بداية،
لابد من التأكيد على أن عنوان هذه المقالة، لا يشير قطعاً إلى احجية لسنا
بصددها، فالكلام عن العقل العربي، بما يعني من تخطيط، أو استراتيجية، أو
رؤيا، بدا لبرهة زمنية ليست باليسيرة ، وكأنه كلام في الممنوع او
المستحيل، أو الغائب.
ولا
نقول اليوم أن هذا العقل، استعاد حضوره بشكل قطعي، وكامل ،واثبت اهليته
وجدارته بما يليق بهذه الأمة العظيمة.
فالعقل
العربي يمر في حالة عدم توازن وشعوراً مني بضرورة تفعيل حس المناقشة،
بادرت إلى طرح هذه العناوين.
هذا
الأختبار هو نوع من الاسئلة التلقائية التي تدافعت الى خاطري وذهني في
لحظة ذهول اصابتني واصابت وطننا العربي برمته أبان أغتيال الشيخ أحمد
ياسين، ذلك المناضل الفلسطيني القعيد الذي ايقظ الامة ونال الشهادة، في
زمن لا يتحرك فيه صحيح البدن، قعيد الهمة.
حاشية
توضيحية: أحمد ياسين مناضل فلسطيني ومجاهد قد نختلف معه، وقد نلتقي حول
بعض وسائل الكفاح لاستعادة الوطن السليب، ألا أننا وقطعاً. نؤيد احقية
القضية الفلسطينية المقدسة، وبشكل قاطع ايضاً ندين اساليب الارهاب
والجريمة المنظمة التي ترعاها وتطبقها اسرائيل على اهلنا في فلسطين وفي
كل مكان.
اشارة إلى أن هذه العبارة التي اطلقناها ايضاً نحو "صحيح البدن، قعيد
الهمة" لا تعني شخصاً محدداً، بل أنها اشارة إلى المناخ العربي العام
القعيد، والساكن في مجاهل التاريخ، وغياهب الجهل.
اسئلة كثيرة، تستجر اسئلة ، وكلمات تستولد كلمات، وتبدو الرحلة بلا
نهاية، بلا اجوبة، بلا هوية.
1.
من قتل الشيخ احمد ياسين: هل كان الشهيد ضحية الانهزام العربي العام، هل
قتله العصر العربي الحالي، ام هو مشروع شهيد منذ الهزيمة الاولى في سنة
1948، من قتل احمد ياسين؟ شارون، وهل كان شارون وحيداً في قتل ياسين؟ وما
زال يقتلنا يومياً، يقتل فينا الامال، والاطفال، والنساء، والعزائم،
والهمم، هل كان احمد ياسين ضحية الخوف العربي؟
من قتل احمد ياسين، هل هي جحافل الغرب التي تقتل شعبنا بلا
رحمة، أم أن الشركاء في هذه الجريمة ، هم أناس، ودول ، وشعوب ، وحكام،
ومناخ عام والهزيمة ذات الرحى المتنقلة في اوصال الامة.
من قتل أحمد ياسين؟؟؟
2.
من وراء توقيت الاغتيال: هل هي اللحظة العربية، هل هو الاذعان المذل الذي
يرمي بالهزيمة حتى على أحلامنا، هل للتوقيت علاقة بكتم انفاس آخر معاقل
الثورة العربية، هل الانتفاضة موضوعة اليوم على لائحة الاولويات في سلم
الاغتيال المنظم لآخر معاقل نفوسنا الساعية نحو غد مشرق، هل التوقيت هو
لإطلاق الرصاصة الأخيرة على الجسد العربي المترنح، والمتهادي ، الذي
يعاني سكرات الموت الفعلي بعد حالة الموت السريري المتمادية.
3.
من حلل، وافتى بذبح الشعب الفلسطيني: هل اسرائيل فقط، هل الصهيونية، هل
هو التواطؤ العربي، هل هو الصمم العربي والسكوت العربي ، هل هو الغرب
الذي افتى بذبح شعب لاحلال شعب آخر مكانه، هل هي اوروبا تحاول ان تضع على
مذابحها، ومحارقها ، شعبنا الفلسطيني، لتقديم لائحة اعتذار دموية مشينة
عن حرائق مزعومة قد تكون صحيحة وقد تكون حافلة بالمبالغات، مع ادانتنا
التامة لكل انواع الجرائم والمحارق والارهاب.
4.
متى تم الاتفاق على هذا الشعب: هل كانت البدايات مع وعد بلفور، ام مع
المؤتمر الصهويني الأول الذي عقد في منتصف القرن الثامن عشرة أم مع بداية
الاحتلال الصهيوني الرسمي والفعلي بفلسطين سنة 1948، ام مع المؤامرة
العربية الكبرى على الشعب الفلسطيني عبر الانفضاض الرسمي عن مواكبة كفاح
اهلنا عبر وانتفاضتهم الاولى سنة 1950، ام ان الاتفاق النهائي وضع بعد
انهيار العراق واحتلالها اميركياً.
5.
اطراف الاتفاق من هم : هل نستثني منهم أحداً ، هل يوجد طرف ما خارج اطار
الشك، هل هناك من يملك جواباً حول ابرياء في اطراف هذا الاتفاق ، هل هو
العالم برمته، او جزء منه؟؟؟؟
6.
من كذلك يعلم عن هذه الخطة : بالاحرى نستطيع تصويب السؤال وطرحه على
الشكل التالي هل هناك من لايعلم او لا يلم بهذه الخطة، هل هم حكام العالم
العربي فقط الذين يعلمون، ام بعض الادارات العربية باكملها تعلم ، هل
حقاً تعلم الشعوب أيضاً، ام لا تعلم؟
7.
هل صاحب القرار والأمر شريك في ذبح هذا الشعب: أيضاً نستطيع تصحيح هذا
السؤال، هل هناك اطراف ، أو افراد، او شعوب او حكام ، لم يشاركوا في هذه
المذبحة، هل هي جريمة العصر، ام أنه عصر الجريمة، هل كان لأولي الأمر
واصحاب النهي والسلطة والقرار، الكلمة الأولى والحاسمة، ام أن الجميع
وعلى كل المستويات شارك في مهرجان الدم، واستباحة المحرمات.
8.
ما هو قرار العرب بعد هذه المذبحة هل تستمر الاستكانة العربية، هل يتوالى
الصمت العربي؟؟؟ هل ينتفض العرب؟ هل تخرج الهزيمة من جديد من نفوسنا
المترعة بالجبن ، هل ينتفض اطفال العرب، رجالاتهم، هل تغيب المؤامرة
وطناً غالياً ،وشعباً وعزيزاً، من أهلنا في الاراضي المحتلة، هل يتنادى
حكام العرب إلى قمة كلامية تعلن تنديداً اجوفاً، وشجباً مريباً، وكلمات
لا تقول شيئاً.
9.
هل الاهل والاقارب ( اقصد الحكام العرب والمسلمين): سيطلبون محاكمة أطراف
التحالف كمجرمي حرب أمام العالم بأسره، هل يتنادى قادة الدول العربية
والاسلامية إلى عقد اجتماع يؤكدون فيه على وحدة المصير، ووحدة الموقف،
ويطالبون بمحاكمة القتلة المباشرين ، وهل سيتم تحديد الجهات المحرضة،
والمشاركة وهل سيتم استدعاء هؤلاء أيضاً إلى المساءلة وصولاً إلى
الإدانة، أم أن هؤلاء جميعاً خارج أطار المحاسبة، ولن يكونوا بمتناول
العدالة الدولية، ولن يتعرضوا للإدانة كمجرمي حرب، وكمرتكبي مجازر
جماعية.
10.
هل الجزارون سيفوزون في أي انتخابات قادمة، في فلسطين المحتلة. وماذا عن
بريطانيا، أوالولايات المتحدة الأميركية، بعدما مرت اسبانيا بالاستحقاقات
وكان ما كان ، هل تقول الشعوب كلمتها، وهل الشعوب هي نسخة عن حكامها أم
أن العكس صحيح، هل يتجاوز هؤلاء استحقاق المواجهة امام شعوبهم في عواصم
العالم القريبة والبعيدة، أم أن تجربة رئيس وزراء اسبانيا ستتكرر في
أمكنة أخرى من العالم...
11.
هل ندد العرب واستنكروا وشجبوا، وهل هذه الكلمات لها أي معاني تترجم:
اليست بيانات الادانة التي صدرت من هنا، وهناك، عن بعض الحكام العرب،
كافية، اليست هذه البيانات جاهزة ، ومتنوعة، ولكل المناسبات ، اليس لكل
مقام مقال ، ولكل حالة لبوسها التعبيري، هل هناك من يسأل فعلاً عن ترجمة
البيانات، وهل يقصد هؤلاء إلى لغات أخرى، أم الى واقع عملي، يقتضي
التوضيح.
12.
هل وجود العرب في الأمم المتحدة، كأعضاء ، يحمل أهمية معينة ، أم أنه من
الافضل الاستغناء عن هذا الوجود والخروج بشرف؟؟ هل أضاف الوجود العربي
شيئاً ، إلى قرارات الأمم المتحدة، أو بالأحرى هل خفف هذا الوجود ، أو
عدل ، أو بدل أو أثر في قرارات هذه المنظمة الدولية منذ نشأتها، هذا
السؤال برسم من يهمهم الأمر، فعدا عن بعض المحطات الدولية والتاريخية
التي كان للعرب فيها كلمة مسموعة عبر دول عدم الانحياز ، لا يبدو أن
الوجود العربي في الأمم المتحدة يستقدم أمراً ، أو يستأخر قراراً ، وهذا
الأمر واضح وجلي، من خلال التأثير الاسرائيلي البالغ على قرارات ليس
الأمم المتحدة فقط، بل على كل قرارات المنظمات الدولية الأخرى، فهل
الخروج العربي سواءاً كان لتقنين الانهزام، أم لاسباب أخرى لها علاقة
بماء الوجه السياسي، افضل من البقاء في هذه المواقع الدولية كضيوف،
ثقلاء، لا يهتم احد بوجودهم او بعدمه.
13.
هل صحا العرب، أم مازالوا يغطون في سبات عميق؟ للأجابة على هذا السؤال،
يجب تحديد نوعية الصحوة لعدم أرباك الذهن العربي، المرتبك أصلاً، وبعد
ذلك تتم الأجابة على السؤال، فأذا كان المقصود من الصحوة ، هو التفاعل مع
مقتضيات الحياة البشرية، كالقيام والنوم شئ، والصحة بمعناها الآخر اي
الأنتفاض على ذلك السبات المقيم في أنحاء العقل والجسد، والهمة، والوجدان
والضمير، والقرار، فشئ آخر يستدعي القاء نظرة.
14.
هل ينقل بعض قادة العرب، إلى الحكومات الغربية، بعض الوقائع المتعلقة
بالقضية الفلسطينية ، وبالشعب الفلسطيني، أم أن الاجتماعات تبقى محصورة
في إسار القضايا الكبرى الأخرى، ولا يبقى أي متسع من الوقت، لتوضيح واقع
ومآل الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبادة مبرمجة؟؟؟
أختم، مبادراً بالاعتذار عن طرح هذا الكم من الاسئلة التي لا
تحظى عندي بأجوبة واضحة او مقنعة ، وربما لآ أريد أن أعترف ببعض الأجوبة
الأخرى حتى يبقى الأمل قائماً، ومقيماً ، وحتى لا يتكرس الجرح ويتوسع،
لذا طرحت هذه الاسئلة، لتكون مادة للنقاش والتداول في المستنقع الراكد،
علَ هذه الاسئلة تحدث حركة ما باتجاه تنشيط عملية المساءلة وصولاً
للمحاسبة، وعلَ هناك من يملك أجوبة اكثر دقة تساهم في تعبيد هذه الطريق
الشائكة امام العقل العربي فيكون لنا في هذه الاجوبة عظة، وفائدة في هذا
الليل الحالك السواد.
خلف أحمد الحبتــور
|