كان آل
مكتوم منذ زمن طويل معروفين بالفروسية وتشجيعهم الكبير لسباقات الخيل.
غير أنهم أيضاً فرسان لهم مكانتهم في رياضات الفروسية أيضاً، مثلما
يحدثنا ديفيد وليامز في هذه السطور.
هل هناك
ما يمكن أن يقف في وجه قوة غودولفين وهي تندفع في طريقها نحو الهيمنة
العالمية على ميادين سباق الخيل؟
لقد
واصلت إسطبلات غودولفين في دبي سيطرتها على سباقات الخيل عام 2004 لتفوز
بسباقات المجموعة الأولى العالمية وغيرها من السباقات المصنفة بانتظام
ليس له نظير، فيما كان الفرسان بقمصانهم الزرقاء الشهيرة يحركون هذه
السباقات حسب إيقاعهم. اليوم تمر عشر سنين من الزمان منذ احتفلت غودولفين
بأول نصر لها في سباقات المجموعة الأولى، حين فاز بالانشين بسباق إنرجايز
أوكس في إبسوم. ومنذ ذلك الفوز حققت غودولفين سجلاً لا يصدق بتحقيقها 108
انتصارات في هذه الفئة بإجمالي 317 انتصاراً في السباقات المصنفة.
بشكل
عام، حققت غودولفين معدلاً بلغ انتصاراً واحداً في كل أربعة سباقات تشارك
فيها خيولها وجوائز مالية تبلغ عشرات الملايين من الدولارات.
ربما
يعتبر مثل هذا النجاح مفاجأة، حين يحققه إسطبل حديث العهد، بالنسبة
لمبتدئين. أما بالنسبة لمؤسس هذه الإسطبلات، سمو الشيخ الفريق أول محمد
بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي وزير الدفاع، فإن غودولفين ليست إلا
تجسيداً لرؤية ساهمت في إرساء مكانة دبي كواحدة من أهم مراكز سباقات
الخيل في العالم.
حينما
تحدث الشيخ محمد عن رغبته في إحضار خيوله لقضاء شتاءها في دبي ثم نقلها
جميعاً إلى الإسطبلات الصيفية في أوروبا وغيرها، أثارت مثل هذه الخطة
الاستغراب في أوساط رياضة الخيول. غير أن هذه الانتقادات تقزمت وغابت على
الأرض بعد عشر سنوات حيث أثبت حصول الخيول على دفء الشمس طوال أيام السنة
أنه عامل مهم جداً في تربية الخيول الأبطال.
ومؤسسة
غودولفين ليست إلى مكوناً واحداً فقط من إمبراطورية آل مكتوم لخيول
السباقات التي اكتسبت احتراماً كبيراً لها في أنحاء العالم كلها. فالشيخ
محمد، الشغوف بسباقات الخيول، كان يرى فيها دوماً وسيلة حيوية لترويج
مدينة دبي في العالم.
وبالتوازي مع غودولفين تقريباً، أُسس نادي دبي للسباقات بهدف رفع معايير
سباقات الخيل في هذه المدينة المزدهرة. ومرة أخرى كانت النتائج مذهلة. إذ
أن مضمار ند الشبا هو اليوم أحد أحدث مضامير السباقات في العالم قاطبة،
كما أن يوم سباق كأس دبي العالمي الذي يشهده العالم في مارس من كل عام هو
ذروة موسم يقدم للفائزين جوائز مالية وسمعة نوعية لا تقل عن أي سباق خيل
راسخ في أوساط سباقات الخيل العالمية.تتمتع
الخيول بإقامة من مستوى خمس نجوم خلال وجودها في دبي، كما أن آل مكتوم
يمدون أيديهم مرحبين بكل من يريد أن يجرب سعده على مضاميرها الرائعة وسط
الصحراء من ملاك ومدربين وفرسان وعشاق لهذه الرياضة.
وهذا ما
جعل سباقات الخيل تزدهر في دبي بشكل يجعل المرء يشهق دهشة من كبر
التوقعات حين يفكر بمستقبل هذه الرياضة وهي تتطور بتوجيهات آل مكتوم.
غير أن
رجالات هذه العائلة أثبتو أنهم أكبر من أن يكتفوا بمجرد موقع الداعم
لرياضات الفروسية. فقبل قرابة عامين من الآن، قدر لإنجاز حققه فتى يبلغ
16 عاماً من العائلة الحاكمة الشهيرة في دبي أن يتوج كل هذا السجل الحافل
بالانتصارات الذي حققته اسطبلات غودولفين.
لقد سجل
الشيخ أحمد بن محمد آل مكتوم اسمه في التاريخ في سبتمبر 2002، حينما أصبح
أول رجل يفوز ببطولة العالم لسباقات القدرة ضمن بطولة العالم للفروسية
التي استضافتها مدينة جيريز الإسبانية.
على صهوة
جواده بومان، تمكن هذا الشاب ابن الشيخ محمد أن يسود أرضاً لا يعرف
طبيعتها ويواجه شكلاً من أصعب الظروف الجوية للفرسان لم يسبق له أن
واجهه، لينال لقب البطل وبفارق طيب عن أقرب منافسيه.
واستطاع
الشيخ أحمد أن يهزم التحدي من 149 فارساً هم الأفضل بين رياضيي سباقات
القدرة من 35 بلداً في العالم مؤكداً للجميع أنه قد وضع موهبته كفارس
بارع في مكانها الذي تستحق.
يقول
الشيخ أحمد، الذي كان في ذروة الإثارة عند خط النهاية وبعد أن اعترف بأنه
النصر كان مفاجأة له: "السباق كان صعباً جداً. تنافست مع أفضل الفرسان
ومعهم أفضل الخيول بشكل يجعل من الفوز عليهم شيئاً رائعاً بالفعل. بصراحة
لم أتوقع الفوز، لكني أشعر بالفخر الكبير الآن."
الأسترالية مارغريت وايد التي احتلت المركز الثالث في هذا السباق المرهق
ب طول 160 كيلو متر، هي التي دربت الجواد بومان الذي يبلغ من العمر 13
عاماً. أما في المرتبة الثالثة فأتى الإيطالي أنطونيو روسيو الذي ملأه
الإعجاب بقدرات البطل الشاب.
خاض
الشيخ أحمد هذا السباق ضمن فريق الإمارات العربية المتحدة المكون من
شقيقيه الأكبر منه، الشيخ راشد والشيخ حمدان إضافة إلى والده واسع الخبرة
الشيخ محمد.
غير أن
الشيخ أحمد، بوجود أشهر الفرسان وأكثرهم خبرة وراءه، استطاع وهو أصغرهم
سناً أن يحافظ على اندفاعته ليعبر خط النهاية بدون أن يكون أحد من
الفرسان وراءه بادياً في الأفق. بل إنه كان يتمتع بتقدم سمح له أن يخطئ
الطريق في إحدى المراحل وأن يعود للطريق الصحيح بفضل التوجيه المستمر من
والده الذي كان قريباً منه ودون أن يؤثر ذلك على فرصته بالنصر. لقد كانت
تلك هي المرة الأولى في تاريخ هذه البطولة العالمية، وعمرها الآن 37
عاماً، التي يحقق فيها فارس عربي ميدالية من أي لون كان.
|