وأوضحت
أن ذلك ينطبق على صفوف السابع والثامن والتاسع، أما بعد ذلك، فالطالب
يخير في نظام شهادة الدراسة الثانوية العامة (في صفي العاشر والحادي
عشر) بين دراسة المسرح، التربية الرياضية، علم الأغذية وبعض المواد
الأخرى.إلا أنه من بين كل 140-150 طالباً في نظام شهادة الدراسة
الثانوية العامة يختار ما بين 40-45 طالباً دراسة الفنون.
وأضافت
كرامة "نحن نعتبر الفنون موضوعاً كاملاً، ولذا على الطلاب دراسته
بتعمق. وهذا يشمل معرفة ومهارات استخدام التعابير الأساسية والمواد
والأدوات والنهج الفكري لكل نوع من الفنون. فهناك منهج مفصل يوجب على
كل طالب القيام بأبحاثه الخاصة وتعلم شتى الأساليب وتقديم أعمال
تحريرية مهمة. وفي الواقع، يساعد النقد الفني الطلبة على تطوير مهارات
الملاحظة والتحليل والتفسير والتقييم القابلة للتطبيق على نواحي
الدراسة الأخرى. ونفس الشيء ينطبق على المواضيع الأخرى مثل التربية
الرياضية أو المسرح التي تنطوي أيضاً على دراسة شاملة ومعمقة."
وأشارت
إلى أنه "ليس هناك طرق مختصرة للدراسة. فعلى الطالب أن يكون مستعداً
للكثير من الجهد. فهناك خمس دروس فنون أسبوعياً في نظام شهادة الدراسة
الثانوية العامة وثمانية دروس فنون في نظام البكالوريا الدولية. أي أنه
يمكن لطالب أن يرسب في مادة الفنون إن لم يبذل جهداً كافياً." ومن هنا
تبرز أهمية مستوى المدرسين في المدرسة – وهم من المؤهلين المتخصصين
المكرسين لتعليم الطلبة.
وأعربت
كرامة عن فخرها بمدرسي الفنون في المدرسة، "فخبرتهم كبيرة إلى درجة
تجعل من الممكن حتى للطالب الضعيف أن يحصل بسهولة على مقعد في نظام
الثانوية العامة إذا اتبع توجيهات المدرس." لكن القبول في برنامج
البكالوريا الدولية (للصفين 12 و13) ليس بتلك السهولة. "فالمقياس هناك
صعب للغاية. فحتى لو نال الطالب في مادة الفنون خمس علامات، وهي تعادل
C،
فإن ذلك يعتبر إنجازاً كبيراً."
إن
المعايير الموضوعة لمادة الفنون في الباكالوريا الدولية تتطلب من كل
طالب أن يصبح فناناً حقيقاً وأن يفكر كفنان حقيق خلال دراسة المادة.
وعلى الرغم من أنهم يعلمون المفاهيم ويشجعون على التفكير خارج إطار
المألوف، فإن مجالاً كبيراً من الحرية الشخصية يترك مفتوحاً لهم. وتقول
كرامة "نحن فقط نعلمهم الأسلوب لكن كلاً منهم يترك حراً لاختيار ما
يمثل أفكاره وآراءه. فكل ما عليهم الالتزام بمعيار محدد، وعندما
يتفهمون تلك العناصر الأساسية، يفسح أمامهم المجال لاستغلال قدراتهم
الإبداعية. صحيح أن هناك هامش للخطأ في الفنون عموماً، لكن هناك حيز
فسيح للصحيح. وفي مجال الفنون ليس ضرورياً أن تكون نتيجة واحد + واحد =
اثنين. ففي إطار المعايير التي تحدد الصواب يمكن للطالب تجسيد رؤياه
الخاصة، تاركاً المجال لخياله بما يطلق عقال طاقاته الكاملة."
وشبهت
كرامة تلك العملية بالطفل الذي يتعلم المشي والذي يحتاج في البداية بعض
المساعدة للقيام بخطواته الأولى. "ولكن ما أن يتقن ذلك، يترك المجال
له. وقد أصبح ذلك واضحاً خصوصاً في نهاية الدورة، عندما لا يعود الطلبة
بحاجة إلى مساعدة المدرسين. ففي البداية كما نغرق تحت طوفان من
الاستفسارات وطلب التوضيحات، ولكن قرب نهاية الدورة أصبح كل من الطلبة
يعمل لوحده بعد أن طور أسلوبه ومنهجه وصار لكل منهم نمطاً مفضلاً يعمل
بموجبه، وعند ذلك يتراجع المدرسون إلى الخلف، تاركين لهم العمل على
سجيتهم."
وقالت
"إن ذلك في رأيي هو علامة تميز، لأنه يعني أنهم تعلموا كيف يهتمون
بأنفسهم. فالحرية الإبداعية والاستقلالية اللتين يتمتع بهما جعلت منهم
أفراداً ذوي شخصيات متميزة. وأعتقد أن ذلك هو الهدف الحقيقي، ليس للفن
وحده لكن للتعليم عموماً."
إن
تعليم الفنون إذاً يساعد الطلاب على تملك المهارات التي ستغدو ضرورية
لنجاحهم على المدى الطويل، فالإضافة إلى تطوير المهارات الإدراكية
والحسية، تعتبر الفنون حافزاً قوياً للطلبة لتطوير الانضباط الذاتي
والمهارات الاجتماعية. كما يمنحهم أيضاً فرصة تجسيد ما تعلموه،
وبالتالي الوصول إلى إدراك أوسع وإلى تخزين المادة التي تعلموها في
أذهانهم.
وتقول
كرامة "إن جدران المدرسة مزينة باللوحات والصور التي رسمها الطلبة أو
التقطوها بأنفسهم أو بإشراف الأساتذة. فحيثما نظرت ستجد شيئاً يغدو
مصدر وحي للطالب. لكن معظم الطلبة يميلون إلى استرداد أعمالهم عندما
ينهون دراستهم. وأظن أن تلك إحدى النقاط السلبية الناجمة عن وجود إدارة
فنون قوية- ألا وهي تمكين الطالب من إنتاج أعمال جيدة يكره التخلي عنها
عندما يغادر المدرسة."
ويشجع
الطلاب أيضاً على جمع البطاقات والصور المثيرة للاهتمام، كما أنهم خلال
دارستهم يتعرضون إلى إمكانية ربط أعمالهم بفنانين أو ثقافات أو حركات
فنية أو أشكال من الفنون الإثنية المعروفة. وتوضح كرامة ذلك بقولها
"ينبغي على الطلاب أن يكونوا قادرين على تطوير وعرض التحاليل الأساسية
للأعمال الفنية من منظور بنيوي وتاريخي وثقافي، ومن مزيج منها جميعاً.
فنحن نعلمهم ليحصلوا على معرفة واسعة الاطلاع على أعمال فنية مثالية من
ثقافات متنوعة وفترات تاريخية مختلفة، وعلى فهم التطور التاريخي
للمدارس الفنية إجمالاً وفي إطار الثقافات المختلفة."
وتعتبر
زيارات المعارض الفنية والجولات في الطبيعة، عندما يسمح الطقس، لممارسة
الرسم بجوار الخور أو في البستكية جزءاً من منهاج مدرسة الإمارات
الدولية. وذكرت كرامة "إن دراسة الثقافة المحلية أو زيارة مدينة جميرا
تعتبر ضرورية، كما يمثل مركز ابن بطوطة للتسوق معرضاً حقيقياً لتمازج
الثقافات التي تتيح للطلبة فهماً أفضل لموضوع الدراسة."
ولو
سلمنا بأن الفنون تتعلق بالإبداع وحده، فهل هي فطرية أو هل يمكن
تطويرها في طفل لا تبرز فيه موهبة فطرية؟ تجيب كرامة عويضة "هنالك
طريقتان للنجاح في الفن: إما أن تكون موهوباً، أو أن يكون لديك اهتمام
حقيقي بالموضوع. ففي الحالة الأولى، من الطبيعي أن تكون ممارسة الفنون
أسهل. لكننا شاهدنا مراراً أن طلبة لم يولدوا موهوبين أبرزوا عبر العمل
الشاق والتصميم القوي نتائج أفضل من الموهوبين."
وقالت
كرامة "نظراً لأن المنهاج يستنزف وقت الطلاب، فإن إدارة الفنون لا تجد
وقتاً للقيام بأنشطة متعلقة بالفنون. فهذه المدرسة تنظر بالكثير من
الجدية للفنون، ولذلك، غالباً ما يبقى الطلبة بعد انتهاء ساعات الدوام
أو يداومون يوم الخميس لاستكمال أعمالهم. فنحن لسنا الإدارة الوحيدة في
المدرسة، وعلى الطلبة التركيز على المواد الأخرى أيضاً."
وتشير
كرامة إلى أن تجاوب الأهل كان مشجعاً. وتضيف " كثيراً ما حدث خلال فصل
دراسي أن عبر لنا الأهل عن مفاجأتهم بالتقدم الذي حققه أولادهم، وكيف
أنهم لم يعتقدوا أبداً أن ابنهم أو ابنتهم كان ممكناً أن ترتقي لهذا
المستوى. فتقدير البيت للجهد الكبير الذي يبذله الطلبة أمر مشجع للغاية
لنا أيضاً."
في
الصف التاسع تقوم إدارة الفنون بإيضاح ما تتطلبه دروس الفنون للطلبة
والأهل في يوم محدد قبل اختيارهم لها. كما يحدث نفس الشيء قبل انتقال
الطلبة لمستوى البكالوريا الدولية. وتعرض أعمال الطلاب لكي يرى
المستجدون مستواها الذي ينتظر منهم الوصول إليه. وتقول كرامة "نحاول
إيجاد الطلاب القادرين على اختيار الفنون مادة أساسية أو الطلاب
المتميزين في الفنون والقادرين على حمل عبء المادة في البكالوريا
الدولية. فالدورة تحتاج لمهارة عالية في إدارة الوقت وهناك مواعيد
ينبغي الالتزام بها بين حين وآخر. ولذا، فإن كان الطالب يعتقد أنه لن
يتمكن من مواجهة ذلك، فمن الأفضل له اختيار شيء آخر. إلا أن دراسة
الفنون في الجامعة تحتاج خلفية قوية، ومادة الفنون في البكالوريا
الدولية تتيح لكم ذلك المستوى."
وترى
كرامة أن هناك العديد من مجالات العمل بالنسبة لأولئك الذين يختارون
الفنون مادة أساسية "فهم يستطيعون اختيار ما يتراوح بين هندسة العمارة،
مروراً بالتصميم الفني، الديكور الداخلي، تصميم الأزياء، التصوير،
الصور المتحركة وتصميم اللوحات التوضيحية إلخ، واللائحة تنمو
باستمرار."
تؤمن
كرامة أن الفن مهم لتعليم الطفل. وتقول "أيمكنكم تصور عالم بدون فنون؟
الفن يلامس كل جانب من جوانب حياتنا. ولننظر حولنا كي نرى كيف يتجسد
حتى في الأشياء التي نستخدمها يومياً مثل الثياب التي نرتديها، الأحذية
التي ننتعلها، الحقائب التي نحملها، وهلم جراً. من صممها؟ من اختار
ألوانها؟؟ لننظر إلى تصميمات الأثاث والسجاد والمجوهرات... فالفن يحكم
الحياة لأنه يرتبط بكل ما نراه."
إن
الفن لغة تحتضن أجيالاً وثقافات لا حصر لها. وأي شكل من أشكاله يرسخ
الوعي بالثقافات الأخرى ويساعد على فهمها في الماضي والحاضر. ولذا فإن
برنامج فنون قوي في مدارسنا ينمي المعرفة الثقافية في مجتمعنا.
وتختتم
كرامة حديثها بالقول "في مدرسة الإمارات الدولية يتم الارتقاء بالفن
إلى مستوى مختلف لأن هذه المؤسسة التعليمية تمنح طلبتها الفرصة في
التميز ومواجهة التحديات الكبرى وتمكنهم من التعرف على طاقاتهم من أجل
تحقيق النجاح." |