مايكل فيلبس وكيلي هولمز والمنتخب الوطني العراقي لكرة القدم كانوا أبرز
الأسماء في أولمبياد أثينا هذا الصيف. لكن الإمارات العربية المتحدة
استطاعت أيضاً للمرة الأولى في تاريخ هذه الألعاب أن تحقق الذهب.
دورة
الألعاب الأولمبية السابعة عشر ستبقى حاضرة في الأذهان طويلاً لعدد من
الأسباب.
السبب الأول هو أنها ظلت ملفوفة بالشكوك حتى لحظة حفل الافتتاح الضخم. كل
الحديث في أنحاء العالم عن هذه الألعاب وحتى افتتاحها كان يدور حول أوجه
القصور التي اعترت استعداد اليونان للحدث الضخم سواء كانت تتعلق بالأمن
أو جاهزية المنشآت. غير أن البلاد التي ولدت فيها الحركة الأولمبية
الحديثة أثبتت خطأ المشككين وقدمت للعالم حدثاً سيتذكره على مر الأيام.
وفيما كان السياسيون والمسؤولون والإعلاميون يتساءلون، كان أبطال الحدث-
الرياضيون- يضعون خواتيم عمله لأربعة أعوام بتمثيل بلادهم أحسن تمثيل عل
أكبر مسرح عالمي.
أحد
هؤلاء الرياضيين كان يحمل على كاهله عبئاً أكبر من غيره. إذ لم يكن الأمل
الأكبر لبلاده بالحصول على ميدالية أولمبية فحسب، بل كان أيضاً يحمل آمال
المنطقة كلها بالحصول على مكان لها في الخريطة الرياضية للعالم.
غادر
الشيخ أحمد محمد حشر آل مكتوم دبي إلى أثينا مرشحاً أول لذهبية في
الرماية بعد أن كان قد فاز ببطولة العالم في العام السابق، غير أن الرياح
في الأولمبياد لا تأتي كما تشتهي السفن، كما كان يعرف حق المعرفة.
غير
أن الشيخ أحمد، وهو الابن الودود والطيب للعائلة الحاكمة ذات الاحترام
الكبير في دبي، عاد بعد أسبوعين من السفر بطلاً متوجاً بالذهب ليكون صاحب
أول ميدالية ذهبية أولمبية تفوز بها الإمارات.
وفي
دبي، استقبل الشيخ أحمد استقبال زعماء الدول وخرج به مستقبلوه يجوبون به
شوارع المدينة التي اصطف عليها الآلاف من سكان دبي على اختلاف جنسياتهم.
وفيما لا تزال ضخامة إنجازاته حاضرة في الأذهان يواصل الشيخ أحمد
الاحتفال بتلك اللحظات المجيدة.
يقول: "كان شرفاً عظيماً لي أن أفوز بذهبية أولمبية للإمارات. لكن ما
أشعرني بالسعادة حقاً هو قدوم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصياً
للمطار لاستقبالي. كان ذلك مصدر فخر كبير لي، لم أكن أحلم به. هذه
الميدالية لأبناء الإمارات كلهم، وإنجازي لهم."
وقال
سمو الشيخ محمد للحشد الكبير الذي تجمع في مطار دبي الدولي إن الذهبية
الذي حصل عليها الشيخ أحمد تشعره "بالفخر العظيم" ووصف ذلك بأنه "نصر
كبير للإمارات".
وأضاف: "حين تأهل للأولمبياد كنت على يقين أنه سيحقق إنجازاً كبيراً وقد
فعل."
الشيخ أحمد لم يفز بالذهبية فحسب، بل حقق النصر بأسلوب مميز يؤكد مكانته
الكبيرة كأحد أهم الرياضيين في تاريخ هذه اللعبة. ففي التصفيات سجل رقماً
قياسياً أولمبياً جديداً باهراً بإصابته 144 هدف من أصل 150 رمية في
اليوم الأول. أما الفضية فكانت من نصيب الهندي راجيافاردان سنغ الذي حل
ثانياً بعد الرامي الإماراتي بالترتيب العالمي.
وقد
احتفت الإمارات كلها بإنجازات الشيخ أحمد حيث كافأه سمو الشيخ زايد بن
سلطان آل نهيان رئيس الدولة بخمسة ملايين درهم فيما منحته اللجنة
الأولمبية ا وميدالية ذهبية في كأس العالم.
ورغم
كل المشككين كانت النتيجة التي توصل إليها قبل أولمبياد أثينا هي أن عدوه
الأكبر هو نفسه. وأنه إذا ما استطاع التغلب على الشكوك التي تراوده فإن
النصر سيكون بمتناول يده.
يقول: "لم يكن لدي في واقع الأمر أي شيء لأثبته لأي إنسان. كل ما كنت
بحاجة له هو التركيز على مسؤوليتي تجاه بلدي. عرفت أن عدوي الأكبر هو
نفسي ولهذا وضعتها تحت ضغط هائل أثناء التصفيات الأولمبية بعد بطولة
العالم في نيودلهي.
"مرت
بي لحظات أخذا أشك فيها بأسلوبي. شيئان اثنان جعلاني قادراً على التماسك
والمتابعة في تلك الأيام: الضغط الذي كان يتعاظم داخلي والرغبة في تحقيق
حلم كبير للإمارات."
لكن تلك
المخاوف سرعان ما ذهبت بها الرياح القوية التي كانت تنتظر المتسابقين في
ميدان ماركو بولو للرماية الأولمبية.
|