حققت دبي خلال العقدين الماضيين نهضة اقتصادية ضخمة لتصبح
مركزاً عالمياً للمال والأعمال والمدينة الرائدة في المنطقة بفضل
مشاريعها المتميزة وبيئتها التجارية التنافسية. ونتيجة لذلك يستقبل
مطار دبي الدولي على مدار اليوم آلافاً لا تنقطع من المسافرين
يومياً ويوفر لهم تجربة عالية الخصوصية تحظى باحترام وتقدير
عالميين. وفي السطور التالية نلقي الضوء على واحد من أهم المشاريع
التي نفذتها شركة الحبتور للمشاريع الهندسية وهو مطار دبي الدولي.
مطار دبي الدولي هو من أبرز وأهم المشاريع التي كلفت بها شركة
الحبتور للمشاريع الهندسية. وكانت الشركة جزءاً أساسياً خلال كل
مرحلة من مراحل المشروع وذلك عبر مشروع مشترك يعرف باسم إتش إم آر
تي ضم إلى جانبها كلاً من موراي آند روبرتس وهي شركة إنشاءات من
جنوب إفريقيا وتاكيناكا وهي شركة يابانية ذات خبرة واسعة في
الأنظمة التخصصية.
وكانت أولى مشاريع الشركة في المطار هو بناء مبنى الشيخ راشد الذي
يعرف باسم المبنى رقم 1. كما نفذت الشركة عدة مشاريع أخرى في
المطار مثل مبنى مركز الزهور ومركز معارض المطار وشاليهات معرض دبي
للطيران وغيرها.
وقد انتهت شركة إتش إم آر تي مؤخراً من إنشاء المبنى رقم 3 التابع
لدائرة الطيران المدني الذي طال انتظاره إضافة إلى مبنى الكونكرس 2
المجاور (والذي يعرف أيضاً باسم أيه إكس059). وهذا المبنى الجديد
الذي بلغت تكلفته 5. مليار درهم مخصص حصرياً لكافة رحلات طيران
الإمارات مما يعطي المسافرين على طائرات الشركة معنى جديداً لتجربة
سفر من مستوى عالمي رفيع لا يضاهى. وقد وفرت خدمة الاستشارات
الهندسية للمشروع شركة مشتركة بين دار الهندسة ومطار باريس.
وقد تم تكليف إتش إم آر تي بإدارة تجهيز المشروع والإكساءات وأنظمة
الخدمات وتكييف الهواء المتخصصة لمجمل المشروع. كما تم تكليف
الشركة أيضاً بإدارة كافة متطلبات الصحة والسلامة في مجمل المشروع
وضمان إنجاز كل مقاولي الباطن لأعمالهم وفق معايير دائرة الطيران
المدني.
يمتد مشروع المبنى رقم 3 في مطار دبي الدولي على مساحة ضخمة تبلغ
1.5 مليون كيلومتر مربع. يقول بروس نيف مدير المشروع: "كانت إدارة
العمل على مثل هذه المساحة الضخمة تحدياً مضنياً. ولتسهيل المهمة
الإدارية فقد قسمنا المنطقة إلى 8 قطاعات جغرافية خصصنا لكل منها
مديراً إنشائياً."
تتضمن منطقة المشروع مواقف سيارات على ثلاثة طوابق تقود إلى المبنى
3 وممشى تحت الأرض يقود إلى الكونكرس 2 الذي يبلغ طوله 1 كيلومتر
ويأخذ شكل سيجار أزرق بمثلث عند كل جانب. ويعتبر هذا الكونكرس الذي
يرتفع عشرة طوابق مثالاً للفخامة العالمية حيث يتضمن طابقين
فندقيين وطابقاً للاستقبال خاص بطيران الإمارات وطوابق للمغادرين
والقادمين إضافة إلى حوض ضخم عند الطابق الأرضي لحماية مجمل المبنى
من الفيضانات. وفي المبنى 28 بوابة، خمسة منها مجهزة لاستقبال
طائرات أيه 380 الضخمة ذات الطابقين.
تميزت كافة مراحل بناء مبنى الركاب 3 في مطار دبي الدولي بمستويات
السلامة المتشددة. وعن ذلك يقول ديفيد هيرون مدير العمليات: "وصل
المشروع إلى مرحلة إجمالية بلغت 32 مليون ساعة عمل دون وقوع حادث
واحد يوقف العمل. وبعد هذه المرحلة عدنا ودخلنا مرحلة جديدة بلغت
22 مليون ساعة عمل مرة أخرى. وهذا يمثل إنجازاً كبيراً. وخلال
الشهور الثمانية الأخيرة من إنجاز المشروع كان لدينا حوالي 22 ألف
شخص يعملون في الموقع، 16 ألفاً منهم يعملون حصراً في إي إكس059."
تشتمل المنشأة الجديدة أيضاً على 72 كيلومتراً من أنظمة مناولة
الأمتعة نفذته شركة سيمنز إضافة إلى نفقين لقطارات نقل الركاب بين
الكونكرس 3 والكونكرس 4. كما سيوفر قطار دبي خدماته لهذا المشروع
المميز حال انطلاقه ليوفر وقت المسافرين ويسمح لهم بالتنقل السريع
والسهل من وإلى المطار.
تم إنجاز أعمال الإنشاء في مبنى الركاب 3 بأقصى قدر من الاهتمام
بالتفاصيل. وقد وفرت شركة دار الرخام، المقاول بالباطن، حوالي 230
ألف كيلومتر مربع من الغرانيت فيما عمل أكبر مقاول بالباطن شارك في
المشروع، وهو شركة ثيرمو، على حوالي 50% من المهمة بالإضافة إلى
الأعمال الكهروميكانيكية والتخصصية الأخرى.
يقول غسان العتيبي، مدير الإنشاءات لأعمال الإكساء في طابق محيط
المبنى ومواقف السيارات: "واحدة من أصعب التحديات في إنجاز هذا
العمل كان العثور على مقاولي باطن قادرين على التعامل مع مهمة بهذه
الضخامة. ولهذا فقد كان لدينا مقاولي باطن لم يسبق أن عملوا على
مثل هذا المستوى من قبل وكان علينا توجيههم وإدارتهم في كل خطوة
طوال التنفيذ."
ومن التحديات الأخرى التي واجهتها الشركة هو الحصول على المواد في
المواعيد المناسبة نتيجة الحجم الضخم من المواد المطلوبة حيث كان
من الصعب ضمان توفر كافة المواد حين الحاجة لها. وبعض هذه المواد
كانت تنقل جواً لتجنب أي تأخير. وكانت نظرية بروس نيف، "شمر عن
ساعديك وقم بالعمل بنفسك"، حافزاً دائماً لفريق عمله طوال ثلاث
سنوات استغرقها إنجاز المشروع كما ضمنت إنجاز كل الأعمال بأقصى قدر
من الإخلاص في العمل.
وقد افتتح مبنى الركاب 3 في مطار دبي الدولي أبوابه أمام آلاف
الركاب يومياً الذين يقصدون مدينة دبي المزدهرة. وبعد شهور طويلة
من العمل المضني نجح المشروع في تحقيق ما كان مطلوباً منه، وهو
توفير تجربة مميزة ومثيرة لأي مسافر يمر عبر أبوابه إلى عالم
الرفاهية والفخامة بين ثناياه.
|