|
مجلس غرفة أم الشيف
هواء عليل يعانق الخرير
ادارة المعلومات البحوث في مجموعة الحبتور
لاقت الأماكن التاريخية والقديمة في دبي اهتماما كبيرا من
جانب المسؤولين الذين يحرصون على توثيقها وتوريث ماضي
الأجداد العظام إلى أبناء الجيل المقبل. وتأتي غرفة أم
الشيف أو مجلس غرفة أم الشيف كأحد أهم هذه الأماكن
الموجودة في دبي وبالتحديد بمنطقة الجميرا، وعلى الرغم من
كون المجلس بسيطاً في بنائه إلا انه يعتبر موقعا مثاليا
للمصيف لذلك اختاره المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل
مكتوم ليكون مصيفا له منذ عام 1955 وحتى الآن، يتميز هذا
المكان بالاستغناء الكامل عن المكيفات في أقصى درجات
الحرارة وهو ما جعله مقصدا لعدد كبير من الزوار طيلة أيام
الأسبوع. ويضيف الفلج الموجود في المكان جمالا باهرا ونسمة
هواء عليل تمتزج بصوت خرير المياه ليخلق بذلك لوحة فنية
تمتع العين والأذن.
شيد مجلس غرفة أم الشيف عام 1955، في منطقة جميرا التي
تميزت بمزارع النخيل وبيوت صيادي السمك، كان المجلس مصيفاً
للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، يقضي فيه أوقات
العصر في فصل الصيف الحار هو وأسرته وأصدقاؤه، ومما أعطى
المكان أهميته التاريخية المشاورات والمناظرات التي شهدها
في واحدة من أهم فترات تاريخ دبي الحديث. اختيار هذا
المكان بالذات كمصيف يرجع إلى طبيعة المنطقة التي كانت
تشتهر بالنخيل والهواء وجودة التربة ولبعدها عن الضوضاء
والعمران في ذلك الوقت، أما سبب التسمية فيرجع إلى هير أم
الشيف الشهير الذي كان يعتبر من اغنى المناطق باللؤللؤ من
أغلى الأنواع ويبدو أن المغفور له الشيخ راشد اسماه على
اسم هذا الهير.
وعن المواد المستخدمة في البناء فقد استخدمت الأحجار
المرجانية المستخرجة من البحر والمواد الجصية والصاروج
وخشب الكندل الذي كان يؤتى به من شرق إفريقيا إلى جانب سعف
النخيل، وتصميم البناء قديم بعض الشيء لأن المجلس مليء
بالفتحات، أما المجلس العلوي فيتسع لخمسين شخصا، والى جانب
النخيل هناك شجر اللوز والليمون. والمكان يتمتع بإقبال
كبير عليه خاصة من السياح الأجانب.
وتأتي الأهمية التاريخية للمكان حيث يشغل المجلس مساحة
3300 متر مربع، ويتوسط حالياً منطقة سكنية حديثة، وروعي في
تخطيط المنطقة الحفاظ على المبنى والحرم المحيط به، وحتى
الآن يعتبر المجلس المبنى التقليدي الوحيد في المنطقة
وتحيط به مزرعة نخيل بالإضافة إلى أشجار النبق واللوز. وعن
الوصف المعماري للمجلس فإنه يتكون من بناء مستطيل الشكل
بأبعاد 14*7،5 متر، ويتكون من بناء تقليدي ذي طابقين،
ويتميز ببساطة عناصره المعمارية، فالطابق الأول يتكون من
رواق (ليوان) مفتوح عبر أعمدة، وغرفة صغيرة تستخدم مخزنا
للمجلس، ويجاورها سلم يؤدي إلى الطابق العلوي حيث يمتد
رواق متسع تمتد خلفه غرفة المجلس الرئيسية والتي تفتح على
مخزن صغير، ويمتد منه سلم خشبي صغير إلى دروة منخفضة، كما
أقيمت حديقة على النمط التقليدي في الحرم. وقد بدأت بلدية
دبي بترميم المجلس عام 1994 بتقوية الأساسات وترميم
الجدران ومعالجة الشروخ، وأثث المبنى بحيث تشغل قاعة
المجلس العلوي المفروشات التقليدية في المجالس إلى جانب
الخدمات المرتبطة به لإعداد الطعام أو القهوة التقليدية،
وروعي في الحديقة إقامة نماذج متباينة من أفلاج وعريش
وأحواض مياه على نمط مزارع النخيل التقليدية، وزود الموقع
بعريش تقليدي ليكون مقهى للزوار إلى جانب دورات المياه
والإدارة.
ويشهد المجلس إقبال العديد من الجنسيات على زيارته، وقد
يتعدى عددهم 200 زائر يوميا من مختلف الجنسيات بمن فيهم
الإماراتيون الذين يستنشقون في المكان رائحة الماضي. أما
الميزة الفريدة في هذا المكان فهي اعتدال الجو فيه، فحتى
في أقصى درجات الحرارة لا تستخدم المكيفات ومن هنا كان
اختيار موقعه كمصيف موفقا جدا منذ إنشائه وحتى الآن. وعن
موقع المجلس في منطقة الجميرا فقد كان المجلس يطل على
البحر، إذ كانت هذه المنطقة معزولة وهو ما جعلها فريدة في
موقعها كمصيف، أما الآن فيفصلها عن البحر شارع الجميرا
بحيث أصبحت في الجانب الآخر من الشارع إلا أن المنطقة
مازالت محافظة على شكلها القديم مع بناء بعض الفلل الصغيرة
بها.
ويتميز المجلس ببنائه القديم وسط المباني الحديثة التي
انتشرت في منطقة الجميرا وهو ما يجعل الناس تقبل على
زيارته وتستفسر عن تاريخه خاصة أبناء الجنسيات الأجنبية،
وهو ما جعل دائرة السياحة والتسويق التجاري تفتحه للجمهور
منذ الثامنة صباحا حتى التاسعة ليلا. وعن الأواني القديمة
الموجودة في المجلس فهي ما تبقى من استخدامات أسرة المغفور
له الشيخ راشد وتم الاحتفاظ بها وتعطي نفحات من تاريخ
المكان.
والمكان له سحر خاص، خاصة في فترة الصيف التي يصعب فيها
الحصول على هواء عليل من دون مكيفات. والزائر للمكان يشعر
كأنه في الإمارات القديمة التي يصعب إيجادها وسط الطفرة
العمرانية التي تشهدها دبي حالياحيث الجمال الطبيعي بين
الزرع وأشجار النخيل المنتشرة في المكان، كما أعطى الفلج
الملتف بين النباتات بأحجامها وصوت المياه روحا للمكان من
عبق التاريخ. ومن الأشياء اللافتة في المكان اهتمام
الزائرين بالسؤال عن كل شيء بدءا من سيرة صاحبه المغفور له
الشيخ راشد ومرورا بالأشجار الموجودة والأواني القديمة
وطريقة البناء المختلفة إلى آخره من المعلومات المتوفرة
لهم سواء من خلال الكتيبات أو من خلال المشرف على المكان
الذي لا يبخل بأي معلومة ويستضيف الزائرين وكأنهم في
بيوتهم تماما، فأغلب الزائرين من العائلات الذين يصطحبون
أطفالهم إلى المكان ليستمتعوا بالخضرة والمياه واللعب.
|