الشندغة

الشندغة | 139 العدد | 4 أخبار مجموعة الحبتور ©APImages تسـبّب الرئيـس الأمريكـي دونالد ترامـب، عـن طريـق أفعاله وممارسـاته، بتقليـص مكانتـه كقائـد للعالـم الحـر، وفقـدَ صفـة الوسـيط النزيه. يشـعر حلفـاء أمريـكا وخصومهـا بهـول الصدمة نتيجـة قـراره إلقـاء قنبلة في الشـرق الأوسـط عبـر إعلانـه، بصـورة أحاديـة، القدس عاصمة للدولـة اليهودية. العلاقـة المميـزة بيـن المملكة المتحـدة وأمريـكا باتـت فـي خطـر. يطالب نـوّاب بريطانيـون غاضبـون بمنـع الرئيس الأمريكـي مـن زيارة بلادهم. وفـي خطـوة غيـر مسـبوقة، تطالب المملكـة المتحـدة وفرنسـا وإيطاليـا، فضـً عن خمسـة بلدان أخرى، بعقد جلسـة طارئـة لمجلـس الأمـن الدولـي للتعبيـر عن إدانتهـا للخطـوة. ولكـن لـن يصـدر أي قرار عـن الأمـم المتحـدة بهـذا الخصوص بسـبب حـق النقـض (الفيتـو) الـذي تمتلكـه الولايات المتحدة. لـم يكتـرث وزيـر الخارجيـة الألماني سـيغمار غابرييـل للأعـراف الديبلوماسـية، معلنـاً فـي تصريـح لـه: "لـم تعد الولايات المتحـدة تنظـر إلـى العالـم بأنـه أسـرة جامِعة، بـل تـرى فيـه حلبـة قتاليـة حيـث ينبغي علـى كل فريـق أن يسـعى خلـف مصلحتـه الخاصـة". أضـاف: "حتـى بعـد مغادرة ترامب البيـت الأبيـض، لـن تبقـى العلاقات مع الولايـات المتحـدة علـى مـا كانـت عليه". لقـد قضـى هـذا الفعـل المتهـوّر الصادر عـن شـخص خطيـر ومغـرور، على آمال السـ م. أقـدم ترامـب علـى ذلـك إما بدافع اسـترضاء قاعدتـه اليمينيـة المواليـة لإسـرائيل بعـد الهبـوط الحـاد فـي نسـب التأييد لـه، وإمـا مـن أجـل إثارة ردود فعـل عنيفة فـي منطقتنـا لتبريـر سياسـاته المناهضـة للمسلمين. لقـد دعـت "حركـة حمـاس" إلى انطلاق انتفاضـة فلسـطينية ثالثـة. ورفـض الرئيـس الفلسـطيني محمـود عبـاس لقـاء نائب الرئيـس الأمريكـي مايـك بنـس الذي سـيتوجّه قريبـاً إلـى المنطقـة مـن أجل العمـل علـى حصـر الأضرار. أسـوأ من ذلك، فإن إعلان ترامب يصـب فـي مصلحـة السـردية التي تروّج لهـا المجموعـات المتطرفـة. فقـد وجّهت "القاعـدة" وتنظيـم "الشـباب" وحركة "طالبـان" دعوات للتسـلّح. لا تخـدم ولاءات ترامـب المصالـح الأمريكيـة ولا الإسـرائيلية. فـي الواقـع، لقـد جعـل عالمنـا مكانـاً أشـد خطورة بكثيـر خاصـة للمسـافرين الإسـرائيليين والأمريكييـن مـن خـ ل وضع أهداف للإرهابييـن على رؤوسـهم. هـذا الاسـتفزاز الوقـح مـن جانب ترامب هـو بمثابـة هديـة إلـى مجنّـدي الإرهابيين، قـد يحـرض الذئـاب لاسـتجماع قواها الآن لمهاجمـة المدنييـن الأبريـاء فـي عواصم غربيـة وعربيـة. يـدرك ترامـب ذلـك جيدا ، لهذا السـبب أصدر أوامره بإرسـال قوات المارينز الأمريكية لحراسـة السـفارات، ونصحـت وزارة الخارجيـة الرعايـا الأمريكييـن في الشـرق الأوسـط بتوخّي الحيطة والحذر. ترامـب مغـرور يسـتخدم كل خطاباتـه بهـدف الترويـج لإنجازاتـه، الحقيقية والخياليـة علـى السـواء، أو تحقيـر المرشـحة الديمقراطيـة هيـ ري كلينتـون، التـي نافسـته في السـباق الرئاسـي، والتي يُبدي هوسـاً غريبـاً بالتهجّـم عليهـا وكأنّ بينهمـا ثـأراً. الموجـة الشـعبوية هـي التـي أوصلت هـذا الرئيـس غيـر الكفـوء إلـى المكتب البيضـاوي. فـي البدايـة، اعتُبِر ترشّـحه مجـرد دعابـة. أدلـى الناخبـون الذين ضاقوا ذرعـاً بالديناصـورات السياسـية، بأصواتهم لمصلحـة ترامـب علـى الرغـم مـن تصاريحه التـي تنـمّ عـن عنصريـة وتعصّب، وسـلوكه المشـين تجاه النسـاء، والتأييد الشـديد الذي حصـل عليـه مـن المجموعـات التـي تنادي بتفـوّق العـرق الأبيض. بعدمـا خـاب ظنّـي مـن موقف الرئيس الأمريكـي السـابق بـاراك أوبامـا الداعِم لإيران وروابطـه مـع جماعـة "الإخوان المسـلمين" الإرهابيـة، وقبـل أن أ كتشـف العيـوب في شـخصية ترامـب، عقـدت آمـالاً كبيـرة عليه 2017 ديسمبر 10 نشرت في الصحف بتاريخ خلف أحمد الحبتور • سياسات ترامب الخطيرة تهدّد عالمنا لقد

RkJQdWJsaXNoZXIy NDU3MzA=