أدت عمليات البناء المكثفة لجزيرة نخلة جميرا إلى إبعاد الكثير من أنواع
الحياة البحرية من موقع بناء إحدى أكبر الجزر الاصطناعية في العالم، لكن
الجهود تبذل حاليا لإعادة الحياة عن طريق إنشاء عدد من الحيود البحرية
الاصطناعية. ويحدثنا بن سمولي عن ذلك.
عندما أعلنت دبي عن خططها لبناء جزيرتين عملاقتين مقابل شاطئ الجميرا
بشكل شجرة النخيل، أثار علماء البيئة مخاوف حول تأثير هذا المشروع الضخم
على الحياة البحرية والأنظمة البيئية الدقيقة الموجودة تحت مياه الخليج
العربي.
مع انتهاء إنشاء أولى الجزيرتين - نخلة الجميرا – قامت شركة نخيل المطورة
للجزيرة بإعادة إدخال الحياة إلى المياه الكريستاليه الزرقاء المحيطة بما
يسمى الآن بعجيبة العالم الثامنة. هذه الجزيرة محاطة بكاسر هلالي الشكل،
ووراء هذا الكاسر تقام الحيود البحرية الاصطناعية لجذب الأسماك ،الكركند
وأنواع بحرية أخرى لتشكل بيئة زاخرة بالحياة حيث يتعايش الإنسان
والطبيعة.
وقد تم إغراق طائرة بوينغ 737 ، طائرة مقاتلة روسية، حافلة من لندن، وسفن
متعددة وبدأ ذلك بالفعل بجذب الحياة البحرية إلى النخلة، لكن هناك محاولة
ستبدأ بنوع جديد من الحيود البحرية المصممة لتعتني بالتراب البحري وتحسين
البيئة البحرية.
يدعى هذا النظام بحاجز روندي، ويتألف من قوالب خرسانية بإرتفاع 2.5 متر
يتفرع منها أعداد كبيرة من الأنابيب البلاستيكية معادة التكرير لتغطي
مساحة نمو تصل إلى 250 مترا مربعا، بالإضافة إلى 340 مترا من التجاويف
داخل الأنابيب. وعندما تبدأ الأعشاب البحرية والكائنات العضوية الأخرى
باحتلال الحاجز، سيكون هناك أمل بأن تجتذب الحماية التي يؤمنها الحاجز
للأسماك والأنواع البحرية الأخرى التي ستبدأ بالتطور.
تم تطوير الحاجز عن طريق شركة أنظمة الحيود البحرية النرويجية، وبعد
تجربة ناجحة في خليج نورد في هذا البلد الإسكندنافي، تقوم بتنفيذه في
نخلة الجميرا شركة كيودو الدولية بالتعاون مع جائزة زايد الدولية للبيئة
وبدعم من جمعية الغوص الإماراتية.
يقول داغ ايرك نوردلي نائب رئيس الشحن في كيودو الدولية: "في البداية هذا
المشروع هو تجريبي، وبنهاية شهر نوفمبر سنقوم بتركيب ثلاثة حواجز
اصطناعية خارج الكاسر الهلالي لنخلة الجميرا، وسنقوم بمراقبة التطورات
حتى شهر مايو 2005 حيث ستقام ندوة لمناقشة المعلومات التي سنجمعها."
قامت كيودو الدولية بتعيين عالم أحياء بحرية من السويد لمراقبة تطورات
الحيود بمساندة علماء من جامعة الإمارات في العين، ويبقى التفاؤل كبيرا
بنجاح هذا المشروع في دبي.
يقول نوردلي: "تضمنت التجارب التي أقيمت في النرويج تركيب هذه الحيود في
أماكن تعرضت لتدهور في بيئتها البحرية، وبعد سنتين كان الفرق كبيرا.
فقد عادت الكائنات العضوية المجهرية، وعادت الأسماك، السرطانات، الكركند،
والغطاء النباتي المهم جدا لتنظيف البحر، لكن النرويج بيئة مختلفة تماما
عن الشرق الأوسط. البحر هنا دافئ جدا ومالح وأصبح أكثر ملوحة لأن مخلفات
محطات تحلية المياه ترمى في البحر. كما أن تبديل مياه الخليج يستغرق
قرابة سبع سنوات لندرة الأنهر التي تصب فيه ولضيق مدخله في مضيق هرمز
بينما تتبدل مياه بحر البلطيق كل ثلاث سنوات. لكني أتوقع أن أرى نموا على
الحيود خلال ثلاثة أسابيع، فقد كان هناك نموا على الطائرة الروسية خلال
شهر من إغراقها، وأنا أرغب برؤية ما يشبه ثلاث نخلات تحت الماء في شهر
مايو المقبل تحتوي على الكثير من الخضرة والأسماك والأصداف حولها، على
الرغم من أنني لست متأكدا أن فترة الأشهر الستة كافية لهذه التطورات لأن
الأمر تطلب سنتين في النرويج للوصول إلى هذه المرحلة. لكن العلماء الذين
يراقبون التطورات فوجئوا جدا بالنتائج ويقولون أنها حتى الآن أحسن بكثير
مما توقعوا."
لقد رأى السيد نوردلي بنفسه مدى التخريب الذي يمكن أن يتسبب به الإنسان
للبيئة البحرية وذلك في بلده النرويج، مما يجعله متحمسا أكثر لضمان أن لا
يحصل نفس التخريب بدبي. فقد نشأ في أوسلو في بداية الخمسينات من القرن
الماضي، في وقت كانت عمليات إعادة تطوير المدينة تتضمن بناء ضواحي جديدة
وإدخال أنظمة المياه الدافقة في دورات المياه، ولكن بكل أسف قررت السلطات
أن يتم تفريغ أنابيب المجاري في الخلجان بشكل مباشر.
يقول نوردلي "كانت الشواطئ رائعة في موطني، ولكن خلال سنوات قليلة لم يعد
باستطاعة أحد أن يذهب للسباحة في أي مكان. وقد تطلب الأمر قرابة 20 سنة
لإعادة المياه إلى جودتها السابقة، وقد عشت هذه الأمور خطوة بخطوة ولا
أرغب برؤيتها تتكرر هنا في دبي، وهو أمر قد يحصل بسهولة إذا تم إهمال
البيئة البحرية."
|