كانت منافسات بطولة دبي للتنس لهذا العام مطابقة للتوقعات تماماً، حيث فاز المصنفان الأول والأولى في العالم، روجر فيدرر وليندساي ديفنبورت بجدارة بكأسي فردي الرجال والسيدات. لكن البطولة لم تخل من أحداث درامية ولا من بروز عدد من النجوم الجدد.

كان استاد التنس في دبي مليئاً بالمتفرجين كل يوم من أيام البطولة تقريباً، وساعد على ذلك حضور الكثير من أبرز أبطال العالم، بينهم ستة من المصنفات العشر الأوائل والبطل الأمريكي الأسطورة أندريه أغاسي الذي لعب في دبي للمرة الأولى.

بدأت البطولة التي استمرت أسبوعين ببطولة سوق دبي الحرة المفتوحة حيث نجح فيدرر في الدفاع عن لقبه الذي فاز به في العامين 2004 و2003، فتغلب على الكرواتي إيفان ليوبيشيتس 6-1، 7-6 و6-3 في المباراة النهائية ليفوز ثلاث مرات متعاقبة بالبطولة.

وكانت النتيجة أيضاً الفوز السادس عشر لفيدرر على التوالي ببطولات اتحاد لاعبي التنس المحترفين والفوز الثالث هذا العام. ويؤكد ذلك أن البطل السويسري يحكم قبضته على اللعبة في أيامنا هذه. فقد سبق للبطلين السابقين المشهورين بيورن بورغ  وجو مكنرو الفوز فقط بـ 12 لقباً متتالياً خلال سيادتهما على الملاعب.

أما في بطولة السيدات، فقد أثبتت المصنفة الأولى الأمريكية ليندساي ديفنبورت مدى صلابتها أمام ابنة العشرين عاماً إيلينا يانكوفيتش حيث فازت عليها بنتيجة 6-4، 3-6، 6-4 في المباراة النهائية. وهذا هو اللقب 46 لديفنبورت التي تبلغ من العمر 28 عاماً. وقد وعدت بالعودة لدبي والدفاع عن اللقب العام المقبل إن لم تكن قد اعتزلت الملاعب بعد.

وأضافت "كانت مباراة متقاربة المستوى، وانتهت بفارق نقاط قليلة. لقد حرصت كثيراً على الفوز بهذه البطولة."وقد برزت يانكوفيتش المصنفة 28 عالمياً كواحدة من نجوم هذه الدورة. وهذه اللاعبة الصربية ليست غريبة عن دبي، حيث سبق لها الفوز بأول لقب لها في تحدي الحبتور للتنس في أكتوبر 2003 عندما كان عمرها 18 عاماً فقط.

وكانت تلك فاتحة خير لها حيث أن العديد ممن برزن في تحدي الحبتور للتنس أصبحن فيما بعد من نجوم بطولات التنس النسائية.لكن اللاعبة التي أثارت أكبر المشاعر لدى المتفرجين، كانت الهندية سانيا ميرزا التي فازت بأول مباراتين لها، وتمكنت في إحداهما من الإطاحة بنجمة بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، سفيتلانا كوزنتسوفا، قبل أن تطيح  بها يانكوفيتش في الدور ربع النهائي. وكانت ميزا التي أصبحت مؤخراً أول هندية تفوز بلقب إحدى جولات اتحاد التنس العالمي وذلك عندما فازت بكأس بطولة حيدرأباد المفتوحة، وقد قوبلت بتشجيع حار من آلاف المتفرجين الهنود و"المحايدين" في مبارياتها الثلاث.

الشقيقتان ويليامز تعرضتا لخيبة أمل كبيرة، حيث خرجت فينوس في المرحلة الأولي وتبعتها سيرينا التي انسحبت بعد إصابتها في مواجهتها أمام يانكوفيتش بعد خسارة المجموعة الأول 6-0 وكانت في طريقها لخسارة الثانية 3-4 عندما انسحبت. وقد عزت سيرينا إصابتها لنوع الطابات المستخدم في الدورة لأنه سبب لها رضاً في أوتار عضلات الكتف.

وقالت "أعتقد صادقة أن الطابات هي السبب. في آخر مرة لعبت فيها بنفس نوع الطابات، واجهت نفس المشكلة في كتفي. ذراعي تؤلمني كثيراً وقد رأيت أن لا أواصل اللعب كي لا تؤدي الإصابة لمشكلة أكبر."

وحيث كانت هذه هي المرة الأولى التي تبتدئ فيها بطولة دبي للتنس بمباريات الرجال، فقد تركزت الأنظار على مباراة الذروة في المرحلة الأولى، التي جمعت بين البريطانيين تيم هنمان وجريج رودسكي في مواجهة أطلق عليها اسم "معركة بريطانيا".

وقد اضطر هنمان الذي قبل دعوة استثنائية في اللحظة الأخيرة أن يقاتل بقوة ليهزم مواطنه بعد أن خسر المجموعة الأولى. وحجز بعدها مكانه في ربع النهائي  ضد ليوبيشيتش بعد أن هزم الروسي إيغور أندرييف في المرحلة الثانية.

اللاعب صاحب الشعبية الواسعة أندريه أغاسي لعب للمرة الأولى في دبي، وكان الملعب يمتلئ بالمشجعين في جميع المباريات التي خاضها. صحيح أن البطل الأمريكي ربما كان يقترب من النهاية الفعلية لاحترافه التنس، لكن أظهر أنه يمتلك جميع مقومات الاستمرار. فقد أزاح جانباً كلا من راديك ستيبانيك، فليسيانو لوبيز ونيكولاي دافيدنكو في أول ثلاث مباريات خاضها لينتقل إلى نصف النهائي في مباراة انتظرها الجمهور بفارغ الصبر ضد فيدرر.

وقد امتلأ الملعب عن آخره بالمتفرجين الذين انتظروا مباراة طويلة ومثيرة، لكن آمالهم خابت عندما شاهدوا مباراة من جانب واحد. فقد احتاج فيدرر، بطل ويمبلدون الحالي وبطولة أمريكا المفتوحة إلى 51 دقيقة فقط ليزيح أغاسي، في استعراض للقوة والكمال، وبنتيجة 6-3 و6-1. وكانت هذه هزيمة أغاسي السادسة المتتالية على يدي فيدررمنذ أن هزمه في نهائي ميامي ماسترز عام 2002.

في مباراة نصف النهائي الثانية، سجل ليوبيشيتش 13 ضربة إرسال صاعقة في طريقة لإخراج الإسباني تومي روبيردو في مجموعات متتالية، يتكرر بذلك المشهد النهائي الذي سبق قبل أسبوع في بطولة العالم للصالات المغلقة في روتردام وفي بطولة الدوحة قبل ذلك.

فبعد أن هزم ليوبيشيتش في روتردام والدوحة، بدأ فيدرر المباراة معتبراً أنه الأفضل، فانتزع المجموعة الأولى بنتيجة 6-1. لكن جمهور المتفرجين وقف وراء ليوبيشيتش بقوة مما دفعه للعب بقوة والفوز بالمجموعة الثانية بضربات فك التعادل. وفي الثالثة، تقدم فيدرر بنتيجة 2-0، قبل أن يعود الكرواتي لأدائه القوي ويحقق التعادل 2-2. لكن فيدرر لعب بصورة رائعة لينهي المباراة بنتيجة 6-3، وينتزع كأس بطولة دبي للعام الثالث على التوالي.

في بطولة الزوجي، فاز اللاعبان التشيكيان غير المصنفان راديك ستيبانيك ومارتن دام على المصنفين الرابعين فابريس سانتورو وجوناس بيوكمان بنتيجة  6-2 و6-4 في المباراة النهائية ، وهو فوز مستحق. أما المصنفتان بالمركز الأول للزوجي فيرجينيا روانو باسكوال وباولا سولريز فقد تغلبتا على الزوجي أليسيا مولسك وسفيتلانا كوزنتسوفا بنتيجة 6-7، 6-2 و6-1 لتفوزا بلقبهما الـ 27 في بطولات زوجي السيدات.

بعيداً عن مباريات بطولة التنس، وجد أبطال اللعبة الوقت الكافي للاستمتاع بالدفء وكرم الضيافة والكثير من الأمور الجذابة التي اشتهرت بها دبي عالمياً.

الشقيقتان ويليامز، مثلاً شوهدتا تقضيان وقتاً ممتعاً على الشاطئ، وقامت فينوس بجولة على الجمل بجوار برج العرب، ثم زارت سيدة متخصصة بالتزيين بالحناء.

ومما يشاع عن الشقيقتين أنهما تكرهان اللعب ضد بعضيهما البعض، ولذا فإنهما من النادر ما تدخلان نفس المسابقات الكبرى. إلا أن فينوس كما كان واضحاً قضت وقتاً بديعا في دبي إبان دورة العام الماضي، فأقنعت شقيقتها الصغرى بدخول بطولة العام الحالي.

ولعب أندريه أغاسي وروجر فيدرر مباراة على مهبط الهليكوبتر أعلى برج العرب في إطار التقاط فيلم ترويجي. أما تيم هنمان، فقد وجد الوقت لزيارة جزيرة النخلة، في الوقت الذي كان فيدرر فيه يتحدث فيه عن احتمال شرائه بيتاً للعطلات في دبي.

وقال اللاعب المصنف أولاً في العالم "إنني أفكر بشراء عقار هنا، وأنا أبحث لأرى إن كنت قادراً على اختيار المكان المناسب. فهنا أشعر أنني موضع ترحيب كبير."

لكن الحدث الأكثر إثارة جاء عندما قامت نجمة التنس الصاعدة سانيا ميزا، ذات الثمانية عشر ربيعاً، بزيارة المدرسة الثانوية الهندية. وكان ذلك في اليوم الذي أعقب هزيمتها لبطلة دورة أمريكا المفتوحة سفيتلانا كوزنتسوفا، فاستقبلها مئات الطلاب بحماس كبير.

وكان ميرزا قد اقتحمت عالم التنس عندما غدت أول هندية تصل الجولة الثالثة لإحدى بطولات جراند سلام، قبل أن تهزمها سيرينا ويليامز، بطلة دورة أستراليا المفتوحة بنتيجة 6-1 و6-4. وبعد أسبوعين دخلت التاريخ عندما انتزعت بطولة حيدرأباد المفتوحة بحضور زعيمة حزب المؤتمر سونيا غاندي، فكانت أول هندية تفوز بإحدى منافسات اتحاد التنس العالمي.

وخلال زيارتها للمدرسة، تحدثت ميرزا للطلاب عن التضحيات الضرورية للنجاح، وقدمت الكثير من النصائح العملية للطلبة المذهولين.

وقالت "مهما كان عليكم أن تفعلوا، سواء كان الدراسة أو العمل أو اللعب، عليكم أن تركزوا وتصمموا، لكن الأهم أن تجعلوا المرح جزءاً من أي شيء تفعلوه."

وقد أتيحت للطلبة توجيه بعض الأسئلة لبطلتهم، فحدثتهم بصراحة عن هواياتها، وكيفية استرخائها، وما هي الأشياء التي تهمها، وكيف وازنت بين المدرسة والتنس وكيف بدأت باللعب.

وكانت أجوبتها تقابل بالتصفيق الصادق. لكن أكثر ما أثار الطلبة كان جوابها عن شعارها في الحياة، حيث قالت "إنه لأمر لطيف أن تكون مهماً، لكن الأهم منه أن تكون لطيفاً."