"
ألم تر
كيف فعل ربك بعاد ٭
إرم ذات العماد
٭
التي لم يخلق
مثلها في البلاد
٭
"
الفجر
86.
ظلت قصة
مدينة أوبار المفقودة طوال قرون أكبر أسرار الشرق الأوسط الغامضة. أوبار،
التي كانت مادة حكايا لا تنتهي يتناقلها عرب الصحراء، أتى ذكرها في حكايا
"ألف ليلة وليلة"، كما أسماها لورانس العرب "أطلنطس الرمال". وفوق كل ذلك
أتى ذكر هذه المدينة في القرآن الكريم، الذي سميت فيه نتيجة لعمارتها
المدهشة "إرم ذات العماد".
تفاصيل الحكاية
كانت
أوبار، التي دفنتها الرمال قروناً عديدة، مدينة تضج بالحياة ذات يوم.
مَلِكُها شدّاد، سليل حضارة عاد القديمة، بنى المدينة قبل حوالي 5 آلاف
سنة من الآن لصبح سريعاً مركزاً تجارياً نشطاً. سر رخاء أوبار كان البخور
–تلك المادة الثمينة التي تضاهي الذهب بقيمتها في غابر الأزمان. البخور
الذي كان يتطور من إفرازات أشجار جبل قارة المجاورة والذي يتميز برائحته
الزكية وكان يستخدم سابقاً كقرابين وفي الجنازات وفي المراسم الملكية،
كان مادة يطلبها الأشراف والعامة أيضاً لما يعزى له من فوائد علاجية.
وبلغ حب
الناس للبخور في السابق حداً جعل حتى ملكة سبأ تتردد على منطقة أوبار
لشرائه ويقال إنها أعطته لاحقاً للنبي سليمان.
ومع
تزايد شعبية البخور في العالم، تزايدت أيضاً ثروة أوبار. وأصبحت المدينة،
التي يعتقد أنها كانت أهم مراكز طريق تجارة البخور، هدفاً للقوافل التي
تنقله إلى الاسكندرية والقدس ودمشق وروما والصين. في زمن أوبار كانت
تجارة البخور بالغة الأهمية للعالم شأن تجارة الحرير من الشرق بعدها
بحوالي ألف سنة. لكن المفارقة هي أن ثروة المدينة الفاحشة هي التي أصبحت
لاحقاً سبب نهايتها المخيفة.
حسبما
يذكر القرآن، لم يوفر الملك شداد الذهب ولا الفضة ولا اللؤلؤ ولا العقيق
ولا غيرها من المواد الثمينة وهو يبني المدينة في مسعى منه لتقليد فكرة
الفردوس. غير أن المدينة والدروب المؤدية إليها أصبحت دفينة رمال الصحراء
حين غضب الله على قوم عاد وفسادهم الذي تمادوا فيه حباً بالثروة والمتع
الدنيوية.
البحث
عن المدينة المفقودة
طوال
قرون استحوذ لغز أوبار على أذهان المستكشفين وعلماء الآثار. وهناك عدة
حملات موثقة خرجت بحثاً عن المدينة. أولى هذه المحاولات تعود إلى
الثلاثينيات من القرن الماضي وقادها البريطاني بيرترام توماس. هذا
المستكشف الذي كان أول من يعبر الربع الخالي عقب مجموعة من الحملات بين
1925 و1932، وجد دليلاً على درب للقوافل عبر هذه الصحراء إضافة لبقايا
فخارية على امتداد هذا الدرب، لكن هذا كل ما استطاع تحقيقه بعد أن غلبته
طبيعة الصحراء القاسية. لورانس العرب أيضاً حلم بالعثور على هذه المدينة،
غير أنه فشل.
في
الخمسينيات، خرجت حملة قادها عالم الآثار الأمريكي ويندل فيليبس استطاعت
أن تعثر على درب القوافل الذي وجده توماس، غير أنها لم تتمكن من العثور
على المدينة في هذا البحر الشاسع من كثبان الرمل.
|