بالنسبة
للبعض، فإن فعنونو التقني النووي الذي عمل في مفاعل ديمونة، هو خائن
يستحق الإعدام. لكن آخرين يرونه بطلاً وضع مصلحة الإنسانية وسلامة الأرض
في مرتبة أعلى من المصالح الوطنية الضيقة. وخلال سنوات سجنه تحول إلى رمز
لحركة السلام العالمي ورشح لنيل جائزة نوبل للسلام.
ومع أن
فعنونو قد أمضى فترة سجنه وأصبح خارج السجن، إلا أنه لايزال حبيس سجن
مفتوح الأبواب. فالحكومة الإسرائيلية تزعم أنه لايزال يمتلك أسراراً
نووية يمكن أن يكشفها، ولهذا ترفض أن تسمح له بأن يبدأ حياة جديدة في بلد
آخر- وهو حلمه منذ زمن طويل.
فعنونو
ممنوع من السفر اليوم، من الانتقال لمدينة أخرى، من قضاء الليل خارج بيته
في القدس الشرقية- الذي يسكن فيه مع أصدقاء فلسطينيين له- بدون إذن مسبق،
من الاقتراب من أي سفارة أو قنصلية أجنبية، من إجراء مقابلات صحفية، من
الحديث مع غير الاسرائيليين.
وبعد أن
تبرأ منه والداه اليهوديان المغربيان نتيجة تحوله للمسيحية وخيانته
الدولة اليهودية، تبناه الزوجان الأمريكيان نِك وماري إيلوف اللذان
يأملان أنه بذلك سيصبح مستحقاً للجنسية الأمريكية.
سيد سابي
ساغال، العضو في جماعة "الحملة من أجل تحرير فعنونو وشرق أوسط خال من
الأسلحة النووية" يصف فعنونو بأنه "واحد من أشجع الناس في عصرنا وأكثرهم
تأثيراً. إذا ما أراد بوش وبلير أن يجدا أسلحة دمار شامل في الشرق
الأوسط، فإن فعنونو قد أخبرهم أين يبحثان عنها."
الأمين
العام للحملة إرنست روكر يقول: "إنه عرضة لخطر على حياته إذا ما بقي في
إسرائيل. لقد دعى مقدم برامج تلفزيونية مؤخراً لإزالته من الوجود."
الصحفي
الذي كان أول من كتب عن الأسرار التي كشفها فعنونو وهو بيتر هونام يقول
عن إطلاق سراحه الذي انتظره طويلاً: "إنها مأساة فظيعة. أنتظر هذه اللحظة
منذ العام 1986. أريد له أن يستطيع معاودة حياته الطبيعية وأن يتزوج
ويصبح له أطفال." أما فعنونو نفسه فلا يريد شيئاً بقدر ما يرغب في بدء
حياة جديدة بعيداً عن إسرائيل.
يقول
فعنونو الذي يواجه خطر أن يغتاله أحد المتطرفين اليهود: "أستطيع الآن أن
أتمتع بحريتي، لكني لست حراً تماماً مثل أي إنسان آخر، لا أستطيع أن أمشي
في الشارع وأن أتحدث مع من أريد."
ويؤكد
فعنونو أنه قال كل مايعرفه في اللقاء الصحفي الذي أجراه مع صحيفة صنداي
تايمز البريطانية عام 1986 وأنه لم يعد لديه ما يكشفه. الكثير من الخبراء
يعتبرون مايقوله صحيحاً، بالنظر إلى الكثير من التطورات التقنية التي
شهدها الميدان النووي منذ 18 عاماً والتي لا يعرف عنها فعنونو شيئاً
يذكر. إذاً، مادام فعنونو لم يعد لديه ما يكشفه من أسرار، لماذا لا تدعه
الحكومة الإسرائيلية يرحل؟
هناك من
يقول إن قرار الحكومة الإسرائيلية نابع من الرغبة في الانتقام منه، فيما
يرى آخرون أن فعنونو هو دعاية مناوئة لإسرائيل تمشي على قدمين.
أياً
كانت الحقيقة، فإن فعنونو يرفض أن ينصاع لقيود الحكومة المفروضة عليه.
فيوم إطلاق سراحه أجرى مؤتمراً صحفياً مصغراً أمام الحشود التي تنتظره
متحدياً الحكومة وهو لا يزال على أرض السجن، مثيراً بذلك غضب الحراس
الذين كانوا ينظرون إليه بدون معرفة ما يفعلون وهو يقول إن سجنه كان
"وحشياً وبربرياً." |