ويميز
البدوي السلوقي النجيب بعدة صفات وخصائص؛ فعلى أنفه أن يمتاز بالسواد أو
أن يكون بنياً داكناً، أي أن الأنف المبقع ليس علامة جيدة. وأسنان
السلوقي يجب أن تكون "ضاحكة" تنم عن فك قوي. وهناك بقع تشير إلى تميز
الكلب ونجابته، منها بقعة من شعر أبيض في وسط مقدمة الرأس تدعى "قبلة
الله"، وأخرى مشابهة في جوانب الرقبة يدعونها "بصمة الله".
البياض
في طرف الذيل يعني بأن الكلب صياد ماهر. أما البياض الممتد على الرقبة
فإنه يعني بأنه سريع العدو. وعلى الأذنين اللينتين أن تبلغا زاوية الفم.
أما الوبر بين أصابع القدمين ولبد القدم فإنه يقيه حرارة الرمل الساخن،
وأحياناً، تتم معالجة قدم السلوقي بالحناء التي تزوده بمناعة أكبر ضد
الحر. أما الصفة المسلية في السلوقي فهي الرائحة العطرة التي تنبعث منه،
وذلك لوجود غدة في مؤخرة رأسه تنتجها. وهذه الصفة تشكل سبباً آخر لإعزاز
البدوي لهذا الحيوان.
وخصر
الكلب يجب أن يكون من الضمور بحيث تستطيع أن تطوقه بكلتي يديك. وذنبه،
المريش في الأسفل، يجب أن يكون منثنياً إلا في حال المطاردة.
مشية
السلوقي هي ما نسميه "القفزة الازدواجية المعتقلة أو المعلقة" وهي تعني
بأن الأقدام الأربعة تعلو الأرض في حالتي الشد والإرخاء. ويستطيع السلوقي
أن يحافظ على سرعة 35 – 45 ميلاً في الساعة على مدى خمسة أميال.
وعندما
يهرول السلوقي فإنه يتبختر كأنه يعوم. إنها حركة جميلة جداً دون عناء.
وحركة "قفزة الجاسوس" مثيرة جداً، فهي قفزة عمودية تصل إلى 7 أقدام، يقوم
بها الكلب وقت المطاردة بحيث يتسنى له رصد وجهة طريدته. إنها إحدى خصائص
الصيد المميزة.
هناك
آراء متعددة بشأن علاقة السلوقي بأجداده القدماء. ولعل أكثر هذه الآراء
وجاهة هو ذاك الرأي الذي يربط السلوقي بكلب الصيد من نوع "الكيب". فهذان
الكلبان يشتركان في عادة "بدائية" تقوم بموجبها الإناث بمضغ الطعام ثم
إلقامه للجراء.
لقد أصبح
السلوقي سلالة كلاب مفضلة عند شعوب أخرى غير البدو. وهو كلب يصعب
الاحتفاظ به في البيت، لأنه بحاجة لكمية هائلة من التمارين، ويضجر بسرعة
لو انقطع عنها.
إن
الكلاب السلوقية ذكية، ولقد رصدت وهي تفكر بمشكلات وتأتي لها بالحلول.
وكان لي أن أراقب مرة "أدريان" في الحقل وهو يطارد أرنباً بريا. حتى ذلك
الوقت كنت أحسب بأن الأرنب البري قادر على النجاة بنفسه مهما كان، لأنه
قادر على العدو بأسرع من الكلب لو كانت لدية فسحة من الوقت. ولكني في يوم
من الأيام، كنت أجلس في موقع عال في سيارتي ذات الدفع الرباعي عندما شعر
"أدريان" بأرنب بري قريب منا. قام "أدريان" متبختراً خلف الأرنب بقفزات
طويلة هادئة ثم باغت الحيوان الصغير على حين غرة بسهولة ويسر، ولكنه لم
يمسك به بل تجاوزه ببعض القفزات القليلة، كي يعود إليه ويجفله بحيث أجبره
على قفزة جانبية غيرت طريقه كلياً. عندها تبعه "أدريان" واستمر في مواصلة
المطاردة المسلية بالنسبة له (إلا إذا حسب الأرنب شيئاً آخر). لقد رأيت
"أدريان" يعيد نفس الحركة مرتين بعد ذلك، قبل أن يترك الأرنب البري ينجو
بجلده، "فأدريان" يعي جيداً بأن هذا الأرنب لن يشكل طعامه ولا طعامي.
هناك
مركز لاستيلاد الكلاب السلوقية في الإمارات العربية المتحدة يقع في ساحات
مستشفى الصقور التابعة لوكالة أبحاث التطوير البيئي للحياة البرية بجانب
مطار أبو ظبي. وقد أسس هذا المركز ويديره السيد "حمد الغانم"، أحد
المتحمسين للكلاب السلوقية، والمركز يستولد الكلاب السلوقية الصحراوية
الصريحة ويدربها على الصيد.
ويجدر
بالذكر أنه ليس لكل الكلاب السلوقية أرجل وأذناب وآذان مريشّة، فهناك
سلالة معدلة، والمركز يحترم كلتا السلالتين. وليس من السهل أن يتم ترويض
هذه الكلاب، فهي تتبع طبائعها كثيراً. كما أن إخلاصها لا يرتبط بالطاعة
العمياء. ولكنها، في المركز، تدرب على أن تمسك بالأرنب البري دون أن
تقتله، وهذا يمثل إنجازاًَ مسلياً لحيوان مفترس.
هناك
الكثير من نوادي الكلاب السلوقية في أوروبا وأمريكا، حيث يتم تدريب هذه
الكلاب على الجري وعلى القبول بالحياة المنزلية.
إن من
أتيح لهم مثلي التعرف على السلوقي عن كثب، سوف يقعون في حب هذه السلالة
من الكلاب. ولقد سمعت السيد "حمد" يصف كلبه المفضل، وكان هو الوصف بعينه
للذي أود أن أعطيه لكلبي "أدريان"، قال: جميل، بهيج، حساس، مخلص، يحمي،
ذكي، أنيق، مرح ونبيل.
في القرن
العاشر الميلادي، قال أبو نواس:
أنعت
كلباً أهله من كدّه
قد سعدت
جدودهم بجدّه
وكل خير
عندهم من عنده
يظل
مولاه له كعبده
يبيت
أدنى صاحب من مهده
وإن عري
جلله ببرده ....
يا لك من
كلب نسيج وحده
أوافق
الشاعر على كل كلمة !
انتهت
علاقتي الخاصة "بأدريان" بعد 18 شهرا. فلقد كان يعدو في الصحراء عندما
أطلق عليه أحدهم النار، وكنت في غاية الأسى عندما رأيت ما تبقى منه.
يرقد
"أدريان" اليوم في موقع خاص بجانب الكثبان التي أحبها، تاركاً لي أثمن
ذكرياتي وأجملها خلال إقامتي في الجزيرة العربية.
|