|
عضوية المجلس الوطني
إنجاز جديد للمرأة الإماراتية
سنغيتا سواروب
"لا شيء يسعدني أكثر من رؤية المرأة وهي تأخذ
دورها المتميز في المجتمع يجب ألا يعيق تقدمها شيء.
والمرأة مثل الرجل تستحق أن تشغل المناصب العليا حسب
قدراتها ومؤهلاتها." المغفور له الشيخ زايد بن سلطان
آل نهيان.
تعيش المرأة في الإمارات العربية المتحدة اليوم حياة
مختلفة تماماً عن حياتها وقت قيام اتحاد الإمارات في
2 ديسمبر 1971. وبفضل الرؤية البعيدة لقادة الدولة
المستنيرين على مدى خمسة وثلاثين عاماً مضت حققت
المرأة في الإمارات دوراً أكبر بكثير مما كان لها في
السابق وذلك بالتوازي مع التنمية التي أنجزتها
البلاد. ومنذ تأسيسها أكدت الدولة على دور وحقوق
المرأة. بل إن عملية التنمية البشرية في الإمارات
أعطت حقوقاً متساوية للرجل والمرأة في مجال التعليم
والصحة والخدمة الاجتماعية والعمل.
غير أن المرأة في الإمارات وحتى قبل قيام الاتحاد
كان لها دور بالغ الأهمية في المجتمع طوال تاريخ
المنطقة. ففي الأيام التي كانت المجتمعات تعتمد فيها
على صيد السمك واللؤلؤ، كانت المرأة مسؤولة عن
الحياة الزراعية للعائلة إلى جانب مسؤوليتها عن
تربية الأبناء. صحيح أن هذه المسؤوليات مشابهة لما
عرفته المرأة في بلاد أخرى، غير أن الفرق هو في
البيئة المحلية التي تعين على المرأة أن تقوم بهذه
الواجبات فيها. فالطبيعة الصعبة والصحراء لم تكن
لتوفر حياة سهلة، ولهذا اكتسبت المرأة في المنطقة
قدراً كبيراً من الاحترام لقدرتها على العمل.
وعلى الرغم من توفر الطموح والإرادة للعمل، فإن ما
أعاق تقدم المرأة حتى زمن قريب كان هو في الحقيقة
غياب التعليم النظامي المناسب. فحين قيام الدولة لم
تكن هناك سوى بضع نساء متعلمات كما أن الدولة كانت
على أعتاب خطة تنموية طموحة غير مسبوقة وقتها.
واليوم نرى هذه الأرض التي يسمونها صحراء وقد أصبحت
غابة من ناطحات السحاب والأبراج ومسكناً لبشر من
مختلف أصقاع الأرض ومركزاً للتجارة والاقتصاد في
الشرق الأوسط ووطناً لأحدث المدارس والمستشفيات
والمؤسسات المالية وغيرها من الصناعات الخدمية.
وما يجعل هذه الإنجازات أكثر إثارة واحتراماً هي
أنها توازت مع التطور الذي حققته المرأة، والذي كان
ثمرة لمبدأ شمولية التعليم. واليوم نجد أن عدد
الإناث في المدارس يفوق عدد الذكور. كما أن 65% من
الخريجين الجامعيين في الإمارات هم من النساء حيث
أصبحن يمثلن رافداً مهماً للمواهب والخبرات للوفاء
بأهداف النمو الاقتصادي والتنمية في الإمارات.
بل إن إحصائيات الأمم المتحدة تشير إلى أن الإمارات
العربية المتحدة هي من بين أكثر دول العالم تطوراً
في مجال تعليم المرأة. والمرأة في الإمارات استطاعت
أن تنطلق من الحياة المحافظة حيث كانت الصعاب هي
الطابع العام للحياة لتحقق ازدهاراً عظيماً بكل ما
تعنيه هذه الكلمة عبر التعليم الذي وفرته حكومة
رشيدة كان من بين أولوياتها دوماً معالجة قضايا
النساء لتصبح الإمارات في أعلى قائمة الدول العربية
من ناحية التنمية. ولهذا لا عجب أن هذه الإنجازات
العظيمة التي تستحق كل ثناء قد جعلت المغفور له
الشيخ زايد بن سلطان يقول: "إن إنجازات المرأة في
الإمارات العربية المتحدة في مثل هذا الزمن القصير
يجعلني سعيداً ومقتنعاً بأن ما خططنا له بالأمس
سيعطي ثماره اليوم."
لقد مكّن التعليم الجيد المرأة من دخول الحياة
العملية في مختلف الاختصاصات والمناصب وفي القطاعين
العام والخاص على السواء كما أن الإمارات قد عملت
بفاعلية كبيرة على دعم وجود المرأة في مكان العمل.
وهكذا نجد أن المرأة تمثل 15% من العمالة عام 2000.
وفي العام نفسه تم تأنيث 100% من الكادر التعليمي في
مدارس الحضانة و74% في المدارس الابتدائية و54% في
المدارس الثانوية. كما أن 39.8% من العمالة الحكومية
هنّ من النساء و 30% منهنّ يشغلن مناصب إدارية فيما
70% يعملن مدرسات أو طبيبات أو صيدلانيات أو غير
ذلك.
كما شجعت الحكومة في السنوات الأخيرة النساء على
العمل في الشرطة والتطوع في القوات المسلحة. بل إن
المرأة قد تطورت في الإمارات لدرجة أصبحت فيها اليوم
مستعدة للعب دور مباشر في عملية اتخاذ القرار في
الدولة.
ولهذا فقد كان قرار تعيين أول امرأة في منصب وزاري
في الدولة في 1 نوفمبر 2004 وذلك حين وافق المغفور
له الشيخ زايد على المرسوم الاتحادي بتعيين الشيخة
لبنى القاسمي وزيرة للاقتصاد والتجارة مدعاة للشعور
بالفخر والاعتزاز الوطني بين أبناء الدولة.
صحيح أن المرأة قد شقت طريقها بجهودها في عملية
التنمية والتقدم في البلد، لكن يجب أن لا ننسى هنا
أن الكثير من المكاسب التي حققتها المرأة كانت نتيجة
للجهود الكبيرة التي بذلتها الشيخة فاطمة بنت مبارك،
قرينة المغفور له الشيخ زايد، لتعزيز دور النساء.
وبتشجيع من المغفور له الشيخ زايد كان للشيخة فاطمة
الدور الأكبر في تأسيس الاتحاد النسائي في الإمارات
عام 1975 والذي كان من أولى أهدافه دعم تعليم الإناث
والقضاء على الأمية بينهن.
وبعد أن أمكن تحقيق هذه الأهداف الأساسية بالقدر
المرضي، بدأت الشيخة فاطمة تدعو المرأة الإماراتية
وبقوة للعمل في المجال الإعلامي وليصبحن عضوات في
المجلس الوطني الاتحادي. وهذه الجهود كانت تلقى
أيضاً دعم المغفور له الشيخ زايد الذي كان دائماً ما
يقول إن المرأة هي شريك مساوٍ للرجل في كل مجالات
الحياة ولها الحق الكامل في المشاركة في الحياة
السياسية واتخاذ القرار.
إن المرأة في الإمارات تعيش اليوم عصرها الذهبي بعد
أن بلغت أرقى المراتب والمناصب. ومثلما تقول الشيخة
فاطمة فإن المجتمع بمجمله سيحقق استفادة عظيمة إذا
ما دخلت الإمارات القرن الواحد والعشرين وهي معززة
بمشاركة المرأة في كل نواحي الحياة وخصوصاً على
الصعيد السياسي. وهي تعتقد أن ذلك إنما هو تطور
طبيعي بعد أن حققت المرأة التميز في كل المجالات.
ولم يكن الأمر سوى مسألة وقت فقط حتى تتحول دعوة
الشيخة فاطمة النساء لدخول المجلس الوطني الاتحادي
إلى حقيقة واقعة، وذلك في ديسمبر 2006 حينما أصبحت
أمل القيسي أول امرأة منتخبة تدخل المجلس الوطني
الاتحادي إلى جانب ثماني نساء أخريات عينهنّ حكام
الإمارات في المجلس/ وفقاً للدستور الذي ينص على
تعيين عشرين عضواً. وهكذا أصبح المجلس الوطني
الاتحادي بتشكيلته الحالية يضم تسع نساء من أصل
أربعين عضواً.
وقد لقي قرار تعيين نساء في المجلس الوطني الاتحادي
ترحيباً عاماً باعتباره سيغني العملية الديمقراطية
في الإمارات حيث تشكل النساء اليوم 22.2% من المجلس
الوطني الاتحادي وهذا الرقم هو أعلى حتى من بعض
الدول الأوروبية. كما كانت أول انتخابات لعضوية
المجلس الوطني الاتحادي في تاريخ الإمارات نجاحاً
كبيراً وذلك للمشاركة العارمة من جانب النساء
وانتخاب أول امرأة لعضوية هذه المؤسسة الاستشارية
المهمة التي تشكلت بموجب نصوص الدستور عام 1971
لتكون مؤسسة دائمة تشكل مكوناً أساسياً من بنية
الحكومة في البلاد.
لقد كانت انتخابات ديسمبر الماضي حدثاً غير مسبوق
على عدة صعد حيث كانت المرة الأولى التي يسمح فيها
للمرأة بدخول المجلس. ومن بين 6595 عضو في المجمع
الانتخابي كانت هناك ألف امرأة كما كان من حقهن كلهن
الترشح للعضوية إلى جانب حق التصويت. وحقيقة أن حكام
الإمارات هم من عينوا 8 نساء في المجلس إنما تعكس
جدية حكومة الإمارات في فتح باب المشاركة الفاعلة
للمرأة على كل المستويات في المجتمع.
يقول الدكتور محمد عبد الله المطوع، أستاذ علوم
الاجتماع في جامعة الإمارات في العين "إن النساء قد
حققن حضوراً سياسياً من خلال وسائل الإعلام ومن خلال
اللقاءات مع الناخبين. وهذا الوعي والنشاط مؤشر على
أن المرأة في الإمارات قد تجاوزت دور المراقب لتصحب
لاعباً حقيقياً على الصعيد المحلي."
تقول أمل القيسي التي كانت أول عضوة منتخبة في
المجلس الوطني "إن هذا شرف كبير لي سأحمله معي طوال
حياتي. وهو دليل على أن الشعب الإماراتي يمتلك الوعي
السياسي."
ولا يختلف المجلس الوطني الاتحادي في عهده التشريعي
الرابع عشر لا يختلف في جوهره الدستوري عن سابقيه
خلال السنوات 35 الماضية. والفارق هو أن المجلس
الجديد فيه رئيس جديد وحضور نسائي موسع إضافة إلى أن
نصف أعضائه منتخبون عبر انتخابات حرة ولو كانت هذه
الحرية مقيدة نوعاً ما.
إن وجود العنصر النسائي في المجلس هو مكسب كبير
للحركة النسائية في الإمارات وخطوة جديدة نحو تعزيز
دور المرأة حيث يضعها في صلب العمل الوطني العام وفي
موقع أقرب لمراكز صنع القرار السياسي. كما أن وجودها
هذا يعزز من حضورها الدولي في الخارج.
لقد كان للمجلس الوطني الاتحادي طوال تاريخه دور مهم
في صياغة القوانين الاتحادية، كما قام بتعديل عدد من
القوانين الصادرة عن الحكومة بحيث تصبح أكثر تلبية
لاحتياجات المواطنين الذين يمثلونهم. كما كان المجلس
ساحة مهماً يوجه فيها الأعضاء أسئلتهم إلى الوزراء.
وغالباً ما يتعرض الوزراء لجلسات حامية لمناقشة
القضايا المهمة من قبل الأعضاء. كما يشير تاريخ
المجلس إلى أن غالبية توصياته وتعديلاته التشريعية
قد تم تبنيها وتضمينها في القوانين الاتحادية.
إن هذا المزج بين الأعضاء المنتخبين والمعينين في
المجلس الوطني الاتحادي لا يعزز الانفتاح الديمقراطي
فحسب بل يضيف عنصر الحداثة السياسية عليه أيضاً.
ويذكر أن حوالي 75% من أعضاء المجلس الحاليين قد
ولدوا بعد قيام الاتحاد وهو ما يعكس حجم الثقة
الممنوحة للجيل الشاب. وقد أثبت هذا الجيل قدرته على
القيادة وتحمل المسؤولية التي سلمه إياها جيل الآباء
المؤسسين في العملية الإدارية والتنموية والقيادية
وذلك لأخذ الإمارات نحو العالمية.
وفي يوم فتح العهد التشريعي الجديد للمجلس الوطني
وفيما كانت العضوات يعبرن عن عزمهن على لعب دور فاعل
في عمل المجلس قالت نجلاء العوضي، عضوة المجلس
الوطني لصحيفة الإمارات اليوم: "أشعر وكأننا قد
دخلنا مرحلة جديدة في تاريخ الإمارات.
"لو نظرنا إلى الولايات المتحدة وأوروبا لرأينا أن
المرأة قد خاضت صراعاً لأكثر من مئة عام للحصول على
حقها في التصويت. أما هنا في الإمارات العربية
المتحدة، فقد حصلت المرأة خلال 35 عاماً ليس على حق
التصويت فقط بل أن تصبح أيضاً عضوة في المجلس. إن
هذا إنجاز عظيم. ونحن متفائلات بمزيد من التغييرات
الإيجابية في المستقبل."
كما أكدت العوضي تصميم العضوات في المجلس على أن
يلعبن دوراً تشريعياً فاعلاً: "سنعمل وبجد مثل
زملائنا الرجال وربما أكثر لنثبت أنه ليس هناك من
فرق في القدرات بين الرجل والمرأة."
أما فاطمة غانم المري وهي عضوة أخرى في المجلس
فتقول: "إنها تجربة عظيمة ومسؤولية جمة. إن أمامنا
تحدياً كبيراً لنثبت لرئيسنا وشعبنا بأننا قادرات
على تلبية تطلعاتهم. دخول المجلس هو حلم أصبح حقيقة.
حلم زرعه فينا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل
نهيان. لقد ساعدنا في أن نحلم وأنار لنا طريق تحقيق
أحلامنا. لقد قدم للمرأة فرصاً عظيمة واهتم
برعايتها. كما علمنا أن نسعى وراء المواقع القيادية.
والآن ها نحن نحقق حلمه."
|