والأسواق على جانبي الخور لا تجتذب الناس لما فيها من مساومات التسوق
فحسب بل لما فيها أيضاً من أماكن تستهوي المتفرجين والمصورين.
ففي
ديرة استطاعت متاهة من الممرات الضيقة أن تنجو من الفورة العمرانية في
السنوات الأخيرة. وفي أزقة سوق التوابل, يستطيع الزائر تذوق أجواء وعطور
الزمن الماضي, حيث تتكدس أمام كل دكان أكياس التوابل والبخور والزهورات
والأعشاب الطبيعية التقليدية.
أما
في الأزقة الأوسع قليلاً في سوق الذهب, فواجهات المحلات مملوءة بالحلي
الذهبية من عقود وأقراط وخواتم وأساور ودبابيس, حيث يبلغ السوق ذروة
نشاطه في المساء. وأسعار المشغولات الذهبية هنا هي من بين الأرخص في
العالم. وتباع في الطرقات الصغيرة الأخرى النراجيل وأواني القهوة والشاي
التي تعتبر مقتنيات ذات استخدام يومي هنا.
إلى
جانب ذلك تجد المخابز التقليدية التي تخبز أرغفة الخبز الكبيرة الشهية
الخالية من الخميرة عند طلب الزبون لها وذلك في فرن مقبب يسمونه تندور.
كما تبيع محلات الأقمشة الصغيرة أشياء من مثل النقاب النسائي مزخرف
الحواف والبنطلونات النسائية مطرزة الحجول. أما في بر دبي فتكثر الأزقة
التي تنتشر على جانبيها محلات الأقمشة التي تعرض بهرجة ألوان من الحراير
والقطنيات في واجهاتها.
غني
عن القول إن التسوق قد تطور أيضاً مع تطور المشهد المعماري. و يظهر هذا
على أ فضل وجه في ساحة النصر في قلب ديرة التي يطغى عليها برج ديرة بقمته
الدائرية المميزة. إذ يتضمن برج دبي ملامح معمارية مصممة لتخفيف وقع
الصيف القائظ على شاغري المحلات والمكاتب والشقق ليكون نموذجاً معمارياً
على مزج العمارة المعاصرة مع المحيط الأقدم عهداً. وتستقطب الساحة
الراغبين في الإستفادة من جو المساومات الساخنة في محلات الكهربائيات
والملابس.
سوق
السمك في ديرة نقطة جذب للناس بحد ذاته. ففي الصباح الباكر وأواخر المساء
يبدأ الصيادون بإفراغ أكوام السمك الطازج ليبيعوه بعد جولات مساومات
ساخنة. في هذا السوق يمكنك معظم السنة أن تجد ما تريد من أسماك مثل
الهامور والبراكودا والنهاش الأحمر وسمك الملك والطونة والزبيدي والربيان
الكبير والشبوط البحري والحبار وغيرها بوفرة.
كانت
الحياة في دبي مترابطة دوماً مع البحر. فقساوة الصحراء أجبرت أوائل
المستوطنين في المنطقة على البحث عن أماكن عيش بديلة وسرعان ما أصبح صيد
السمك نشاطاً اقتصادياً مهماً. ولادة مهنة صيد السمك أدت بدورها سريعاً
لظهور الصناعات المتعلقة بها مثل القوارب وشباك الصيد وصيد اللؤلؤ وبدأ
تجار دبي يجوبون البحار بحثاً عن أسواق لبضاعتهم.
كان
الغواصون يجازفون بحياتهم وأوصالهم لجمع الأصداف من قاع البحر, وغالباً
ما كان يغطس الرجل منهم دقيقتين كاملتين دون أن تتجاوز عدته مشبكاً للأنف
وحجراً ثقيلاً يسحبه للأسفل. واكتسب لؤلؤ دبي شهرة عالمية جعلت من الغوص
عماد ازدهار المدينة حتى الأربعينيات من القرن الماضي حينما تطورت صناعة
تربية اللؤلؤ مما قلل الطلب جداً على أنواعه الطبيعية.
وقد
كان الخور المكان الذي تعود إليه قوارب الغوص بعد شهور تقضيها في البحر
ليلتقي الرجال بعائلاتهم ويبدأوا في تسويق رزقهم.
وهناك يمكن للزائر أن يستمتع بزيارة حصن الفهيدي في بر دبي الذي يحتضن
الآن متحف دبي ويوفر صورة عن الأيام الخوالي حينما كان يحمي مداخل
المدينة من ناحية البر. وكان الحصن الذي بني عام 1799 يمثل قصراً وحامية
وسجناً في وقت واحد.
جرى
ترميم الحصن عام 1970 ليستخدم متحفاً, ثم استؤنفت عمليات الترميم لتنتهي
عام 1995 وتضيف إلى الحصن صالات جديدة. وتوفر حجرات العرض المغلقة الغنية
بالألوان والتعابير إلى جانب المجسمات بالحجم الطبيعي ومؤثرات الصوت
والإنارة صورة حية عن الحياة اليومية في الأيام التي سبقت النفط. وتعرض
في الصالات مشاهد من الخور وصور معبرة للبيوت العربية التقليدية والمساجد
والأسواق ومزارع النخيل والحياة الصحراوية والبحرية.
وعلى
مقربة من مدخل الخور توجد قرية التراث وفيها يعرض الخزافون والنساجون
صنائعهم. وبين أنحاء القرية يستطيع الزائر أن يلقي بنظرة للوراء ويلتقط
لمحات من جو دبي قبل أن تستثمر مليارات الدولارات في بناها التحتية.
وتشكل قرية الغوص جزءاً من مشروع طموح يهدف لتحويل منطقة الشندغة بأكملها
إلى عالم ثقافي ترفيهي مصغر يقدم الحياة في دبي كما كانت في أيام مضت.
وقد
جرى ترميم بيت الشيخ سعيد آل مكتوم, حاكم دبي الأسبق وجَدِ حاكم دبي
الحالي سمو الشيخ مكتوم بن راشد أل مكتوم, ليرتفع مهيباً من جديد عند
تقاطع الشندغة مع الخور. ويحتضن البيت الذي بني عام 1892 مجموعة نادرة من
الصور والعملات والطوابع والوثائق التاريخية التي تسجل تاريخ دبي.
|