يحتاج
استكشاف جبال حجر إلى العديد من الرحلات. لكن بين الدروب الكثيرة التي
يمكن اختيارها لعبور هذه السلسلة الجبلية، فإن أحد الدروب المحببة إلى
قلبي هو ذلك الذي يأخذنا إلى واحة شيش. يبدأ الطريق عند الساحل الشرقي
ويمر بداية عبر جيب مضا العماني الذي ينام في ثنية الوادي. ولهذا ترى
الدرب يتخفض بالراحل إلى بطن الوادي عند مدخله ومرة أخرى عند القرية التي
تخرج عبرها منه. في الأوقات المطيرة يصبح هذا الطريق عصياً على العبور.
والواحة التي توجد على الطرف الآخر من القرية هي جنة نباتية تنمو فيها
بعض النباتات النادرة مثل داليكامبيا سكاندنز وكروتاريا ريتوسا اللتان
سجل وجودهما فيها.
حالما
يتجاوز الطريق قعر الوادي للمرة الثانية يصبح جانباه مكاناً تنتشر فيه
أشجار تيكوميلا أنديولاتا الجميلة بوفرة. والأزهار الكبيرة التي تشبه
الأبواق في هذه الشجرة تنمو مباشرة من الأغصان بدون أن يكون لها أي ساق
عملياً. وفي تلك المنطقة أقامت الحكومة منطقة للتنزه مزودة بطاولات
ومظلات. وحين يكون النهر جارياً لن تجد مكاناً أجمل لقضاء يوم الإجازة
الأسبوعية!
لكن
بالنسبة لمغامر حقيقي فإن الأنحاء الأفضل تمتد خلف هذا المكان ولبلوغها
على المرء أن يمر أولاً بقرية حديثة العهد ثم يأخذه الطريق أعمق فأعمق
حتى يبلغ الجبال. وعلى امتداد الطريق يشاهد المرء صخوراً متباينة الأنواع
والألوان لدرجة تجعل كل من يراها يشتهي لو أنه كان جيولوجياً.
وفي
الحقيقة، فإن جبال حجر تمثل موقعاً بالغ الأهمية لخبراء الجيولوجيا لأنها
واحدة من مواقع قليلة في العالم يمكن فيها دراسة الصخور البركانية التي
كانت في زمن سابق قابعة في عمق المحيط على سطح الأرض وبدون غطاء نباتي
كثيف يحجبها. في تلك المنطقة تجد شبكة من "جداول" بيضاء متشكلة من لحقيلت
كربونات الكالسيوم المتبلورة (الكالسيت) تتلألأ بينها عروق الميكا وكأنها
أحجار من الماس. وينتشر الحجر الصواني الأحمر الغامق جنباً إلى جنب مع
فلزات الميكا الذهبية المتلألئة. وحتى العقيق الأحمر عثر عليه في
المنطقة. ذات مرة كنت محظوظة برؤية هذه الصخور فيما كانت السماء تمطر.
كانت الألوان حينها أكثر بريقاً بكثير نتيجة كونها رطبة.
|