إذاً ما هي الوجهات
المتاحة؟ إذا انطلقت من دبي، فإن افضل الأماكن التي يمكن أن تقصدها
بالسيارة لتستكشفها أو لتسترخي أو تهرول فيها هي: وادي دفتا ووادي
العشواني ووادي هيل في الفجيرة وأي واد آخر اصغر تمر به وأنت في طريقك
إلى "منعطف حتا". غير أن العين هي وجهة أفضل وتتمتع بالعشرات من
الأماكن الجميلة والممتعة قريباً منها. ومن أبوظبي، فإن كل أماكن
التريض والاستكشاف القريبة هي مواقع رملية، أما إذا أردت بلوغ الجبال
والوديان فعليك قطع مسافات طويلة.
أقدم فيما يلي أوصافاً
مقتضبة لهذه الوجهات. ومن يريد معرفة مواقعها بدقة والحصول على تفاصيل
أكثر عنها، يمكنه مطالعة "مستكشف البر" أو"الدليل الأخضر للإمارات".
يوجد وادي دفتا مباشرة
إلى الجانب الأيسر من طريق مسافي- الفجيرة يؤدي إليه درب ترابي غرب
القرية يصل غلى الوادي وواحة دفتا. حين تزور المكان، عليك أن تتذكر
دوماً أن المزارع هناك هي مصادر رزق المزارعين هناك وعليك أن تتعامل
معها باحترام. الناس هناك عموماً لطفاء ومضيافون جداً، غير أن الحال قد
تتغير إذا ما أصبح الزائر مصدراً للإزعاج. الماء يوجد في كل مكان
تقريباً في وادي دفتا، غير أن بلوغ بركة ماء جميلة ربما يتطلب منك بعض
المسير. كما توجد أيضاً وفرة من أشكال الحياة النباتية والحيوانية
تنتظر أصحاب البصيرة ليلمحوها. الحقول البور أماكن مناسبة للتعرف على
النباتات البرية المزهرة مثل القرنفل الصغير (ديانثوس سيري) وإبرة
الراعي (جيرانيوم ماسكاتنس) الحمراء القانية. أما على جوانب سواقي
المزارع، فتكثر السراخس وزهور الحماض الصفراء (أوكزاليس كورنكولاتا)
وعنب الدب (فيزاليس ماجور) بزهوره غريبة الشكل ذات الزوايا الخمس
وثماره المخروطية المشابهة للجرس.
على جوانب الوادي يمكن
أن يعثر المرء على السحلية (إبيباكتوس فيراتريفوليا) التي لا يتوقع
الكثيرون أن يجدوها في الصحراء! وتجد أنواعاً متنوعة من اليعاسيب فوق
السواقي والبرك. كما تمكن رؤية سحالي عمان الكبيرة بين صخور الوديان
كما عثر هناك على أنواع نادرة من السَّقنقور، وهي صنف من السحالي
الصغيرة. وبمقدور مراقبي الطيور الصبورين رؤية العديد من أنواعها وهي
تجول فوق النباتات، مثل أبو بليق بريشه الأسود والأبيض والوروار الأخضر
فيما يكثر في المنطقة حمام النخيل.
من الأماكن الرائعة
الأخرى للرحلات
وادي حيل حيث يوجد القصر الشرقي لشيوخ الفجيرة وهو واد يقع إلى اليمين
من طريق مسافي-الفجيرة.
وهناك،
ما تزال المباني
المتداعية للقصر القديم مهيبة وتستحق الزيارة لرؤيتها عن قرب.
وحين
لا يحتبس المطر طويلاً، تجد عادة في قاع الوادي بعض البرك
المحتفظة بماء يكفي
للغطس.
السهول الحجرية إلى
يسار الوادي عادة ما يعثر فيها على رسومات رائعة على الصخور. لكن مع
انتشار الكسارات أخيراً في المنطقة، أصبح من الصعب مصادفتها.
وعلى
كل حال، فإن البحث عن الأشياء هو نصف متعة الرحلة لأن البحث هو الذي
يجعلك تصادف كنوزاً لا تتوقعها، مثل نباتات الخبيزة المزهرة (هيبيسكوس
ميكرانتوس)- التي تبقى أزهارها متفتحتة حتى الضحى فقط.
على الجانب الآخر من
قاع الوادي تجد شجيرات كبيرة من البازلاء البرية بيضاء
الأزهار(تافيرنييرا غلابرا) أو اللبلاب أبيض الأزهار (كونفولفولاس).
وقد
أمضيت ذات مرة نهاراً
بأكمله أصور امتداداً مذهلاً من الأزهار القرمزية.
ويؤوي
الوادي مجموعة من الحيوانات مثل العلجوم والأفعى والحشرات مثل بقة
الماء الضخمة وعقرب الماء. والأخير يوجد وهو يطفو على الماء مقلوباً
رأساً على عقب ولا تبرز منه فوق سطح الماء سوى إبرته، لكن هذا الذي
يبدو وكأنه إبرة ما هو إلا أنبوبي هواء رفيعين وكأنهما قشة للتنفس.
يمكن بلوغ وادي
العشواني بالسيارة بالتوجه إلى السيجي حيث يوجد إلى اليمين من طريق
الذيد-مسافي. وعادة ما يصبح الوادي والبحيرات المجاورة بعد هطول المطر
مواقع محببة للرحلات حيث يقصدها من لا يتهيبون الدخول بعيداً عن
الطريق.
لكن يمكن للمتريضين
والمستكشفين العثور على مواقع أجمل بالتقدم أكثر نحو أعلى الوادي.
الواحة عند نهاية الدرب فيها جدران حجرية جميلة من خام النحاس وحقول
بور بامتدادات واسعة من نباتات شوكية.
وبعد المطر تمتلئ الأرض بالنباتات المزهرة مثل الخبيزة (مالفا
بارفيفلورا) والخردل (يوروكاريا هيسبانيكا) الأرجواني الشاحب وكزبرة
الثعلب (أناغاليس أرفينسيس) الزرقاء البراقة.
القطط البرية والقنافذ
تستوطن المكان، لكن عليك أن تبقى ليلاً حتى تستطيع أن تراها. أما
الحمير البرية فهي الثدييات الكبيرة الوحيدة التي تصادفها نهاراً.
التريض على امتداد
الوادي تجربة رائعة خصوصاً بعد المطر حين تكون البرك ممتلئة والحقول
مغطاة بالأزهار البرية والأعشاب والفراشات.
وفي
المواسم المطيرة الطيبة، تجد نباتات البنفسج الصغيرة (فيولا سينريا)
وهي تغطي الأرض بين الصخور. وقريباً من إحدى البرك الكبيرة ستجد الموقع
الوحيد الذي ينبت فيه الجعفيل
الطفيلي (أوربانش سيرونا)
الذي يعيش
متطفلاً على جذور نباتات أخرى مثل الشوك الصحراوي (ليسيوم شاوي).
أما
الخروج إلى المناطق الرملية
فهو
تجربة مختلفة بالكامل. وللأسف فقد أصبح من الصعب الآن العثور على أماكن
لم تؤذها قيادة سيارات 4×4
بدون مراعاة
لها. إن هذه
الممارسة هدامة للبيئة الصحراوية لأنها تؤدي إلى
انضغاط
الرمال وبالتالي فإن البذور فيها تصبح عاجزة عن الإنتاش، كما أنها تهدم
أوكار الأفاعي والقوارض الصغيرة والسحالي وتقتل هذه الحيوانات غالباً.
إن هؤلاء السائقين ليست لديهم أدنى فكرة عن جسامة ما يفعلوه، لأن
النباتات لا تكون ظاهرة بعد كما أن الأوكار مخفية تماماً عادة بين جذور
الشجيرات الصغيرة.
المنطقة شرقي طريق
المدام-الشويب تستحق أن تستكشفها مثلما هي المسطحات الرملية غرب طريق
السيجي- رأس الخيمة.
إن بلغت هذه الأماكن
باكراً فستتمكن من رؤية آثار الحيوانات التي كانت تسرح ليلاً.
وأثر
أقدام العَضَل المثلثة، وهو من فئران الصحراء الكبيرة، حاضرة في كل
مكان، وأحياناً تجدها تتقاطع مع الأخاديد المتوازية التي يتركها ثعبان
الرمل السام.
كما أن طبعات
أقدام الثعالب الضيقة تتميز عن أثر الكلاب لأنها أصغر وغالباً ما تكون
للثعالب الحمراء.
والآثار
"اليسروعية" الشكل التي تجدها متلوية حول الشجيرات تكون قد تركتها
الخنافس، أما الطبعات الكبيرة ذات الأصابع الأربعة بخط يمتد بينها فهي
لسحلية تمشي وتجرجر ذيلها.
فإذا
ما تبعت أثر هذه الأخيرة فسيقودك ربما إلى مدخل مسطح هلالي الشكل- وهو
وكر سحلية أم جبين
الكبيرة. هذه الحيوانات العاشبة الشبيهة بالديناصورات الصغيرة تعيش في
أراضي الإمارات منذ 20 مليون عام! وهي معتادة على الخروج من أوكارها
لتسرح وتدفئ نفسها لبضع ساعات في الصباح أو قبيل الغروب. وغالباً ما
يكون بالإمكان الاقتراب منها كثيراً دون أن تهرب وما أروع منظرها! لكن
لا تدع الرغبة في إمساكها تغلبك لأنها لا تعيش في الأسر!
الصحراء تمتد أمامنا فاتحة ذراعيها لنا جميعاً لنستمتع بجماله، لكن يجب
أن نكون حريصين عليها لأن ما نخربه اليوم ربما لن يعود أبداً. |