بقلم: ليندا هيرد
" يا
الله, كم أكره هؤلاء الناس," قالها الرقيب الأمريكي رونالد بلاك حين لوح
عراقي شاب بقبضته نحوه وهو يجلس على دراجة نارية عابرة خلف السائق, كما
ينقل المراسل الصحفي سكوت والاس الذي يعمل في العراق حالياً. والرقيب
المذكور كان أكثر مرارة وهو يتحدث عن قادته الذين سبق وأن قالوا للجيش
الغازي إن أسرع طريق للعودة إلى الوطن يمر من بغداد غير أنهم يقولون الآن
إن فرقته ستلزم مواقعها في العراق حتى الخريف.
وتتردد
نبرة الرقيب الشاكية في كلام جنود فرقة المشاة الثالثة الذين التقتهم
مؤخراً شبكة بي بي سي, والذين تجرأ أحدهم على المطالبة باستقالة وزير
الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد. وهناك جنود أمريكيون آخرون, تبعاً
لصحيفة الرياض السعودية, يدفعون 500 دولار للمهربين مقابل إيصالهم للحدود
التركية والسورية والأردنية.
وتنقل
الرياض عن مزارِعَين شهادتهما بأنهما رأيا مروحيات تلقي في المناطق
المجاورة بأكياس بلاستيكية في داخلها جثث محترقة لجنود أمريكيين.
يندر أن
يمر يوم دون ورود أخبار عن خسائر بشرية أمريكية في العراق. إذ أصبح
المقاتلون ينتقون مجموعات صغيرة من الجنود ليصبحوا ضحايا حرب عصابات قضت
على مصداقية إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش قبل الأوان يوم 1 مايو
الماضي بأن العمليات القتالية قد انتهت.
إذا ما
كان الرقيب بلاك وزملاؤه من العسكريين يكرهون العراقيين, فإن هذا شعور
متبادل إذاً إلى حد كبير. فبقدر ما كره العراقيون الرئيس صدام حسين
وولديه, لم تكن لديهم أي رغبة في حرب أخرى. فقد كان العراقيون يعيشون
حياة عدمية وهم يتعلقون بأمل واه بمستقبل أفضل بعد أن أرهقتهم حربان
كبيرتان وانهار اقتصادهم بعد حرب الخليج نتيجة أكثر من عقد من الحصار
الاقتصادي. وبدلاً من ذلك وجدوا أنفسهم يتعرضون لمهانة احتلال أجنبي.
الشعب
العراقي لم يتعرض للخذلان من جانب صدام حسين فحسب بل من جنرالات قواتهم
المسلحة الذين قبضوا رشاوى من القوات الخاصة الأمريكية حتى لا يقاتلوا
كما تذكر مقالة نشرتها ديفنس نيوز في عدد 19 مايو. وتقول تقارير أخرى ,
تفتقد لدليل مادي دامغ, إن قادة الحرس الجمهوري قد نقلوا جواً من مطار
بغداد مع عائلاتهم بعد أن أمروا مرؤوسيهم بالذهاب إلى بيوتهم وانتظار
أوامر أخرى.
وأدت
رشاوى غيرها إلى مقتل ولدي صدام حسين, عدي وقصي, الذين دفعت في رأسيهما
جوائز بملايين الدولارات في تطبيق حقيقي لأسلوب الغرب الخارج عن القانون.
وقد احتفى بوش وطوني بلير بمقتل الاثنين, و هما التواقان لإعطاء الانطباع
بأن المقاومة العراقية تتشكل من بقايا حزب البعث. فهل هي كذلك فعلاً؟
في
مدينة الفلوجة التي تعتبر معقلاً للعراقيين السنة, يؤكد الزعماء المحليون
هناك أنهم رغم سعادتهم لرؤية عرض أكتاف النظام العراقي السابق, فإنهم
مستاءون من استيلاء الجنود الأمريكيين على مباني بلديتهم ومدارسهم مثلما
هم مستاءون من الحواجز الأمنية وعمليات تفتيش البيوت والدبابات التي
تزمجر في شوارعهم وتطلق نيرانها في كثير من الأحيان على المواطنين
العراقيين المشاركين فيما يسميها الأهالي احتجاجات سلمية.
يوم 20
مايو وجه مشاة البحرية الأمريكية حراب بنادقهم نحو حشد غاضب ضم حوالي 10
آلاف من شيعة النجف بعد تحرش الجنود الأمريكيين بأحد قادتهم الدينيين.
ويقول
سيد رضا الموسوي أحد مساعدي الشيخ مقتدى الصدر: "إذا لم يغادر
الأمريكيون,فإنهم سيواجهون انتفاضة شعبية."
وأخذ
المواطنون المحتشدون ينشدون وهم يضربون على صدورهم "مقتدى لا تخاف, جيشك
المتطوع هنا. سنضحي بأرواحنا فداء لك."
حتى
الآن لايزال سنة العراق إلى حد كبير هم من يقومون بالهجمات على
الأمريكيين, لكن إذا ما نادى علماء الشيعة للجهاد, فإن الأمور قد تسوء
جداً للغزاة الأنجلو- أمريكيين.
ومع
البدء في ترديد تعابير من مثل "مستنقع" و "أشباح فيتنام" في وسائل
الإعلام, أخذت إدارة بوش تطلب من الدول الصديقة تقديم المساعدات
والتعزيزات دون إحراز كثيرمن النجاح في سبيلها هذا, كما أنها تفكر, وقت
كتابة هذا المقال, في التقدم بمطلبها هذا إلى مجلس الأمن الدولي الذي سبق
لبوش أن وصفه بأنه "تجمع للجدال الفارغ".
إن
الكثير من حلفاء أمريكا, بمن فيهم الهند والسعودية, يحجمون عن التورط
فيما يعتبره الكثيرون غزواً غير شرعي قام على معلومات استخبارية زائفة,
ثبت كذبها الآن, حول أسلحة الدمار الشامل العراقية.
|