الشارقة هي ثالث أكبر مدينة في الإمارات العربية
المتحدة ومركز تجاري وإداري مزدهر ولها جوها الخاص الذي يميزها عن
غيرها. تجمع المدينة الماضي والحاضر بين حناياها حيث توجد الفنادق
الحديثة على واجهتها البحرية وأبراجها المرتفعة جنباً إلى جنب مع
مساجدها المميزة وأسواقها التقليدية. وتتضمن معالم المدينة الفريدة
مجموعة من المباني القديمة المرممة بإتقان كبير إلى جانب عدد مدهش
من المتاحف الجميلة.
ولعل الشارقة أكثر من أي إمارة أخرى في الدولة هي التي نشهد فيها
حباً للثقافة متجذراً في نفوس أهلها. وفي الشارقة كان التقدم الضخم
على الصعيد الثقافي موازياً للخطوات الكبيرة المتحققة على صعيد
التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما جعل الإمارة تؤسس دائرة
الثقافة والإعلام في الشارقة منذ عام 1982 وتم تكليفها بمهمة محددة
هي تنمية الإعلام والثقافة في الإمارة.
وأخذ المشهد الثقافي في الشارقة يشهد قفزات ضخمة مع تأسيس عدد كبير
من المؤسسات الثقافية وبينها 14 متحف متخصصاً وأربع مكتبات عامة
ضخمة ومعهد مسرحي وثلاثة مراكز للفنون العربية وعدد من أحدث صالات
العرض السينمائي و25 مركز ثقافي للأطفال والكثير غيرها من الجمعيات
الثقافية. كما تأسست ست إدارات جديدة تحت مظلة دائرة الثقافة
والإعلام متخصصة في الفنون والثقافة والتراث والآثار والمكتبات
والتخطيط. وهذا ما ساعد الدائرة على تنظيم وتحفيز التنمية الثقافية
في الإمارة.
وكانت دائرة الثقافة والإعلام ذات دور محوري في تنظيم عدد من
كبريات المناسبات والفعاليات والبرامج مثل معرض الشارقة الدولي
للكتاب وبينالي الشارقة الدولي إلى جانب المؤتمرات والتجمعات
الثقافية المحلية والدولية.
والقطاع التعليمي أيضاً هو من المعالم المهمة التي تميز إمارة
الشارقة التي تعتبر من أهم المراكز التعليمية في الشرق الأوسط. وما
على أحدنا إلى أن يقوم بزيارة للمدينة الجامعية في الشارقة ليدرك
حجم الرؤية التي كانت الدافع وراء هذه الإنجازات حيث سيجد نفسه
أمام مجموعة من المباني المهيبة لعدد من مؤسسات التعليم العالي مثل
الجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة الشارقة وكليات التقنية
العليا وأكاديمية الشارقة للشرطة والمكتبة العامة في الشارقة.
ولا يشك أحد في أن هذا الاهتمام الكبير في الإمارة بالثقافة
والفنون والتعليم يعود إلى سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد
القاسمي، حاكم الشارقة وعضو المجلس الأعلى، الذي كان وزيراً
للتربية في الإمارات لفترة وجيزة في السبعينيات. كما يحمل سموه
درجة الدكتوراة في التاريخ من جامعة إكستر البريطانية.
وهذه الجهود الكبيرة التي بذلها الشيخ سلطان لحماية الموروث
الثقافي للإمارة دفعت منظمة اليونيسكو لتسمية الشارقة عاصمة
للثقافة العربية في 1998. وقد كانت المنظمة الدولية محقة في خطوتها
تلك خصوصاً وأن الشارقة قد واظبت على تكريس مواردها من أجل إرساء
طريقة حياة لمواطنيها يحسدون عليها تتميز بالقيم الرصينة
والمتماسكة التي كانت نواة كل مخططات التنمية المستقبلية.
وإلى جانب 25 متحفاً من أرقى المستويات العالمية تحفل الشارقة
أيضاً بمراكز ثقافية رفيعة تقدم مهرجانات سينمائية ومؤسسات مكرسة
للرفاه الاجتماعي وخمس كليات وجامعات وأكثر من 150 مدرسة حكومية
وخاصة.
وفيما يلي استعراض لأبرز متاحف الشارقة التي تستحق بالفعل ذكرها
على وجه الخصوص:
|
متحف المحطة: شهد عام 1932 افتتاح أول مطار في
الخليج، وهو مطار المحطة. أما اليوم فقد تحول مبنى هذا المطار إلى
متحف مخصص لتاريخ الطيران في العالم وتطور النقل الجوي في المنطقة.
ويضم المتحف الذي يعتبر وجهة شديدة التميز لعشاق الطيران أربع
طائرات بمحركات مروحية مرممة بالكامل وتستقبل زوارها بجاني الصهريج
الأصلي الذي كان يزودها بالوقود.
متحف الشارقة للآثار: يعتبر متحف الشارقة للآثار أرشيفاً دائماً
للقطع الأثرية المكتشفة في إمارة الشارقة. وفي هذا المتحف يستطيع
الزائر أن يشاهد البيئات المتغيرة التي تعاقبت على قاطني المنطقة
منذ العصر الحجري إلى اليوم، من خلال المشغولات والمسكوكات والحُلي
والأواني الفخارية والأسلحة القديمة. ومن بين أهم المعروضات قالب
لمسكوكات اكتشف في منطقة المليحة يعود إلى حقبة الإسكندر الأكبر.
كما يتعرف على نماذج القبور والبيوت والأضرحة، فضلاً عن أشكال
الكتابة في هذه المنطقة.
متحف الشارقة للفنون والفن العربي المعاصر: مع افتتاح هذا الصرح
الفني في إبريل 1997 أصبح أكبر قاعة عرض في منطقة الخليج تحتوي
معروضات دائمة ومؤقتة لفنانين مشهورين. وفيه يمكنك أن تستكشف تاريخ
المنطقة من خلال أعمال فنانين مستشرقين من القرنين الثامن عشر
والتاسع عشر ومن إبداعات الفنانين المحليين والعالميين المعروفين.
تحيط بك مناظر الطبيعة والمدينة والصور في شكل لوحات زيتية وألوان
مائية. كما يقيم المتحف معارض خاصة على مدار العام.
بيت النابودة: يرجع تاريخ هذا البيت الذي كانت تسكنه عائلة الشامسي
التي تعمل بتجارة اللؤلؤ إلى عام 1845. يسهم البيت بشكل كبير في
إظهار فن العمارة الخليجية التقليدية قبل دخول تكييف الهواء،
وتتوسطه ساحة كبيرة تحيط بها جدران من الحجر المرجاني. بينما يأخذك
الانبهار عند التعرف إلى "وسائل تكييف الهواء" التقليدية والزخرفة
باستخدام الجص والخشب. تهدف رسالة البيت إلى استخدام النموذج
المميز للصرح المعماري المحلي العريق في التذكير بفن العمارة
التقليدي وإحياء التقاليد الإماراتية وتعريف العالم بها.
بيت خالد بن إبراهيم: يعكس بيت خالد بن إبراهيم، أحد بيوت تجار
اللؤلؤ الرواد في الخليج، فن العمارة والتصميم البحريني.
شاهد مطبخاً تقليدياً وغرف المعيشة التقليدية ورداء العرس الأنيق
والسلال المضفرة من سعف النخيل وقوارير ماء الورد وصندوق اللؤلؤ
الخشبي المزخرف.
بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي: في كلباء، قرية الصيد التقليدية
على ساحل الشارقة الشرقي الجميل، سوف تجد ذلك الحصن العتيق والساحر
ومقر إقامة الشيخ سعيد بن حمد القاسمي على الشاطئ. تم ترميم هذين
الموقعين لعرض أغراض التراث ونمط الحياة الإسلامية واللقى الأثرية
من أسلحة وأدوات وآلات موسيقية. وعلى البر يظهر المنظر الرائع لخصن
الغيل أشجار القرم.
متحف الشارقة للخط: المتحف الوحيد في الوطن العربي المختص بالخط
العربي ليأخذ الزائر في رحلة استكشافية عبر قرون التراث العربي
المرئي في شكل نصوص خطية رائعة. يعرض المتحف أعمالاً من الوطن
العربي تبين مدى تعقيد هذا الفن النابض بالحياة وجذوره التاريخية
والإسلامية.
مركز الشارقة للاستكشاف: مركز الشارقة للاستكشاف هو المركز
التعليمي المتميز والمصمم خصيصاً للأطفال لمساعدتهم على فهم العالم
المحيط بهم والتفاعل معه واكتساب المعلومات من خلال اللعب
وليستكشفوا أن العلوم والتقنيات جزء من حياتهم اليومية. يضم المركز
سبع مناطق من الأفكار الترفيهية المختلفة يتعامل معها الأطفال من
خلال متعة اللعب والأنشطة لتعلم مختلف أعضاء الجسد وعالم الماء
المياه وعلومه الحركية وكيف يسوقون السيارة في مدينة االسياقة
وغيرها من العلوم.
متحف الشارقة للتراث: وفيه يشاهد الزائر الحرف اليدوية وغيرها من
الحرف المختلفة التي ترجع إلى حقبة كان السكان المحليون فيها
يعتمدون على الصيد وتجارة اللؤلؤ فقط، إلى جانب التعرف على تطور
التعليم والعملات وخدمة البريد المبكرة.
متحف الشارقة البحري: تعرف إلى مراكب البوم التقليدية الخشبية التي
كانت تجوب البحار للصيد والتجارة وشاهد اللآلئ الحقيقية واكتشف كيف
كانت تُجمع وتقاس وتوزن وشاهد البكرات الخشبية التي كانت تستخدم
لرفع وخفض الأشرعة وغيرها من المعروضات التي تلقي الضوء على
التاريخ البحري لإمارة الشارقة.
متحف الشارقة للحضارة الإسلامية: هو الأول من نوعه الإمارات ويهدف
لتشجيع الجمهور على طلب المعرفة وتذوق الفن الإسلامي والاستمتاع
بالتاريخ والعلوم والثقافة الإسلامية. ويعرض المتحف مقتنيات من
مختلف عصور التاريخ الإسلامي ومن مختلف بلاد العالم من البرتغال
غرباً وحتى الصين شرقاً.
متحف الشارقة للتاريخ الطبيعي والنباتات: رحلة مذهلة عبر الزمن في
متحف مزود بتقنية عالية ومؤثرات تفاعلية تعرض تاريخ المنطقة
الطبيعي المصحوب بعروض الصحراء والأنظمة البيئية البحري ونماذج
الديناصورات والبراكين الثائرة وأحافير ما قبل التاريخ والنيازك من
الفضاء الخارجي. وهناك أيضاً حظائر للنوق والخيول العربية والحمير
والأغنام والماعز والأبقار إلى جانب مناطق مخصصة لكل أصناف
الدواجن. كما يمكنك ركوب الخيول القزمة على ممشى مغطى.
متحف الشارقة العلمي: يسعى متحف الشارقة العلمي إلى ابتكار بيئة
شيقة وتعليمية وإبداعية حتى يجعل من اكتشاف العلوم متعة. ويفتح
المتحف أبواب التعلم المبتكرة وأدوات الاستكشاف من خلال تجارب
تخيلية ممتعة تساعد الزوار من جميع الأعمار والخلفيات على فهم
العلوم.
مربى الشارقة للأحياء المائية: يوفر المربى الذي افتتح مؤخراً أكثر
من 250 نوعاً من الأحياء البحرية التي تستوطن سواحل الإمارة، حيث
تستطيع أن تشاهد الأسماك الصغيرة مثل سمك المهرج وفرس البحر
الرقيقة وحتى الإنقليس والشفنين وقرش الشعاب المرجانية. إنه عالم
يأخذ بألباب الكبار والصغار على السواء. اكتشف المخلوقات البحرية
الصغيرة والكبيرة في البرك الصخرية والشعاب المرجانية والبحيرات
وأشجار القرم.
حصن الشارقة: بناه الشيخ سلطان بن صقر القاسمي عام 1820 وهو من
الصروح التي تشهد على العمارة العربية وكان فيما سبق مقراً للعائلة
الحاكمة في إمارة الشارقة. تم تفكيك جزء من المبنى أواخر الستينيات
ثم أعيد ترميمه لاحقاً. يتكون الحصن من طابقين. وفي غرفه تقع عينك
على القطع النفيسة، والصور القديمة والأسلحة التقليدية وأدوات
الصيد التي تعود إلى 200 سنة من تاريخ الشارقة. كما يعطيك سجن
"المحلوسة" وغرفة نوم الشيخ ومخزن التمور نظرة معمقة للتراث العربي
في سياقه الحقيقي بين الجدران المتينة لهذه القلعة المهيبة.
|