإيرانية
نكي كريمي. كما حظي الحضور بفرصة مشاهدة أول فيلم خيال علمي عربي وهو
"التحالف" الذي اختار منتجوه مهرجان دبي السينمائي ليشهد عرضه
الافتتاحي الأول. وهذه المجموعة المتميزة من الأفلام العربية التي
شاركت في المهرجان استطاعت بالفعل أن تروي ظمأ الساحة الفنية لإنتاج
سينمائي عربي ناجح وهو ما جعل النقاد السينمائيين يؤمنون بأن مهرجان
دبي السينمائي الدولي مؤهل ليصبح بديلاً عن مهرجان القاهرة السينمائي
ومركزاً لصناعة السينما العربية.
بل إن
النجم الهوليودي مورغان فريمان ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول بأنه يتوقع
أن ينمو هذا المهرجان ويصبح من القوة بحيث ينافس مهرجان كان السينمائي
في السنوات المقبلة. وأضاف لإحدى الصحف المحلية قائلاً: "المهرجان
يتطور نحو الأضخم والأفضل وسيواصل النمو بحيث يصبح منافساً لمهرجان
كان. أعتقد أن الناس بعد سنوات قليلة من الآن سيتنافسون من أجل حضور
مهرجان دبي." وكان فريمان قد حضر الدورة الأولى من المهرجان في 2004.
أما في الدورة الثانية فقد حضر ليروج فيلمه الجديد "إديسون" الذي يلعب
فيه دور محرر صحفي. ويشارك في هذا الفيلم مجموعة من نجوم السينما مثل
الموسيقيين جوستين تمبرليك و إل إل كول جي إضافة إلى شريكه في بطولة
فيلم "سيفن" النجم الهوليودي كيفن سبايسي.
وإلى
جانب فريمان، حضر الدورة السابقة أيضاً نجما هوليود أورلاندو بلو وسارة
ميشيل جيلار. وقد كان الحضور من النجوم في هذه الدورة لا يقل قوة بوجود
قرابة مئة نجم سينمائي من حول العالم إضافة إلى 420 من المخرجين
والعاملين في صناعة السينما العالمية. وإلى جانب فريمان حضر في هذا
العالم كل من النجم المصري عادل إمام والهندي ياش تشوبرا من بين آخرين.
وقد
برز المهرجان أيضاً باعتباره منتدى ممتازاً للعاملين في صناعة السينما
لبناء علاقات العمل والتحدث في مشاريع سينمائية جديدة. وشهد مسرح قرية
المعرفة تنظيم عدد من الجلسات الحوارية التفاعلية بين الحضور والمخرجين
وخبراء صناعة السينما.
يقول
ستيفينسون: "جذب مهرجاننا في دورته الثانية عدداً من أكبر الأسماء في
صناعة السينما العالمية بالفعل. فقد عبر عدد من ألمع التنفيذيين في
صناعة السينما على مستوى العالم مثل باري اوزبورن و سمر ريدستون وآلان
لاد عن اهتمامهم العميق بمهرجان دبي السينمائي وعن حرصهم على متابعة كل
التطورات التي سيحققها هذا الحدث مستقبلاً."
وقد
حضر فعاليات المهرجان أكثر من مئة وخمسين ضيف يمثلون أكبر المهرجانات
السينمائية في العالم إضافة إلى شركات التوزيع والمبيعات والإنتاج
والمعاهد السينمائية. وشهد الحدث منتجون من المملكة المتحدة والولايات
المتحدة وكندا وفرنسا ولبنان والأردن ومصر كانوا منشغلين في التنسيق
والاتصال مع نظرائهم من المنطقة في المناسبات واللقاءات التخصصية التي
نظمت على هامش المؤتمر.
ويبدو
أن منظمي المهرجان قد حققوا خطوة أخرى في اتجاه إنجاز هدفهم من وراء
المهرجان وهو تنمية ودعم صناعة السينما في الإمارات العربية المتحدة.
تقول
الدكتورة أمينة الرستماني، المدير التنفيذي للمنطقة الحرة للإعلام
والتكنولوجيا في دبي: "حظي المهرجان بشعبية كبيرة على الصعيدين الداخلي
والخارجي واستطاع أن يتحول إلى دافع بالغ الأهمية لصناعة السينما
مستقبلاً في دبي."
وأكدت
أن عدداً من المخرجين والموزعين العالميين ممن حضروا المهرجان عبروا عن
اهتمامهم في الاستفادة من دبي كمكان لتصوير المشاهد وكقاعدة لعملياتهم
في هذا الجزء من العالم.
وقالت:
"تلقينا في مدينة دبي السينمائية حتى الآن ستة عروض لإنتاج أفلام هنا
في دبي، بينها عرضان من هوليوود واثنان من مصر هذا إلى جانب اهتمام
كبير من جانب المستثمرين في تأسيس منشآت سينمائية في دبي."
ويتفق
دروف داوان مخرج الأفلام التسجيلية الذي يعمل في دبي مع الدكتورة
الرستماني بقوله إنه كان يتوقع نمواً كبيراً في أعداد المواهب
السينمائية داخل الإمارات العربية المتحدة التي يمكن لها أن تكون
داعماً قوياً متطور لصناعة السينما المحلية. ويشير إلى أن كل مراحل
إنتاج الفيلم السينمائي ابتداءً ببناء الفكرة وحتى ما بعد الإنتاج
مروراً بالتصوير أصبح من السهولة بمكان إنجازها بالاعتماد على المواهب
والمنشآت السينمائية المتوفرة في الإمارات. ويقول: "لقد أنجزت فيلمي
بالاعتماد على المواهب المتوفرة في الإمارات من بدايته وحتى نهايته.
ولم أكن بحاجة لأي خبرات من أي مركز سينمائي خارج الدولة. بل إن
الفنانين حين عرفوا بأن ما أعمل عليه هو مشروع سينمائي مستقل وليس
مشروعاً تجارياً بادروا بتقديم المساعدة لي بكل ما لديهم من مهارات
وخبرات. وأنا على ثقة بأن المزيد من الأفلام ستنتج داخل الإمارات هذا
العام."
وكان
داوان يتحدث عن فيلمه التوثيقي "من الرماد" الذي شارك في المهرجان
وتدور قصته حول حياة ثلاثة رجال نجوا من كارثة تسونامي في سريلانكا بعد
أن عاشوا كل فصول المأساة.
وقد
تطلب العمل الكثير من الجهود لضمان تنظيم ناجح وسلس للمهرجان حيث عمل
أكثر من 350 متطوع بلا كلل خلف الكواليس لجعل التنظيم قصة نجاح كبيرة.
وبين هؤلاء المتطوعين طلاب ومهنيون وممثلون واعدون من الإمارات
والعالم. وتنوعت مهامهم بين استقبال الحضور وترتيب الجلوس وحجز التذاكر
وفي المقابل حصلوا على فرص رائعة لمقابلة بعض نجوم السينما من ضيوف
المهرجان. وإلى جانب المتطوعين كان هناك 250 موظف، 20 منهم شاركوا في
الدورة الأولى كمتطوعين.
وقد
أطرى الضيوف كثيراً على المواقع التي شهدت فعاليات المهرجان في مدينة
جميرا ومول الإمارات. كما نال الموقع الثالث وهو المسرح المفتوح في
مدينة الإعلام الذي استضاف عروض الهواء الطلق إعجاباً بالغاً من قبل
الحضور، حيث حضر أكثر من 3000 شخص "عروض سينما الهواء الطلق" الخاصة
بأفلام العائلة التي قدمت على مدى خمسة أيام في المسرح المفتوح والذي
شهد اكتظاظاً كبيراً في كل ليلة من ليالي العرض. وشملت البرامج
التشجيعية للحضور "عرض الأفلام الستة" الخاص الذي يقدم ست تذاكر بسعر
خمس فقط. وقد حقق البرنامج نجاحاً جماهيرياً كبيراً مع اشتراك 2800 شخص
به.
كما حقق المهرجان حضوراً إعلامياً قوياً في وسائل
الإعلام العالمية مع تغطية أكثر من 650 صحفياً له. وقامت مؤسسات
إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية ببث فعاليات المهرجان ميدانياً إلى
مختلف أنحاء العالم من سريلانكا وحتى الولايات المتحدة مروراً بمصر
والمملكة المتحدة وسويسرا وكوريا الجنوبية والهند وفرنسا وغيرها. |