كانت شركة يو
إس سبمارينز قد أسست عام 1993 وساهمت حتى الآن في بناء أكثر من 80 غواصة
ومشروع أعماق مأهول. غير أن معظم هذه الغواصات والمشاريع هي في معظمها
مبنية لأغراض البحث العلمي أو غواصات ركاب لصالح الصناعة السياحية.
خطرت فكرة
إنتاج غواصة شخصية فاخرة في ذهن جونز حينما كان يختبر غواصة سياحية جديدة
في جزيرة سانت مارتن في البحر الكاريبي عام 1990. فلمعرفته يومها أنه
سيعمل حتى وقت متأخر، دعا زوجته لترافقه وتتناول الغداء معه على الغواصة.
وما كان منه حينها إلا أن غطس بالغواصة إلى الأعماق ليتناولا وجبتهما تحت
الماء.
يتذكر جونز
ذلك اليوم وهو يتحدث إلى مجلة نيوساينتست قائلاً: "كانت مناسبة رومانسية
رائعة. قلت في نفسي: آه، لم لا؟ يجب أن تتاح الفرصة لمن يريد ذلك امتلاك
غواصة وتجربة هذه المناسبة الفريدة حيث يستطيع أن ينزل بها لأعماق البحر
ويمضي ليلته عند القاع."
غير أن
الغواصة التي تخيلها في ذهنه كانت تختلف عن تلك الغواصات التي بنيت حتى
ذلك الوقت. فغواصات أعماق البحر المنتجة لأغراض البحث العلمي ليست أكثر
من قمرات ضيقة محشوة بالتجهيزات ويجب نقلها إلى موقع الغوص بسفينة إسناد.
وحتى الغواصات السياحية الحالية التي يشغلها عدد من المنتجعات السياحية
في أنحاء العالم هي ذات مدى إبحار محدود، فيما لا توفر الغواصات العسكرية
لمن في داخلها ولو أدنى لمحة عن الحياة البحرية خارجها مع أنها قادرة على
الإبحار لمسافات طويلة.
وهكذا وضع
جونز يده على هذه الفجوة في سوق الغواصات وشرع من يومها في تصميم غواصات
فاخرة طويلة المدى قادرة على اجتذاب اهتمام الأثرياء جداً. وفيما أصبح
لشركته الآن زبائن ينتظرون إنتاجها لشرائها، أصبحت هي بدورها جاهزة
للخروج بمشروعها من مرحلة التصاميم.
يقول جونز:
حالما ننتهي من بناء منشأة التصنيع سنبدأ فوراً بإنتاج عدة غواصات فاخرة
بقياسات مختلفة لعدة مشترين.
غير أن جونز،
الذي فضل عدم الخوض في التفاصيل، قال إن المشترين المهتمين بانتاج شركته
تجمعهم صفة واحدة: كلهم أثرياء جداً. ويضيف: "إننا نصنف الزبائن
المنتظرين في ثلاث فئات. الفئة الأكثر اهتماماً بغواصاتنا تضم الغواصين
المحترفين وعشاق المحيطات من المهتمين جداً بعالم أعماق البحار ويتطلعون
لاقتناء غواصة فاخرة لتكون عربة يستكشفون بها هذا العالم.
"بوجود حوالي
2300 يخت ضخم تمخر البحار حول العالم حالياً، وبعضها يكلف أكثر من 150
مليون دولار، فإن المساحة المتاحة في لعبة التميز الفردي تضيق دوماً،
وبعض ملاك اليخوت يهوى فكرة امتلاك لعبة أضخم وأكثر تفرداً. كما أن
الغواصة الشخصية الفاخرة تدغدغ خيال الأثرياء الذين لم يسبق لهم أن
اقتنوا يختاً، لكنهم يهوون فكرة السفر تحت سطح الماء في محيطات العالم."
ويستطرد جونز
قائلاً: "نحاول تلبية طلبات كل أنماط عملائنا المحتملين من الشيوخ العرب
الأثرياء إلى زعماء الدول ومليارديرات الصناعة التقنية المتطورة. غير أن
كل هؤلاء يجمعهم شيء واحد عملياً وهو حرصهم الشديد على السرية."
تعمل هذه
الغواصة الفاخرة بمحركي ديزل تيربو بحريين حين الإبحار على سطح الماء،
فيما تتحول إلى الطاقة المأخوذة من البطارية القابلة لإعادة الشحن حين
الغوص في الأعماق حتى عمق 305 أمتار تحت سطح البحر.
عن ذلك يقول
جونز: "على سطح البحر تعمل الغواصة بشكل مطابق لطريقة عمل اليخت، مع أن
الغواصة أثقل وأبطأ حركة. فسرعة الإبحار للطراز سياتل هو حوالي 14 عقدة
لكنها ذات مدى عابر للمحيطات مما يسمح لمالكها بالإبحار إلى أي مكان في
العالم عملياً.
"حين تطفو
الغواصة يقودها قبطانها من حجرة القيادة المصنوعة من ألياف الأكريليك في
السطح الأعلى للغواصة. ومن هناك، تتوفر للقبطان رؤية ممتازة للمحيط
وإمكانية الوصول إلى كل التجهيزات الضرورية للتحكم والملاحة بما في ذلك
رادار ونظام تحديد الموقع العالمي.
"وحين تحين
ساعة الغطس، يوقف القبطان محركي الديزل ويحول الغواصة للمحركات
الكهربائية. بعد ذلك يتوجه لحجرة القبطان في أسفل هيكل الغواصة أمام
الردهة الرئيسية. ومن حجرته تلك يستطيع الحصول على رؤية ممتازة لبيئة
الأعماق من خلال منظار أمامي غاطس."
وفيما يكون
القبطان منشغلاً بقيادة الغواصة، يستطيع مالكها أن يستمتع بالرفاهية
المترفة داخل حجرات الغواصة الأنيقة المفروشة بأغلى الأقمشة ولوحات خشب
الماهوجاني الأحمر وأرقى أنواع الجلود الطبيعية والمزودة بتكييف هواء
شامل ونظام تحكم بالرطوبة. وإن شاء الزبون المدلل يستطيع أن يكلف أخصائي
الديكور الداخلي الذي يرغب به لتصميم الأثاث الداخلي لحجرات الغواصة.
يقول جونز:
"مهما كان العمق الذي تغطس إليه الغواصة، يبقى ضغط الهواء داخل حجرات
الركاب مماثلاً لضغط الهواء عند السطح وبالتالي لا يعاني الركاب من أية
أعراض بدنية من تلك التي يسببها تغير الضغط عند الغواصين. وهكذا يستطيع
نزيل الغواصة أن يبقى بها تحت الماء قدر ما يشاء من الزمن مثلما تستطيع
الغواصة الطفو والغطس بأي تواتر وسرعة دون أي ضوابط.
"تتضمن
الغواصة نظامين متطورين أحدهما مركزي للتكييف وآخر لدعم الحياة. بشكل
أساسي، يتم تخزين الأوكسجين في أسطوانات عالية الضغط خارج هيكل الضغط
للغواصة ويضخ إلى حجرات الركاب بهدف الحفاظ على نسبة ثابتة من الأوكسجين
في حجم الهواء وهي 21 في المئة. كما يصفى الهواء من غاز ثاني أكسيد
الكربون الناتج عن التنفس عبر تمريره على حبيبات كيماوية موجودة في داخل
نظام التصفية لامتصاصه. وتوجد في الغواصة أنظمة تدفئة وتبريد ونزع
للرطوبة يتم ضبطها حسب الحاجة. وعلى سبيل المثال، يحمل طراز سياتل 1000
ما يكفي من الأكسجين لبقائها تحت سطح الماء لأكثر من ثلاثة أسابيع
متواصلة دون أن تطفو."
ويؤكد جونز
على أن تجربة ونجاح وسلامة الغواصات السياحية توضح أن هذا النموذج يمكن
تطويره لبناء غواصات شخصية فاخرة مادام هناك مشترون مستعدون لدفع ثمنها.
يقول جونز:
"استقبلت صناعة الغواصات السياحية على مستوى العالم العام الماضي أكثر من
مليوني راكب وحققت عوائد بلغت 150 مليون دولار. ومنذ أن نزلت أول غواصة
سياحية معاصرة للبحر عام 1985، تم بناء أكثر من 45 غواصة لهذا الغرض بشكل
لم يعد معه الغواصون المدربون الزوار الحصريين لعالم أعماق البحار.
فاليوم، وبغض النظر عن العمر أو الحالة البدنية، يستطيع الناس تجربة
التعايش المباشر مع مخلوقات الأعماق التي لا تحصى وهم يتمتعون بوسائل
الراحة والهواء المكيف داخل الغواصة السياحية المعاصرة."
غير أن يو إس
صبمارينز تنوي المضي بمشاريعها لأبعد من الغواصات الخاصة، وذلك بخطط بناء
مساكن عائمة نصف غاطسة ذات طابق أول مغمور بأكمله بالماء بشكل يوفر لمن
ينزل إليه فرصة مشاهدة الحياة البحرية من النوافذ البانورامية على
جوانبه، إضافة لفنادق ومنتجعات سياحية تحت البحر.
وقد وقعت
الشركة فعلاً مذكرة تفاهم أولية لتصميم وهندسة الأجزاء الغاطسة من أول
منتجع سياحي تحت الماء ينتظر أن يصبح أشهر عقارات مدينة لاس فيجاس
الأمريكية. ويتضمن 500 غرفة تحت الماء بعد بنائه داخل بحيرة صناعية، كما
تواصل الشركة وضع الخطط لبناء أول منتجع سياحي دائم مبني على قاع البحر
في جزر الباهاما.
يقول جونز
أنه حال الانتهاء من بناء منشأة الإنتاج والبدء في تشغيلها فإن الأمر
سيستغرق ما بين ستة وثمانية عشر شهراً للانتهاء من أول غواصة، حسب
قياسها.
----------------------------------------------------------------------------------------------------
تنوي يو إس سبمارينز إنتاج عدة طرازات من الغواصات ومن
بينها:
ترايتون 650
مصممة
لإنزالها واستعادتها من على اليخوت الضخمة وتتمتع هذه الغواصة التي تتسع
لشخصين بالمقدرة على الغطس لعمق 200 متر.
نوماد 1000
تتمتع نوماد
التي يبلغ طولها 20 متراً بتصميم داخلي فاخر يماثل في الحجم طائرة خاصة.
وبمقدور الغواصة وهي السياحية الأولى التي تعمل بالديزل والكهرباء
استيعاب 24 أو36 راكباً حسب التقسيم الداخلي.
سياتل 1000
تماثل سياتل
بطولها البالغ 36 متراً يختاُ فاخراً بحجراتها الواسعة على سطحيها الأعلى
والأسفل.
فينكس 1000
بطولها
البالغ 65 متراً والمساحة الإجمالية لحجراتها الداخلية الموزعة على أربعة
طوابق، تمثل فينكس 1000 أقصى ما يمكن أن تبلغه وسيلة نقل خاصة. |