لقد صدمنا ونحن نشاهد رئيس دولتنا يلغي مختالاً الحقوق القانونية المهمة
لشعب مظلوم. وكان مثيراً للسخط رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون
يقف إلى جانبه وعلى وجهه ابتسامة عريضة.
وشارون هذا
ينبغي أن يحاكم كمجرم حرب، لا أن يستقبل بالتكريم في البيت الأبيض. فقد
ثبت تورط شارون من قبل هيئة تحقيق رسمية إسرائيلية في قتل المئات من
الفلسطينيين العزَّل في مخيمات اللاجئين في بيروت. وفي نفس السنة، كان
شارون هو الذي خطط لقصف مدينة بيروت جواً مما أودى بحياة 18.000 من
المدنيين الأبرياء. وكانت الطائرات والمدافع والذخائر التي استخدمت في
تلك المذابح تقدمة من الولايات المتحدة.
وقبل ثلاثة
أعوام، أضاف شارون الكثير إلى سجله الإجرامي عندما أمر بسلسلة من
التوغلات الهمجية في الأراضي الفلسطينية، وهي التوغلات التي خلفت وراءها
موتاً ودماراً على نطاق واسع. وخلال الأشهر الأخيرة، ومن دون توفير أي
سند قانوني، أمر باغتيال عدد لا يحصى من الفلسطينيين لمجرد الشك بأنهم
إرهابيون. وكان بينهم قائد إسلامي مشلول الأطراف يحظى باحترام واسع، وقد
مزقته أثناء خروجه من المسجد على كرسي متحرك طائرات الهليكوبتر المقدمة
لإسرائيل من الولايات المتحدة.
إن تلك
التصرفات الشريرة لأقصى الدرجات، ليست غير قانونية فحسب، بل إنها تنتهك
القواعد التي يسنها كل دين سماوي، بما فيها اليهودية. وعلاوة على كل ذلك،
يواجه شارون اليوم اتهامات بالفساد وجهها إليه الادعاء العام الإسرائيلي.
وبوش يحاول إعادة اعتبار هذا الوغد وتحسين الآفاق السياسية لرئيس الوزراء
الإسرائيلي عبر الموافقة على خطته القاضية بشطب الحقوق المشروعة للشعب
الفلسطيني المطرود من أرضه.
وتوقيت ذلك
الحدث، من ناحية تأثيره على المصالح الوطنية الأمريكية، أمر يتعذر فهمه.
فالرئيس بوش يتصرف وكأنه غافل تماماً عن حقائق الوضع في الشرق الأوسط.
فالأضرار التي يلحقها بالعرب في فلسطين ستثير العرب في العراق والعكس
بالعكس. وكان بوش في خطاب متلفز ألقاه في الليلة السابقة لاجتماعه مع
شارون، قد حث الدول الأخرى، بما فيها الدول العربية، على المساعدة في
إخماد أعمال العنف الدامية والمتصاعدة ضد القوات الأمريكية التي تحتل
العراق، وهي دولة ذات أكثرية مسلمة مثل فلسطين. وأحد أسباب ذلك العنف هو
إدراك العراقيين لمشاركة الحكومات الأمريكية الطويل الأمد في الهمجية
الإسرائيلية ضد جيرانهم الفلسطينيين العرب.
ومما لا شك
فيه أن إعلان بوش عن توجيه ضربات قانونية جديدة ضد الفلسطينيين سيضيف
وقوداً للمشاعر الملتهبة ضد الأمريكيين في العراق. وذلك يعادل تماماً
توجيه طعنة لجنودنا في الظهر. بل إنه سيلهب مشاعر مماثلة في العالم أجمع،
وليس فقط مشاعر العرب والمسلمين. لقد كان الواجب يقتضي أن يحاول بوش بناء
الثقة في العالم العربي، لا أن يدمرها.
إنه لمن
المؤكد أن الثوار العراقيين وغيرهم من المعارضين في أرجاء العالم سيرون
أن الحكومة الأمريكية الجبارة ليست أكثر من مخلب عاجز خاضع للسيطرة
الإسرائيلية وأنها مجرد ساعي صغير تحركه إسرائيل التي تتباهى علانية أنها
تسيطر سيطرة كاملة على الكونجرس الأمريكي وعلى الرئاسة الأمريكية. وأنا
أتوقع أن يهرع أعضاء الكونجرس خلال الأيام المقبلة للتصفيق لبوش لأنه شطب
الحقوق العربية المشروعة. وقد يكون هناك عبارات أسى قليلة. وقد يدهش
القراء أن يعلموا أن مساعدات أمريكا لإسرائيل منذ 1975 بلغت 1.3 تريليون
دولار أمريكي. ولذلك صرح داعية السلام الإسرائيلي يوري أفنيري – وهو
يهودي – مؤخراً "أمريكا تسيطر على العالم وإسرائيل تسيطر على أمريكا."
ما
ينبغي على رئيسنا وأعضاء الكونجرس فعله هو أن يطأطئوا رؤوسهم خجلاً.
بول
فيندلي، عضو الكونجرس بين 1961 و1983. وهو يقيم في جاكسونفيل. وهو محاضر
معروف ومؤلف لخمسة كتب آخرها: التوقف عن الصمت: مواجهة صور أمريكا
الزائفة عن الإسلام
|