إسرائيل تشعر بالقلق، فقد زعم وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن مبيعات السلاح الروسية لدول الشرق الأوسط تعمل على زعزعة استقرار المنطقة. باراك قلق على وجه الخصوص من التقارب الروسي الإيراني وخطط روسيا لتزويد إيران بصواريخ الدفاع الجوي إس 300 المتطورة والتي يمكن أن تهدد تفوق القوات الجوية الإسرائيلية في المنطقة.

وحاول باراك خلال زيارته لموسكو مؤخراً أن يحصل على وعد من موسكو بعدم تسليم صواريخ إس 300 لطهران، غير أنه لم يفلح في ذلك. وقد تعززت العلاقات الدافئة بين إيران وروسيا بعد زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين لطهران الخريف الماضي، وكانت تلك أول زيارة يقوم بها زعيم روسي لإيران منذ عام 1943.

كما يشعر الإسرائيليون وحلفاؤهم الأمريكيون بالقلق أيضاً إزاء الحضور الروسي العسكري المتزايد في مياه البحر الأبيض المتوسط والذي تعزز مؤخراً نتيجة التسهيلات التي حصلت عليها البحرية الروسية في مينائي طرطوس واللاذقية السوريين.

يذكر أن روسيا كانت قد تخلت عن وجودها البحري السابق في روسيا عام 1989 ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن كان مدخلها الوحيد إلى المتوسط يمر عبر البحر الأسود الذي أصبح في السنوات الأخيرة يعج بالأساطيل العسكرية الأطلسية.

وتعتبر النقلة إلى الموانئ السورية خطوة جاءت في وقتها بالنسبة لموسكو خصوصاً وأن أوكرانيا التي تخشى التعرض لعدوان روسي تهدد بمنع السفن الروسية من استخدام قاعدتها البحرية في سيباستبول.

كما يعتقد أيضاً بأن روسيا قد زودت سوريا بأسلحة متقدمة كما تتفاوض معها على صفقات تسلح جديدة تتضمن أنظمة صاروخية مضادة للطائرات وللدبابات إلى جانب صواريخ إسكندر أرض-أرض بمدى 200 كيلومتر قادرة على حمل صواريخ نووية.

وكانت موسكو قد وعدت واشنطن في السابق بعدم بيع مثل هذه الأسلحة لسوريا. غير أن دعم الولايات المتحدة لجورجيا خلال المواجهة الأخيرة في أوسيتيا الجنوبية وأفخازيا إلى جانب الخطط الأمريكية لإقامة نظام دفاع ضد الصواريخ في بولندا وتشيكيا قد أوجد واقعاً جديداً.

وعلى نحو ما يقول الخبير الجيوسياسي أرييل كوهين من واشنطن فإن عودة روسيا عسكرياً إلى المنطقة سيمكنها من "نشر سفن الاستخبارات الإلكترونية لتزيد قدراتها في مراقبة القوات الأطلسية إضافة لقدرة سوريا على مراقبة الاتصالات الأطلسية والإسرائيلية." كما يحذر من أن "القوات البحرية الروسية يمكنها ردع أو اعتراض العمليات البحرية والجوية الإسرائيلية في أي حرب ضد سوريا أو حزب الله في لبنان."

أما هوغ ماكلويد فيقول في مقالة له في صحيفة غارديان أن هناك "محطات تنصت على الجانب السوري من الجبهة في هضبة الجولان يديرها تقنيون روس."

وينقل عن رام دور، رئيس جهاز المعلومات في الجيش الإسرائيلي، قوله إن "تقدري هو أن منشآتهم تغطي معظم إسرائيل. والسوريون يقدمون المعلومات التي يحصلون عليها لحزب الله والعكس صحيح."

وهناك شائعات بأن موسكو ودمشق قد توصلتا لمسودة اتفاق بخصوص التعاون النووي غير أنها لم تؤكد بعد. غير أن روسيا تصر على القول إنه ليس هناك أي دليل على أن البرنامج النووي الإيراني ليس للأغراض السلمية وهي لذلك تستخدم حق النقض الذي تتمتع به في مجلس الأمن الدولي لمنع إقرار أي عقوبات على إيران."

على الصعيد الدبلوماسي نجد أن مصر وروسيا تعملان على تعزيز علاقتهما بعد زيارة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين لمصر ولقائه بالرئيس حسني مبارك في 2006. وكانت زيارة بوتين تلك الأولى لرئيس روسي منذ 40 عاماً. يذكر أن علاقة مصر الوثيقة بموسكو كانت قد انتهت في 1970 حينما قررت القاهرة أن تغير تحالفها إلى واشنطن بدلاً من موسكو.

وكانت مصر وروسيا قد وقعتا أوائل هذا العام اتفاقية تتضمن مشاركة روسية في برامج بناء محطات الطاقة النووية في مصر وتسمح لروسيا من المنافسة على عقد بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر.

أضف لذلك أنه حالما تنسحب القوات الأمريكية من العراق، ستبدأ روسيا بتعزيز نفوذها هناك. وتقول مي يماني في صحيفة ديلي ستار اللبنانية إن روسيا قد "أسقطت 12 مليار دولار من ديونها على العراق التي تعود لأيام صدام حسين وتضغط من أجل مد خط أنابيب للنفط العراقي عبر سوريا."

كما أبدى المسؤولون الروس عدم رضاهم عن محاولات الولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات الضغط نحو الإصلاح الديمقراطي في الشرق الأوسط. وعلى نحو ما نقلت صحيفة غلف نيوز مؤخراً عن ألكسندر سلطانوف مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط فإنه "يشعر بأن الديمقراطية النابعة من الداخل وليس الإصلاحات بالمقاييس الغربية هي التي يمكن أن تكون مقبولة في الشرق الأوسط."

ويضيف سلطانوف: "كل دولة تطبق المبادئ الديمقراطية بطريقتها الخاصة. أضف لذلك أنه حين يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، مهد أديان العالم والتجارب التاريخية والثقافية المميزة، فإن تقاليدهم الحياتية بما في ذلك أديانهم يمكنها أن تكون صاحبة إسهام فاعل في الحداثة والتنمية المستدامة..."

وهناك مؤشرات متزايدة على أن روسيا، وهي الدولة العضو في الرباعية الدولية، تسعى لدور أكبر في أي عملية سلمية فلسطينية إسرائيلية وهو ما لم تبد إسرائيل أي حماس له بخلاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي رحب بالفكرة.

وما يبدو الآن هو أن الثروة النفطية الروسية وعلاقات موسكو المتوترة مع واشنطن ولندن مشفوعة بطموحاتها الاستراتيجية المتجددة ستدفع كلها باتجاه توازن جديد للقوة في الشرق الأوسط. ولا ك في أن هذا الأمر هو تطور يثير حفيظة واشنطن وتل أبيب. غير أن الأمر ما يزال بحاجة لبعض الوقت لمعرفة ما إذا كان هذا التطور سيصب في صالح لجوار إسرائيل وهو سيعتمد على قدرة روسيا على أن تكون قوة تضغط نحو التطور الإيجابي أم أنها ستكون لاعباً معادياً مهتماً بمصالحه الخاصة فقط ويلعب على تناقضات المنطقة المعقدة أصلاً.
 


 | الصفحة الرئيسية | مجموعة الحبتور | فنادق متروبوليتان | دياموندليس لتأجير السيارات | مدرسة الإمارات الدولية
الملكية الفكرية 2003 محفوظة لمجموعة الحبتور
| جميع الحقوق محفوظة
لايجوز إعادة نشر المقالات والمقتطفات منها والترجمات بأي شكل من الأشكال من دون موافقة مجموعة الحبتور
الموقع من تصميم ومتابعة الهودج للإعلانات ـ دبي هاتف: 2293289