"أخذت
أفكر فجأة كم سيكون أمراً بديعاً لو أنني أستطيع التمتع بمجال منفتح
على سطح الماء." وكانت الفكرة آسرة لدرجة أن فاندايل بدأت على الفور
بوضع مخطط لبيتها العائم على قصاصة ورق.
وأضافت
قائلة "اتصل بي أصدقائي ليخبروني أنهم سيتأخرون." لكني أحسست لحظتها
أنه ليس مهماً أبداً إن حضروا والتقينا أو لم يحضروا على الإطلاق. فقد
كان ذهنها مشغولاً بما هو أهم. وفي التاسعة ليلاً أنهت فاندايل المخطط
الأولي. وكان الظلام قد اشتد فاضطرت للاستعانة بضوء مصباح صغير متصل
بقلمها كي ترى ما الذي كانت ترسمه.
في
الصباح التالي كان جمال الفكرة قد تلاشى، وحلت مكانه شكوك كثيرة.
ودفعها ذلك في وقت لاحق لاتخاذ قرار بالتخلي عن الفكرة، بعد أن اقتنعت
بأنه لن يتاح لها تنفيذ مخططها.
لكن
الفكرة لم تغادر ذهن فاندايل.. "بل بقيت في عقلي الباطن. وبعد تلك
الليلة كنت في كل مرة أزور الخور فيها أتساءل لماذا لا أسعى
لتنفيذها".
بعدئذ،
اتصلت فاندايل بمهندس معماري إماراتي شاب يبلغ من العمر 23 عاماً، هو
أحمد إبراهيم. وكان أحمد آنذاك قد تخرج للتو من الجامعة الأمريكية في
الشارقة. وتتذكر فاندايل أنه أجابها على اقتراحه بقوله "ولمَ لا،"
وهكذا بدأ العمل في المشروع الطموح.
وفي
المرحلة التالية، حيث بدأ العمل يسير قُدٌماً، تقول فاندايل "كنا
نتقاتل مع المهندسين حول جميع التفاصيل. وكان علينا أن نعيد التفكير
بالعديد منها."
"تكييف
الهواء كان واحداً من الأشياء التي احتاجت لعمل وتخطيط طويلين. فالمولد
الذي سنستخدمه كان كبيراً لدرجة أن إخفاءه في أي مكان كان تحدياً
كبيراً." وأوضحت فاندايل أنها كانت تجاهد لتتفادى التضحية بجاذبية
المظهر من أجل توفير الراحة. فما كانت تريده هو أن يجمع بيتها العائم
كلتا المزيتين سوية.
وأشارت
أن "كلما كانت الأشياء أبسط، كلما ازدادت صعوبة الجمع بينها." فلقد كان
من الصعب المحافظة على مظهر البساطة المريحة للعين لأن ذلك كان يتطلب
إخفاء العديد من العناصر التي في العادة تؤدي لتشتت تركيز
العين.فالتصميم المبني على أساس مخطط مفتوح يثير شعوراً بالحرية، بينما
الهيكل الزجاجي الخارجي يوفر الكثير من الضوء للغرف الفسيحة. وكان
المنزل يتكون من طابقين يضمان في الطابق العلوي غرفة نوم وغرفة معيشة
ومطبخاً.
والمنزل العائم يوفر جميع وسائل الراحة التي يوفرها أي منزل آخر. وتقول
فاندايل "لقد أردت استخدامه كمنزل، ولذا فإن الأهم فيه أنه يكون قابلاً
للعيش فيه." وهكذا، فإن منزل فاندايل العائم مجهز حتى بمكنسة كهربائية
وغسالة آلية. بل إن هناك طاولة خاصة للكمبيوتر، مطوية في خزانة جدارية،
لكي تبقى فسحات الغرف خالية قدر الإمكان من كل ما قد يحرف النظر.
والمنزل – القارب ذكي أيضاً. وتشرح فاندايل ذلك بقولها إن كل شي على
"أو دي سكويزيتو" بدءاً من الستائر والمصابيح الـ 120، مروراً بنظام
الملاحة ومكبرات الصوت القوية وانتهاء بمرايا الحمامات المضادة لتكاثف
البخار، تعمل بنظام التحكم عن بعد. وهو مجهز أيضاً بنظام كمبيوتري
يراقب وضع القارب أثناء ارتفاع الموج ومشاكل الكهرباء. والبرنامج مصمم
بحيث ينبئ فاندايل عبر رسالة قصيرة نصية في حال اكتشاف أي خلل.
لم يكن
من السهل الإشراف على بناء المنزل العائم الذي يبلغ طوله 20 متراً
وعرضه 7 أمتار وارتفاعه الإجمالي 8.5 متر، كمما تقول فاندايل. فلقد
استغرق بناؤه أكثر من عامين بقليل. وخلال تلك الفترة كان على فاندايل
العمل مع ما لا يقل عن 40 مورداً. وقد استوردت جميع المصابيح الـ 120
والأضواء الثابتة من بلجيكا خصيصاً للمشروع. وقام معمل إيطالي لا ينتج
إلا أفضل القطنيات بتوريد المناشف والشراشف.
وقالت
فاندايل إن رؤية "أو دي سكويزيتو" ينزلق بسلاسة بالغة على صفحة مياه
البحر لأول مرة تجربة ساحرة. وأضافت في حديثها أمام الصحفيين عند تدشين
منزلها في 21 ديسمبر الماضي "لقد بقيت مستيقظة على مدى ثلاثة أيام
بلياليها نتيجة الإثارة والقلق بانتظار رؤية بيتي يتعمد بالماء لأول
مرة. ويومها تصاعدت صيحات التهليل في الميناء عندما أثبت المنزل متانته
وإبحاره السلس على سطح الأمواج. وقد أبحر المنزل يومها إلى ميناء
الحمرية في الشارقة.
وقد
اتصل كثيرون بفاندايل بعد ذلك وعرضوا عليها الملايين لشراء المنزل.
لكنها غير متأكدة إن كانت ترغب فعلاً بالتخلي عن منزلها العائم الذي
تكلف بناؤه حسب قولها ما بين 3 و 3.5 مليون درهم.
وعبرت
فاندايل عن اعتقادها بأنها غير قادرة الآن على إعطاء جواب حاسم عما إذا
كانت مستعدة للتنازل عن المنزل الذي أبدعته مقابل الثمن المناسب. لكنها
ولثقة من شيء واحد. فهذا المنزل لن يكون آخر إبداع عائم تنتجه فاندايل.
فهي الآن تعمل على وضع المخططات لمكاتب عائمة وفندق عائم أيضاً. |