أين تتوقع أن تكون على وجه التحديد في تمام الساعة 11.11 صباحاً يوم 21 ديسمبر 2012؟
هل ستكون في لندن تبحث في الساعات الأخيرة عن هدية عيد الميلاد في شارع أكسفورد المغطى بالثلوج تحت أنوار الليل، أم ستكون قد عاودت أعمالك بعد احتفالات رأس السنة الهجرية، أو أنك تكون تستعد حينها لمهرجان الانقلاب الشتوي في اليابان؟
إن كنت في الهند أو نيبال فربما تبدأ استعداداتك لمهرجان ماكاري سانكراتي وتتعهد بأن تكون حلواً مثل السكاكر في العام الجديد. أما إن وجدت نفسك في القارة القطبية الجنوبية فستكون حينها إما قد بدأت الاحتفال بالانقلاب الشتوي المتوقع بين 19 و23 ديسمبر أو أنك تستعد له. وإن كنت في إيران فلربما تجري استعداداتك للاحتفال بأطول ليلة في السنة بتبادل الرمان والبطيخ مع الأقارب والأصدقاء في عيد يلدا... أو ربما لا تكون تفعل شيئاً سوى الاسترخاء في مقعد وثير وتمد قدميك أمامك وتمسك بشراب ساخن في يد وجهاز التحكم بالتلفزيون في أخرى منتظراً أن تنتهي الليلة على خير.
هذا هو عام 2012 الذي نتحدث عنه فكن شديد الحذر وأنت تختار أمنياتك للعام التالي. يعتقد كثيرون أن 21 ديسمبر 2012 سيكون آخر الأيام على كوكب الأرض على النحو الذي عرفناه عليه. ولكن من أين أتى كل هذا التشاؤم والخوف؟ هل سينتهي عالمنا فعلاً في 21 ديسمبر 2012، هل لهذا التاريخ أي معنى مختلف عن غيره من الأيام، ومن الذي يقوا إن العالم سينتهي في ذلك اليوم وما هي الدلائل التي بحوزته ليؤكد مثل هذه النبوءات التي أصبحت منتشرة بين الناس؟ لننظر في بعض المصادر الأكثر شيوعاً.
تقويم المايان القديم
أصبح هذا التقويم القديم أحد أكثر المصادر شعبية. ويبدو أن قدماء المايان كانوا شديدي الهوس بالزمن وأعطوا نبوءات شديدة الدقة لأحداث مستقبلية بعد آلاف من السنين عن كسوف وخسوف الشمس والقمر.
وتحل نهاية تقويم المايان في يوم الانقلاب الشتوي المنتظر الشاعة 11.11 في 21 ديسمبر 2012. وأصبح هذا التاريخ موعداً مشؤوماً عند الكثيرين لهذا السبب لا غير.
وفيما يعتقد كثيرون أن هذا التاريخ والتوقيت يمثل نهاية الأيام، فإن بعض المايان لا يرون مشكلة في النهاية القريبة لهذه الدورة الزمنية التي تتكون من 5125 سنة وهي واحدة من 5 دورات تتكون معاً من 25625 سنة. وهم لا يرون هذا التاريخ نقطة نهاية في المستقبل حين يحسم مصيرنا بحدث جلل ومصيري. صحيح أنهم يقولون إن ذلك التاريخ هو نهاية دورة زمنية لكنهم يعتقدون أيضاً أن من الطبيعي أن تتبعها دورة أخرى وحقبة جديدة تكون بداية لعصر جديد من الانتقال التحول.
المرور على خط مركز المجرة والتحول القطبي والعواصف الشمسية.
في 21 ديسمبر، ستحدث مجموعة من الأحداث الفضائية نادرة الحدوث جداً حيث سيصبح كوكب الأرض على خط واحد تماماً بين الشمس ومركز مجرتنا درب اللبانة. وهذا الحدث سبق وأن وقع قبل 25800 سنة ولهذا فهو يعتبر بالنسبة لنا حدثاً غير مسبوق وغير معروف. لا أحد يعرف ما هي العواقب التي سيخلفها هذا إن كانت له أي عواقب.
يتوقع علماء البيئة وخبراء المناخ أن مثل هذا الحدث الذي لم يسبق أن عشناه من قبل يمكن أن يسبب ما أصبح يسمى اليوم "التحول القطبي". وهذا يعني أن محور كوكب الأرض سيتحرك بشكل لا يستهان به بما يحدث معه انقلاب في وضعية القطبين الشمالي والجنوبي خلال أيام إن لم يكن خلال ساعات. ونتيجة لذلك ربما نشهد رياحاً تصل سرعتها إلى 300 ميل في الساعة قد تستمر شهراً أو أكثر، بل إن البعض يقول إننا بدأنا فعلاً نشهد بدايات آثار ذلك مع تزايد قوة وتواتر الأعاصير وأمواج مدية عملاقة يصل ارتفاعها إلى 100 قدم بمعدل وصل إلى مرة واحدة شهرياً كما تذكر طواقم سفن الشحن التي تخرج لأعالي المحيطات كما أن فصول الشتاء أصبحت أكثر برودة وأطول مدة.
وفي الوقت نفسه أيضاً ستنهي الشمس دورة شمسية ليست نادرة الحدوث في الحقيقة وهي دورة البقعة الشمسية التي تحدث مرة كل 11 سنة. وهذا الأمر يمكن أن يسبب عواصف شمسية بما يعرف عنها من أضرار على الدرع المغناطيسي حول الأرض حيث تضعف دفاعات الأرض الطبيعية وتجعل من التحول القطبي أمراً أكثر احتمالاً.
ولو قدر لهذا التحول القطبي أن يحدث فإن العواقب قد تكون كارثية بالفعل. ولا يمكن تعداد الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تقع وعلى وجه الخصوص الزلازل والبراكين وموجات تسونامي.
الكوكب إكس أو الاصطدام مع نيبيرو
كانت آخر مرة مر بها كوكب نيبيرو بين كوكبي الزهرة والمشتري قبل حوالي 7200 سنة وهو حدث يرى فيه بعض العلماء الحاليين أنه كان الشرارة التي أطلقت الطوفان في زمان النبي نوح. ولم يكن هذا الكوكب الذي يبلغ حجمه أربعة أضعاف حجم الأرض قد بدأ يجذب اهتمام العلماء إلا في 2003، غير أن أولئك الذين يؤمنون بوجوده يعتقدون أيضاً أنه يتحرك على مسار اصطدامي مع الأرض.
والظروف التي يذكر لتأييد هذه الأقوال تتضمن تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية والانصهار الضخم الذي تشهده الأنهار الجليدية وغيرها من ظواهر التغير المناخي التي أصبحت أكثر تواتراً في السنوات الأخيرة. ويقال إنها يمكن أن تكون مؤشرات على اقتراب نيبيرو شيئاً فشيئاً من الأرض.
نبوءات نوستراداموس
ميشيل نوسترادام صيدلانياً وفلكياً في القرن الرابع عشر. وعرف بعد ذلك باسم نوستراداموس وأصبح شخصية مشؤومة في أرجاء العالم بسبب نبوءاته المشؤومة عن أحداث وشخصيات مستقبلية بعد موته بكثير عام 1566. ويقال بأن 25 على الأقل من نبوءاته قد حدثت بالفعل ومن بينها قدوم نابليون وهتلر وهجمات 11 سبتمبر.
وكان نوستراداموس قد توقع بأن شيئاً من الفضاء سيقع في بحر إيجة يتسبب بموجة تسونامي ضخمة لا يقل ارتفاعها عن جبل الأوليمب (2917 متر) وهذا سيشكل نهاية الزمان. كما توقع أيضاً قدوم مسيح دجال ثالث ربما يكون مسؤولاً عن سقوط أي جسم من الفضاء على الأرض.
الأديان
القرآن والإنجيل يجزمان بعودة المسيح عليه السلام قبل يوم القيامة ونهاية الزمان على الأرض. غير أن الأحداث التي ستسبق ذلك هي التي فيها خلاف بين القرآن والإنجيل.
لا القرآن ولا الإنجيل يذكر زماناً محدداً ليوم القيامة مع أنهما يؤكدان عليه. القرآن يقول عنها "الساعة" والإنجيل يقوا عنها "أرماجدون."
القرآن والإنجيل يذكران بوضوح إن الله وحده هو من يعرف متى سيحل يوم القيامة وإن الملائكة نفسها لا تعلم بموعدها. غير أن الكتابين يقدمان وصفاً تصويرياً للكيفية التي ستكون عليها القيامة.
يقول الله تعالى في القرآن إن "الساعة" ستسبقها عودة المسيح. ويؤكد على أن المسيح عليه السلام سيعود إلى الأرض، إلى الشام، ليقتل المسيح الدجال.
ثم تبدأ بعد ذلك فترة من السلام قبل أن يموت ميتة طبيعية. ويتبعها بعد ذلك زمان من الوهن والمعاناة تقود إلى "الساعة" ونهاية الحياة الدنيا.
ويقول القرآن إن إسرافيل سينفخ في الصور (البوق) ثلاثاً، الأولى بعد عودة المسيح حيث يقبض كل المؤمنين ويرفعون من الأرض. وفي الثانية بعد أن يموت كل من على الأرض لا يبقى إلا الله وفي الثالثة يعيد الله بعث كل الخلائق لعرضهم على الحساب.
ويقول الإنجيل إن العالم سيتحول إلى خراب قبل أن يعود المسيح إلى الأرض ويرفع المؤمنين إلى السماء. ولن يكون هناك إنذار مسبق ولا إمكانية الاختيار وهي حالة تقابل النفخة الأولى في عقيدة الإسلام. كما يقول الإنجيل إن المرحلة التالية التي تتبع ذلك بالنسبة لمن يبقون على الأرض هي بداية لعذاب طويل وعظيم من الأوجاع والجوع والطاعون والخراب.
وهناك أديان أخرى تتحدث عن أيضاً عن نهاية العالم كما نعرفه غير أنها لا تذكر موعداً محدداً لذلك. وعلى سبيل المثال تقول البوية إن كل شيء سينكشف بعد موقعة شامبالا التي ينتصر فيها الخير على الشر غير أن العالم حينها سينصلح حاله بدل أن يخرب. حينها الكل سيكون حراً وقادراً على أن يختار سبيل الهدى. ويؤمن الهندوس بمبدأ السيادة الطبيعية للعدل وأن الخير يهزم الشر. ويقولون إن الخير سيأتي على حصان أبيض شاهراً سيفه الذي يشبه شهاباً ليذبح كل الأشرار. ويؤمن اليهود بأن ما يسمونه "يوم الله" هو يوم أسود تجب الخشية منه لأنه يمثل الموت والخراب والحرب والحساب ليس لليهود فحسب بل لكل البشر على الأرض.
وهناك مصادر أخرى عن نهاية العالم مثل نبوءات المستقبل التي تحدث عنها أشخاص مثل تيبرتين سيبيل والساحر مارلين والمشعوذة الإنكليزية في القون الوسطى الأم شيبتون وكتاب "موجة الزمن" لتيرينس ماكينا ، وهي موجة نمطية تحاكي إيقاع الحياة وفق مفاهيم مستمدة من إحدى الكتب الصينية القديمة. كما تتحدث نبوءة أوريون وأبوالهول عن أن تمثال أبوالهول في الجيزة قد بناه من بقوا على قيد الحياة من جزيرة أطلنطس لتحذيرنا من حدث جلل آت وأن لذلك علاقة بشكل أو بآخر بنبوءة أوريون التي تتحدث عن معلومات فلكية تقول إن تحولاً مغناطيسياً في الشمس سيسبب تحولاً في وضع محور الأرض. وقد تحدثت النبوءة عن تواريخ سابقة هي 9792 قبل الميلاد و3114 قبل الميلاد أما التالي فهو 2012 للميلاد.
فما الذي يقوم به البشر، إن كانوا يقومون بشيء، استعداداً لهذه النبوءات؟
تقول شائعات إن روسيا تعمل حالياً على بناء مجمع جبل يامانتو وهو مدينة ضخمة تحت الأرض تتسع 60 ألف نسمة، فيما يبدو أن النرويج قد انتهت من بناء منشآت تمكن مليونين من مواطنيها من الاختباء بأمان تحت الأرض. كما عملت السويد مع حلف شمال الأطلسي على بناء بنك للبذور تحت الأرض ليكون نسخة معاصرة من سفينة نوح على أمل أن يوفر للناجين من يوم القيامة المنتظر إمكانية زراعة النباتات للطعام. وتقول شائعات إن عائلة بوش قد أبرمت أكبر صفقة لشراء أرض في تاريخ البارغواي لبناء مجمع استخدامهم الشخصي والخاص. وأطلقت الحكومة الأمريكية موقعين على الإنترنت Ready.gov و Fema.govلتوعية الناس بما يحتاجون إليه إذا ما أرادوا عدة لحالات الطوارئ وكيف يعدون خطة لحالات الطوارئ وكيف يتصرفون عند حدوث الكوارث غير المداهمة. بل إن شائعات تقول إن مدينة كاملة بنتها الولايات المتحدة تحت مطار دينفر الجديد لتكون عند الأزمات مقراً للحكومة فيما تؤكد وكالة الفضاء الأمريكية إنكار وجود أي تهديد نهائياً من أي نشاط فضائي.
وتكثر نظريات المؤامرة حول موضوع عام 2012. البعض يقول إن كل حكومات العالم تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد وأن الأزمة المالية العالمية الراهنة قد تم التسبب بها عمداً لإخفاء الأموال التي استثمرت في بناء ملاجئ حول العالم قبل 2012. ويقول آخرون إن نظاماً عالمياً جديداً يقوم على حكومة عالمية واحدة يجري تشكيله الآن ويضم كبار الشخصيات والنخب الثرية والجمعيات الشرية وأنه على علاقة من نوع ما بسنة 2012 وأن كوكب نيبيرو موجود وإن ناسا تتعقبه فعلياً من القطب الجنوبي للأرض.
فهل كل هذا الكلام هو محض هراء وأوهام وخيال علمي لا غير... لا أظن ذلك.
أظن أن شيئاً على وشك الحدوث لعالمنا الذي نعرفه وليس بسبب أي من تلك النبوءات التي أطلقها البعض في القرن الرابع عشر أو بسبب تقويم عمره خمسة آلاف عام، بل لأن عالمنا وبكل بساطة أصبح من المؤكد أنه لم يعد قادراً على أن يتحمل طريقة الحياة التي دأبنا عليها ولا على تحمل قلة الاحترام التي نتعامل بها معه ومع بعضنا البعض. أنا أنتمي لفصيلة من المخلوقات أصبحت جشعة وشريرة ومخادعة ولا تستحق الاحترام ومدمرة، والدليل على ما أقول باد أمامنا ويشمل العالم في كل مكان من أوله لآخره. لقد أصبنا من قبل بالكوارث والخراب والحروب والمجاعات والأوبئة والأزمات. كم من الوقت يجب أن تصلنا الرسالة لنفهم؟ البشرية لم يتعد تحترم التزامها أمام الله خالقنا.
يوم 21 ديسمبر 2012، هل سننظر لماضينا أم لمستقبلنا؟
ليسأل كل منا نفسه هذا السؤال الآن. لو شعرت بنفخة من الريح تحيط بك وتعانقك عناقاً خفيفاً فهل ستشعر بالارتياح... أم بالرعب منها؟
|