الجمعة، 19 أبريل 2024

على مصر أن تسحق أعدائها و تتجاهل منتقديها

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

على الرغم من المشاكل الاقتصادية الحادّة والاحتجاجات المتفرّقة التي ينظّمها "الإخوان المسلمون" والتي غالباً ما تجنح نحو العنف، معظم المراقبين متفائلون بأن صناديق الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها الشهر المقبل سوف تجلب الاستقرار للبلاد. لكن المؤسف هو أن هناك أشخاصاً مصمّمين على القضاء عى آمال 90 مليون شخص، وهم مستعدّون لإراقة الدماء بغية تحقيق مآربهم؛ إنهم إرهابيون يشكلون خطراً على الدولة العربية التي تضم العدد الأكبر من السكّان، حتى إنهم يُهدّدون أمن دول الخليج العربي.

من المعلوم أن الجيش المصري يعمل على تطهير شبه جزيرة سيناء من المجموعات الجهادية المسلّحة، مثل )"أنصار بيت المقدس" )التي أسّسها نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بالتنسيق مع حركة "حماس"، إلا أن مقالاً صدر مؤخراً في صحيفة "الأخبار" المركزيه المملوكة من الدولة بعنوان "تأسيس الجيش المصري الحر في ليبيا"، ينقل عن المصادر الأمنية التحذير التالي: "هناك محاولات الآن لتكوين ما يُسمّى بالجيش ]المصري الحر في ليبيا ]بزعامة لقيادي في تنظيم "القاعدة"، أبو عبيدة، الذي ينشط على الجبهة السورية، بمشاركة الإخوان المسلمين والقاعدة، وبرعاية من قطر وتركيا وإيران، بالإضافة إلى وجود خطط تهدف إلى مهاجمة بعض المنشآت الحيوية مثل مطار القاهرة الدولي، واقتحام السجون لإطلاق سراح معتقلي جماعة الإخوان المسلمين ، وبث الفوضى لتعطيل الانتخابات الرئاسية القادمة". ويملي التقرير ليكشف عن أن المصانع الليبية تقوم بتصنيع الملابس الخاصة بالجيش المصري الحر استعداداً ل"ساعة الصفر" التي سيتم تحديدها من جانب أجهزة المخابرات الخارجية. لا يجوز إضاعة الوقت! تدرك الحكومة المصرية أن بلداناً أجنبية عدّة تتآمر لتركيع مصر بدعم من بعض القوى الغربية، ولذلك عليها أن تتحرّك على وجه السرعة.

لا يجوز التفاوض أو المساومة مع خونة متعطّشين للدماء وجهات أجنبية مشبوهة. على جميع المجالات أن يفتحوا عيونهم جيداً ويتحرّكوا بكامل قوتهم لاجتثاث التهديد قبل الانتخابات الرئاسية، وإلا أتوقّع بحزن شديد أن تنهار مصر كما نعرفها، فيفقد العالم العربي قلبه النابض. ولذلك أناشد القاهرة المبادرة فوراً إلى اتّخاذ الخطوات التالية: - التأكّد من إغلاق الحدود المصرية مع ليبيا إغلاقا تاماً مع الاستعانة بكامل القوة العسكريه الضرورية. - إرسال عملاء تابعين للأجهزة الأمنية الحكومية والاستخبارات العسكرية إلى الأراضي الليبية بهدف تقويم التهديد، وفي حال الرورة، السماح بشنّ عمليات عسكرية استهدافية مكثّفة وقصيرة المدى، للقضاء على الميليشيات المعادية لمصر، وذلك في إطار استراتيجية دفاعية إستباقية مستوحاة من الإستراتيجية العسكرية الأمريكية .(pre-emptive strategy) - تدمر كل أنفاق التهريب بين غزة ومصر وإغلاق مع رفح إلى أجل غير مسمّى. - اتّخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطهير لسيناء من القواعد والميليشيات الجهادية قبل أن يتفشى هذا الوباء. - اتّخاذ تدابير دقيقة ومتأنّية لمراقبة كل الزوّار القادمين من بلدان معروفة بمعاداتها لمصر، والتقيّد عن المنظمات الأهلية التي يُشتبَه بأنها تشكّل غطاء لأجهزة مخابرات أجنبية.

لقد سحبت مصر سفيرها من كل من #تركيا وقطر، وعليها الآن التركيز على علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. قبل بضعة أيام، استدعت وزارة الخارجية المصرية القائم بالأعمال الإيراني احتجاجاً على الاجتماعات التي عقدتها بعثته مع أشخاص على ارتباطه بجماعة الإخوان المحظورة. لا يمكن الوثوق بإيران. إنها تحرّك دُماها في لبنان؛ وتقف خلف الاضطرابات الأهلية في البحرين، ويحارب مقاتلوها إلى جانب الديكتاتور السوري. في يناير الماضي، اعترضت مصر على إعلان وزارة الخارجية الإيرانية بأن طهران قلقة ازاء تصاعد العنف بين الجيش المصري ومتظاهري الإخوان. يا له من رياء، في الوقت الذي لا يُسمَح فيه للإيرانين الذين يعيش عدد كبير منهم دون خط الفقر، بالتظاهر ضد الحرمان الاقتصادي، ومن أجل المطالبة بحقوق الإنسان أو حرية التعبير! يجب طرد الدبلوماسيين الإيرانين من مصر شرّ طردة. تقف مصر على حافة الهاوية، ولا يمكنها، في مثل هذه الظروف، أن تهتم بطمأنة مخاوف القلقين على حقوق الإنسان. يجب إسكات المتآمرين الذين يتلطّون خلف حقوق الإنسان مدّعيين أنهم يريدون الأفضل لمصر. وعلى العالم الغربي أن يكفّ عن مواعظه الأخلاقية ومطالبته مصر بالتقيّد بمعايره الخاصة في مجال حقوق الإنسان.

ما تعرّض الغرب للهجوم من تنظيم "القاعدة"، ضرب عرض الحائط باتفاقيات جنيف وكذلك اتفاقيات مكافحة التعذيب؛ واليوم يستخدمون كلات مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكأنها آلات حربية يدكّون بها البلدان العربية التي تدافع عن أمنها وسيادتها. عام 2012 ، إبان أعمال الشغب في بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الذي لا يتوقّف عن انتقاد السلطات المصرية، أنه يريد التخلّص من قانون حقوق الإنسان، قائلا "لا يمكننا أن نقبل بوجود أشخاص يشكّلون تهديداً لأمننا القومي... ويمكنهم اللجوء إلى الحقوق التي يمنحهم إياها القانون، في حين أنهم لا يأبهون البتّة لحقوق الآخرين". كفاناً قلقاً بشأن ما يفكّر فيه العالم! مر في حالة حرب. تقريباً كل دول مجلس التعاون الخليجي مستعدّة للوقوف إلى جانب مصر في جهودها الرامية إلى اقتلاع الإرهاب من جذوره، لأن قادتنا يعلمون أن أوطاننا تواجه التهديد نفسه. يجب أن يرصّ مجلس التعاون الخليجي صفوفه، بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، من أجل التصدّي للإخوان والقضاء على المخرّبين والمتعصّبين والمجرمين في منطقتنا، مثل "القاعدة" و"جبهة النصرة" و"داعش"، وكذلك السفّاحين المأجورين لدى طهران وحليفتها بغداد اللتين تنفّذان اجندة محكمة تهدف إلى إضعاف دول الخليج. بصراحة، انا مندهش أنه على الرغم من كل تقنيات المراقبة المتطوّرة المتوافرة لدول الخليج وحليفتنا واشنطن، نجد صعوبة واضحة في مطاردة المتطرّفن المسلّحين في حين أننا نشاهد باستمرار متطرفن يشهرون سلاحهم ويتحدّثون عبر شاشات التلفزة أمام خلفية من الرايات السوداء أو يتدرّبون على القتال. لماذا يُصوَّرون ويجري الترويج لهم بدلاً من إلقاء القبض عليهم؟ إذا كان القتلة الهمجيون الذين يفتخرون بقطع الرؤوس يُعتبرون اليوم مقاتلين شرفاء من أجل الحرية، فربما من الأجدى بي أن أرمي قلمي في عالمٍ لا قيمة فيه للأخلاق والمبادئ.

طوال قرون، وضعنا نحن العرب ثقة مفرطة في الآخرين. ما لا شك فيه أن العالم بات الآن أكثر خطورة بأشواط من اي وقت مضى، ولذلك يجب ألا نثق إلا بأنفسنا. علينا ألا نعتمد بعد الآن عى الآخرين ليخوضوا معاركنا بدلاً منا. ويجب ألا نصدّق الوعود التي تقطعها القوى الخارجية التي تدّعي حرصها عى مصالحنا. الآن، أكثر من أي وقت مضى، علينا ألا نتخاذل. بل يجب أن نضع الكلام الدبلوماسي جانباً، ونتحلىّ بالصراحة والشفافية كي نُظهر أننا نكترث لشعبنا ونضع حمايته قبل أي اعتبارات أخرى. من المعروف عن دول مجلس التعاون الخليجي أنها لا تُضمر مخططات خفيّة، خلافاً لعدد كبير من البلدان، لكن لا يمكننا أن نستمر في محاربة أعدائنا وأيدينا مكبّلة خلف ظهرنا. علينا أن نستنبط استراتيجيات فعّالة بدلاً من الاعتماد على ما تتكرّم به القوى الكبرى التي يكشف التاريخ أنها ليست خيرّة على الإطلاق. الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لن يساعدونا. سيصطفّون إلى جانب المنتر، سواء كان تنظيم "داعش" أو ميليشيا شيعية ما؛ فسوف يصفّقون لمن تكون له الغلبة والسيطرة أياً كانت هويّته. أخيراً، أوجّه الرسالة التالية إلى مصر ورؤساء دول الخليج العربي: الفارق بين القائد العادي والقائد العظيم هو القدرة على اتّخاذ القرارات. وفي هذه اللحظة بالذات، نحن أحوج ما يكون إلى قرارات شجاعة. على قادتنا أن يخرجوا من نطاق التفكير التقليدي في هذه الأزمنة الحرجة، ويختاروا مستشارين يتكلّمون بصراحة من دون مواربة، حرصاً منهم على أمن بلادهم، وليس أشخاصاً مطيعون لهم في كل شيء. احموا أوطانكم وشعوبكم؛ ابدأوا في الحال، ولا تنتظروا حتى الأسبوع أو الشهر المقبل. قد يكون الطريق مزروعاً بالأشواك والصخور، وقد يعتبر بعض "أصدقائنا" التقليدين عن اعتراضهم، لكن علينا أن نتحرّك عملا بالقول المأثور "المردّد يخبر دوماً". وفي هذه المعركة، الخسارة ليست خياراً.

تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم