وبعد
أقل من خمس دقائق، توقف الرسام وتراجع للخلف، فيما كنا ننظر بحيرة.
وعاد الرسام ليتقدم للأمام، ثم أمسك اللوحة وقلبه بحيث أصبح عاليها
سافلها. وعندما نظرنا إلى اللوحة التي يبلغ ارتفاعها مترين، رأينا
أمامنا وجه المغفور له، صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول
رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة!
وبعد
ثوان من الصمت والذهول، انتشرت البسمات على وجوه الحاضرين، واندلعت
عاصفة من التصفيق إعجاباً وتقديراً. فقد شاهدنا عرضاً مدهشاً للمهارة
الفنية الرائعة التي تركت 400 شخص يتساءلون كيف أمكن للفنان القيام
بذلك.
يصف
فرانك بوروليك نفسه في موقعه على الإنترنت بأنه "رسام الأداء". ويجمع
أسلوبه بين فن الرصيف والهيب هوب وفن رسم الملصقات، مع لمسة خفيفة من
الكاريكاتير لتقديم إنتاج انطباعي مفعم بالمشاعر للجمهور في دقائق
قليلة. وهو فن آسر يتميز بالدفء ولا يفقد أبداً تأثيره.
إلا أن
تلك اللوحة كانت البداية فقط. ففيما كنا نستمتع بتناول العشاء، أخذ
فرانك يعمل على رسم لوحة طول خمسة أمتار تجسد جوانب مختلفة من تطور
مجموعة الحبتور. وعلى الرغم من أن هذه اللوحة كانت أحادية اللون،
وبالأبيض أيضاً، فقد استغرق إنجازها ساعة ونصف الساعة. لكنها كانت
نموذجاً مذهلاً بحق لعمل فني يتم بسرعة فائقة. وقد سمعت تعليقات بعض
الحضور ممن كانوا يلبون الدعوة للصعود إلى المسرح ومشاهدة الفنان خلال
إبداعه. وقد ذكر بعضهم كم كانت رائعة الحروف العربية التي يحملها شعار
الشركة، لكن دهشتهم كانت بالغة عندما علموا أن الفنان لا يقرأ العربية
ولا يكتبها.
لقد
كان تجسيد مجموعة الحبتور الذي أنجزه الفنان خلال وقت وجيز يمثل إطاراً
رائعاً لوجبة العشاء المتميزة التي أبدعها كبير الطهاة بول هيج وفريقه
من العاملين في فندق الحبتور جراند ريسوت وسبا. كانت المأكولات لذيذة
من أولها، وهو طبق كركند عماني، مروراً بوجبة من السمكة الحمراء، ولحم
الضأن الأسترالي وطبق الحلوى بما فيه من جوز البرالين، كان كل شيء
رائعاً بنكهاته اللذيذة التي تواصلت خلال حفل العشاء.
قامت
بتنظيم الحفل شركة محلية هي ويسبرز التي سبق لها أن نظمت عدداً من
المناسبات الكبرى في مختلف فنادق دبي الرئيسية. أما زيارة قاعة الأندلس
حيث أقيم الحفل، في الليلة السابقة له، فلم تكن توحي بأن الليلة
المقبلة ستشهد مثل ذلك الحفل الباذخ. بل ربما كانت توحي بأنها ستشهد
حفلة لفرقة روك موسيقية. وكان بالإمكان تخيل ستيف تايلور وفرقة
آيروسميث يتفقدون أجهزة الصوت في الجانب الخلفي للقاعة. |