المفاوضات الجارية بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة
تثير موجة قلق عارمة. ومع تحديد عام 2006 لإقامة حفل التوقيع، يجري هنا
التصدي لموجة القلق وجهاً لوجه. لكن السؤال الذي مازال يطرح نفسه هنا
هو – هل ستكون الإمارات العربية المتحدة التي تشهد ازدهاراً اقتصادياً،
والتي هي الشريك التجاري الثالث للولايات المتحدة في المنطقة، في وضع
أفضل من دون الاتفاقية؟ فهناك العديد، على سبيل المثال، ممن يشعرون بأن
الاتفاقيات الثنائية ستضعف وحدة مجلس التعاون الخليجي.
ففي رد
فعله على توقيع البحرين مؤخراً على اتفاقية مماثلة، قال وزير الخارجية
السعودي الأمير سعود الفيصل "من المقلق رؤية بعض أعضاء مجلس التعاون
يدخلون في اتفاقيات ثنائية مع قوى دولية... ويعطون الأولوية لذلك على
الحاجة للتصرف الجماعي... وهم بذلك يقلصون قوة المفاوضة الجماعية ولا
يضعفون فقط التضامن داخل مجلس التعاون الخليجي ككل، بل يضعفون كل دولة
من أعضائه."
وهناك
قلق مضاعف بأن خطط مجلس التعاون الخليجي لإصدار عملة موحدة والالتزام
باتحاد نقدي قد تتعرض للخطر بسبب اتفاقيات التجارة الحرة الأمريكية،
وما قد تثير من تساؤلات حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي نفسه. بل كيف
سيمكن الحفاظ على وحدة الهدف إذا انتهى الأمر بتوقيع بعض الأعضاء على
اتفاقيات تجارة حرة وامتنع الباقون عن القيام بذلك؟
بعض
الأطراف القلقة تشك بدوافع أمريكا وتطرح أسئلة من قبيل "لماذا تريد
الولايات المتحدة بصورة مفاجئة دعم العرب باتفاقيات تجارة حرة؟ الإدارة
الأمريكية ليست حريصة على مساعدة الدول النامية، بل إنها تهتم قبل كل
شيء بالحفاظ على موقعها كقوة كبرى."
غيرهم
يتساءل ما الذي يجعل أمريكا تشعر بأنه من المفيد لها أن تعرض اتفاقيات
تجارة حرة ثنائية، في الوقت الذي تستطيع فيه، وبصورة أكثر جدوى، أن
توقع مع تجمعات من الدول، مثل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي
(المغرب، الجزائر وتونس)، بما تنتفي معه الحاجة لأشهر، بل لسنوات من
التفاوض والتكاليف والعمل المكتبي.
وهناك
قليل من النقاد الذين يصفون الإستراتيجية الأمريكية بالتعامل مع كل
دولة عربية على حدة بأنه "شق متعمد للصفوف". كما أنهم يثيرون الريبة في
دوافع الولايات المتحدة الكامنة وراء دخول تلك الاتفاقيات مع دول صغيرة
فقط (باستثناء أستراليا)، ويتخوفون من نوع من الإمبريالية الاقتصادية.
-
وعندما يتعلق الموضوع بالإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، فإن
عالم الأعمال يريد إجابات على الأسئلة العريضة التالية:
-
لماذا ينبغي على الإمارات العربية المتحدة أن تتكيف مع الجدول الزمني
الأمريكي بشأن التوقيع, عوضاً عن جدول يوضع ليكون مريحاً لها هي؟
وحيث أن الإمارات هي التي سيتوجب عليها القيان بمعظم التغييرات
الأولية، فذلك يبدو معقولاً.
-
لو
قررت الإمارات توقيع اتفاقية التجارة الحرة، فكيف ستتأثر علاقاته
البينية مع بقية أعضاء مجلس التعاون، وبعض الدول الآسيوية التي تقيم
معها علاقات تجارية متميزة؟ وإذا وجدت نفسها نتيجة لذلك معزولة
إقليمياً، فماذا سيكون أثر مثل تلك العزلة على الدولة من الناحيتين
الاقتصادية والسياسية؟
-
ما
مستوى الصادرات التي تطمح الإمارات بتصديرها للولايات المتحدة، شريطة
ألا ننسى ’شروط بلد المنشأ‘ [راجع عنوان ’شروط بلد المنشأ‘ أدناه
للتفسير]؟
-
ما
هو حجم القوة التي تملكها الإمارات العربية المتحدة عندما تتفاوض مع
الولايات المتحدة، تلك القوة السياسية العظمى الجبارة اقتصادياً؟
عند
التدقيق في شروط اتفاقية التجارة الحرة المكتوبة بخط صغير، تبرز نقاط
أخرى لخلاف محتمل، وخصوصاً ما يتعلق منها بالمستوردات الزراعية.
الزراعة
يبدو
أن التجارة بالمنتجات الزراعية قد صيغت بما يناسب التكتلات الأمريكية
العملاقة، وقد يؤدي ذلك لإغراق السوق بالمنتجات الأمريكية الزراعية
المدعومة والمسعرة بحيث تقضي على منافسة المنتجات المحلية المماثلة.
وفوق
ذلك، وباعتبار أن 30-40 من الذرة الأمريكية معدلة وراثياً، فهناك خطر
من تؤدي الذرة المستوردة من أمريكا لتلويث أنواع الذرة المحلية. ففي
خارج الولايات المتحدة مازال الرأي لم يستقر بعد حول ما إذا كانت
الأغذية المعدلة وراثياً ضارة بالبشر، وهي ممنوعة في العديد من الدول.
وتاريخ
أمريكا حول ’افعل كما أقول لك، لا كما أفعل‘ في الأمور التجارية، هو
محذور آخر. ففي حين تطالب أمريكا شركاءها في اتفاقيات التجارة الحرة
بفتح أسواقهم للبضائع والخدمات والاستثمارات الأمريكية فيما يتعلق
بالزراعة، فهذا القطاع يماثل شارعاً وحيد الاتجاه.
وهناك
قضية ذات صلة بالموضوع تتعلق بأستراليا. فبعد أن ضغطت صناعة السكر
الأمريكية بقوة، عمل المفاوضون التجاريون الأمريكيون على التأكد من
استثناء السكر من اتفاقية التجارة الحرة مع استراليا، وهي رابع أكبر
منتج للسكر في العالم، وقد كشف ذلك المعايير المزدوجة للحكومة
الأمريكية، وخصوصاً مطالبتها المتشددة بأن تقوم الدول الأخرى بتحرير
أسواقها في الوقت الذي تطبق فيه سياسة حمائية لمزارعيها.
وعندما
يصل الأمر إلى تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية مثل اللحوم
والألبان، كان نصيب أستراليا أيضاً اتفاقية غير منصفة من الولايات
المتحدة حيث لم تحصل إلا على الحد الأدنى من التنازلات.
والمثل
الأسترالي يثير تساؤلا: إذا كانت الولايات المتحدة تعامل أستراليا، وهي
حليف سياسي ودولة اقتصادية كبيرة بهذا التحيز والظلم، فماذا يمكن لدولة
صغيرة مثل الإمارات العربية المتحدة أن تتوقعه.؟
الملكية الفكرية
سيكون
على الإمارات بموجب الاتفاقية التزامات جديدة تتعلق بحقوق الملكية
الفكرية. وهذه الحقوق في جوهرها هي حقوق احتكار اصطناعية مسجلة للأشياء
غير الملموسة، مثل أساليب الأعمال على الانترنت، والعلامات التجارية،
برامج الكمبيوتر، التصاميم، عمليات التصنيع، التركيبات الدوائية، تطوير
أصناف جديدة من الأرز، إلخ.
وهذه
تعطي لمالكي الحقوق الفكرية الحق في تعويضات قانونية من الأفراد أو
الشركات الذين ينسخون أو يستخدمون "إبداعاتهم" دون موافقتهم.
فإذا
أصبحت الإمارات شريكاً في اتفاقية للتجارة الحرة في التزاماتها
وأعبائها بموجب حقوق الملكية الفكرية ستكون عديدة وكبيرة، وهي تشمل،
ودون حصر:
-
توسيع مدى حماية الأدوية ذات العلامات المسجلة وتقييد المستوردات
الموازية بما يجعل الأدوية المماثلة من علامات غير مسجلة بعيدة عن
متناول يد الجميع.
-
تسجيل براءات للنباتات والحيوانات، مما سينجم عنه عدم قدرة المزارعين
المحليين من استخراج البذور أو إعادة إنتاج أنواع الأسماك والماشية.
-
تسجيل براءات برامج الكمبيوتر مما سيوقف عمل المبرمجين المحليين
والحركات الإبداعية التي تدعو إلى فتح الموارد والتي تتكاثر بسرعة في
العالم كبدائل أرخص لمايكروسوفت.
-
التضييق في حماية حقوق الملكية، وهي تسبب حتى بوضعها الحالي عقبة
كأداء أمام الطلاب والمكتبات والمؤسسات التعليمية.
-
القضاء على نسخ البضائع الاستهلاكية الشعبية مثل المنتجات الرقمية
والثياب وأشرطة الفيديو والموسيقى والأقراص المضغوطة.
-
تحويل انتهاكات حقوق الملكية الفكرية إلى جرائم جنائية، رغم أنها تقع
حالياً تحت القانون المدني للإمارات.
واللائحة لا تنتهي...
وخلاصة
القول أننا عندما نضطر لأن ندفع رسوم الترخيص للشركات متعددة الجنسيات،
فإننا نضمن بذلك تعويضهم عن الأبحاث ورسوم التطوير، وبالتالي حماية تلك
الاحتكارات التي تتسبب في غالب الأمر في شلل اقتصادات الدول النامية.
الاستثمار
عندما
يصل الأمر إلى الاستثمار ضمن الإمارات العربية المتحدة فقد تجد الدولة
نفسها بمواجهة مشكلة في اتفاقية التجارة المقترحة
والأمر ببساطة أن الشركات الأمريكية تعترض في الغالب أن تملي الحكومات
الأجنبية عليها المطالب، وتطالب بالمساواة لها ولاستثماراتها مع
المستثمرين المحليين واستثماراتهم. وهذا شيء بعيد عن المعيار الدولي.
لقد
فرضت معظم الدول في وقت ما قوانين على المستثمرين الأجانب بما يتماشى
مع استراتيجياتها الخاصة بالتنمية. وفي العادة تضمن تلك القوانين
القادمة من الخارج تحقيق الفائدة ليس للمستثمر وحده، بل والأهم منه،
الدولة المضيفة.
وعلى
سبيل المثال تفرض معظم الدول في العالم قيوداً على ملكية صناعات أساسية
مثل الاتصالات أو النقل أو الطاقة، أو إذا سمحت بملكيتها بنسبة 100%،
فإنما وفقاً لشروط متشددة. وفي بعض الحالات أصدرت الدول قوانين أداة
تشترط على المستثمرين الأجانب توظيف نسبة معينة من المستخدمين المحليين
أو استخدام نسبة محددة من المواد المصنوعة أو المجمعة محلياً.
إلا أن
اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية تتضمن تعريفات عريضة غير محددة مثل
"المستثمر" و "الاستثمار"، وهي لا تميز بين الاستثمارات الأجنبية
والمحلية. ولذلك فإن المستثمرين الأجانب على قدم المساواة مع
المستثمرين المحليين ويمنحون حمايات عريضة وحقوق طليقة تتعلق بحرية
الدخول والتأسيس والعمليات والخروج من البلد. والاستثمارات في جميع
قطاعات الاقتصاد مغطاة بمعظم اتفاقيات الاستثمار الأمريكية الثنائية،
إلا إذا استثنيت بصورة محددة بأحد شروط الاتفاقية.
ما
يثير القلق أكثر هي الحقوق المفروضة التي تعطى للمستثمرين الأمريكيين
بموجب اتفاقية التجارة الحرة والتي تتيح لهم حل نزاعاتهم عبر التحكيم
الدولي لا عبر القضاء المحلي. وعلاوة على ذلك فإن آليات ملزمة، وسرية
في الغالب، تعطي المستثمرين الأجانب – وهو في الغالب من الشركات متعددة
الجنسيات – الحق في تحدي أي قانون محلي أو أنظمة أو إجراءات وسياسات
حكومية يزعمون أنها تؤثر سلبا على استثماراتهم.
قوانين المنشأ
تمثل
قوانين المنشأ الصفة التعريفية لتحديد الدولة التي تمت فيها صناعة
المنتج أو إنتاجه أو تصنيعه تحويلياً. وتلعب تلك القوانين دورا مركزيا
في الأنظمة التجارية بالنظر للسياسات التي تميز بين الدول المصدرة مثل:
الحصص، الرسوم الجمركية التفضيلية، سياسات عدم إهدار البضائع، الرسوم
المفروضة لمواجهة رسوم دعم الصادرات وغير ذلك.
وقوانين المنشأ بالنسبة لدولة الإمارات حساسة للغاية وقد تقيد البضائع
التي تستطيع تصديرها للولايات المتحدة. ويعود ذلك إلى أن أي معاملة
تفضيلية مشمولة بشروط اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا تشير فقط
للمنتجات التي منشؤها في الدولة الشريك أو تم تصنيعها فيها.
ولو
أخذنا في الحسبان هذا الشرط، فإن المرء يتساءل كم هي البضائع التي
سيسمح للإمارات العربية المتحدة بتصديرها لأمريكا، وما إذا كانت الدولة
ستستفيد من الاتفاقية من ناحية واقعية.
هناك
في الحقيقة فجوة تجارية كبيرة في الإمارات والولايات المتحدة. ففي عام
2003، بلغت الصادرات الأمريكية للإمارات 3.5 مليار دولار، فيما صدرت
الإمارات لأمريكا ثلث ذلك، أي 1.1 مليار دولار.
الخدمات
إن فتح
الطريق نحو تجارة حرة للخدمات قد يقيد من قدرات الحكومة على ضمان وصول
مواطنيها للخدمات الأساسية الكافية بتكلفة معقولة. وإزالة القيود
والأنظمة الحكومية، سواء كانت بيئية، أو اجتماعية أو خدماتية، والتي
تعتبر "حواجز تجارية" قد يؤدي لتراجع مستوى حياة المواطنين.
الأساسيات
بعيداً
عن المخاوف الواقعية، هناك مخاوف سياسية جوهرية حول اتفاقية التجارة
الحرة
المقترحة.
والولايات المتحدة لا تخفي رغبتها في توقيع
اتفاقية التجارة الحرة
الشرق أوسطية التي تضم بعضاً من الدول العشرين في المنطقة بحلول عام
2013. وهي تتفاوض مع دول الشرق الأوسط حول إبرام اتفاقيات ثنائية فيما
تضع فيه ذلك الهدف نصب عينيها.
هناك
البعض من رجال الأعمال العرب، وخصوصاً الصناعيين والمصدرين، ممن
يعتبرون الأمر فرصة جيدة، بينما يشكك آخرون فيه ويتساءلون عما إذا كانت
اتفاقيات
التجارة الحرة
هي مجرد أسلوب آخر تتلاعب عبره أمريكا بالمنطقة تحقيقاً لمآربها
السياسية والاقتصادية.
فخلال
الأعوام القليلة المنصرمة، اتضحت الروابط بين مصالح الشركات والعولمة
والقوة العسكرية الأمريكية، تلك القوة التي تقوم بحماية الأعمال
الأمريكية الكبرى ومخططاتها الجيوبوليتيكية.
وقد
أصبح ذلك ملحوظاً بعد غزو العراق، عندما استبعدت الوكالة الأمريكية
للتنمية الدولية المقاولين الأجانب ومنحت عقوداً سخية لداعمي إدارة
الرئيس بوش وللشركات الوفية لها. ومثل هذا التصرف لا يدعو للثقة بنوايا
إدارة بوش في أن تكون عادلة في تصرفاتها.
ولذلك
لم يكن من المدهش أن ينظر كثيرون في المنطقة لاتفاقيات
التجارة الحرة
بعين الارتياب. ومعارضوها يؤمنون بأن الغرض الأساسي لاتفاقيات
التجارة الحرة
هو ضمان سيطرة الشركات الأمريكية العملاقة على كوكبنا وسحق المجتمعات
والاقتصادات التي تنتظم حول نظام مختلف مبني على القيم.
التوصيات
ينبغي
على الإمارات العربية المتحدة أن تعقد سلسلة من حلقات البحث وورشات
العمل لصالح مجتمع الأعمال الإماراتي إطلاع القطاع الخاص على الأسباب
التي تدفع الإمارات، على ما يبدو، نحو اتخاذ قرار بالتوقيع. وعوضاً عن
مفاجأة القطاع الخاص بالأمر الواقع، ينبغي على السلطات في الإمارات أن
تولي الثقة لرجال الأعمال، وتطلب رأيهم وتصغي باهتمام لوجهات نظرهم.
قبل أن
تضع الحكومة توقيعها على الاتفاقية، عليها أن تتأكد أن مصالح قطاع
الأعمال محمية تماماً. وعلى وجه الخصوص، يجب دفع تعويضات مناسبة
للأفراد والشركات من أصحاب التوكيلات الحصرية، والذين تتعرض أعمالهم
للخطر نتيجة
اتفاقية التجارة الحرة.
وعلى أقل تقدير، يجب أن يكونوا قادرين على وضع استثماراتهم في البنية
التحتية، العقارات، الآلات، الإعلان والترويج، إلخ، عندما يواجهون
تنافساً يخلو من التكافؤ.
قبل
التصديق على أي اتفاقية، يتشاور رجال الأعمال بدءاً من النمسا وانتهاء
بالأرجنتين، ونحن لسنا استثناء، مع مستشاريهم القانونيين حول أمرين
مهمين:
الأولى
تتعلق بمدة ومدى الاتفاقية، والثاني يتعلق بإنهاء العمل فيها. فهل
تنبهت الحكومة لهذين الأمرين في
اتفاقية التجارة الحرة؟
ذلك واجبها من أجل أجيال المستقبل ومسؤولياتنا تجاههم، وإلا فهناك خطر
من أن تصبح الاتفاقية يوماً ما أنشوطة حول أعناقنا.
على
الإمارات العربية المتحدة أن تكون واعية للفخاخ التالية المرتبطة مع
اتفاقية التجارة الحرة،
وأن تصر على الحصول على خيار الانسحاب أو استثناء تطبيق شروط معينة
فيها عند مناقشة أحكامها النهائية:
-
جميع
أشكال الإعانات المالية والدعم الموفرين الآن للمواطنين الإماراتيين،
يجب أن تشمل أيضاً المستثمرين الأمريكيين.كما أن المؤسسات المالية
الأمريكية يجب أن تحصل على معاملة لا تقل عن معاملة أندادها
الإماراتيين. فعلى سبيل المثال، إذا كانت البنوك الأجنبية تخضع
للضريبة في الدولة، فإنه من حق البنوك الأمريكية في الدولة أن تطالب
بالإعفاء الضريبي أسوة بالبنوك المحلية.
-
لن
تكون الشركات الأمريكية بعدئذ بحاجة لكفيل أو شريك من وكلاء الخدمة
المحليين. ولذا فإن رجال الأعمال الإماراتيين يواجهون خسارة كبيرة في
دخولهم. وفضلاً عن ذلك، فإن بعض الشركات المتميزة لن تكون مجبرة على
اختيار إماراتيين في إداراتها، وبالتالي سيكون مجال ارتقاء المواطنين
الإماراتيين لمناصب الإدارة العليا محدوداً للغاية.
-
حتى
في حالة بقي قانون الوكالات التجارية للإمارات العربية المتحدة
سارياً، فعندما تلغى اتفاقيات التوكيلات الأمريكية أو لا تجدد لدى
انتهاء مدتها، فإن أي تعويضات تدفع للوكالات المحلية ستخضع لقيود
محددة مسبقاً.
-
الشركات الأمريكية ستحصل على وضع مماثل أو أفضل من ذلك الذي تناله في
الوقت الحاضر شركات دول مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية
ومنظمة المؤتمر الإسلامي. ومع مرور الزمن، فإن منح تلك المعاملة
التفضيلية للشركات الأمريكية ستؤثر على علاقات الإمارات بتلك
الهيئات، بل وقد ينجم عن ذلك تمزقها.
-
إن
فرض تنفيذ قانون العمل الدولي قد يؤدي لقيام اتحادات عمالية. ونشوء
مثل تلك القوى الضاغطة قد يقود لمصاعب بالنسبة للاستخدام وإنهاء
الخدمات وزيادة التكاليف التشغيلية، مع احتمال حدوث إضرابات
واضطرابات اجتماعية.
إنه
لمن المهم بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تقيّم إيجابيات
وسلبيات
اتفاقية التجارة الحرة
والتأثير الصرف لتطبيقها، ليس فقط على مجتمع الأعمال وحده، بل على
المجتمع ككل. فما من شك أن الدولة تواجه قراراً هائلاً لا يجب النظر
إليه باستخفاف. ونحن في نهاية المطاف نثق، كالعادة دائماً، أن حكومتنا
ستفعل الأمر الصواب.
|