الشندغة

p. 6 بتعديـل مسـارها بمـا ينسـجم مـع موقـف باقـي الـدول الأعضـاء فـي مجلــس التعــاون الخليجــي. إلا أنـه يبـدو أن ترامـب هـو مَـن بـدّل مسـاره. فهـا هـو الآن يحـضّ السـعودية والإمـارات والبحريـن – التـي لا تألـو جهـداً لمكافحـة الإرهـاب والتطـرف، وتشـاركه موقفـه مـن التهديـد الإيرا نـي – علـى الرضـوخ. لا وجـود للصـواب أو الخطـأ، والأخـ ق أو انعـدام الأخـ ق فـي قامــوس المواقــف الجيوسياســية الأمريكيــة. فتقلّبــات ترامــب مدفوعــة حصــراً بالمنفعــة التــي تحققهــا قطــر للولايــات المتحــدة فـي مجـالات الاسـتثمار وشـراء الأسـحلة، والأهـم مـن ذلـك، اســتضافة الدوحــة للمقــرّ الأمامــي للقيــادة المركزيــة الأمريكيــة الــذي يشــرف علــى العمليــات الأمريكيــة فـي أفغانسـتان والعـراق وسـوريا وبلـدان أخـرى. لسـوء الحـظ، لا يسـعني سـوى ملاحظـة أن وسـائل الإعـ م التقليديــة الأمريكيــة تميــل نحــو قطـر فـي تقاريرهـا. تُصـوّر التقاريـر والمقــالات الصحفيــة الدوحــة بأنهــا ضحيــة بريئـة اتّهِمـت زوراً وبهتانــاً بأنهــا تقــدّم التمويــل للإرهـاب. كذلـك يُبـدي كتّـابٌ لا يفقهـون شــيئاً فــي اللغــة العر بيــة تقديرهـم الشـديد لقنـاة الجزيـرة التـي يصوّرونهــا بأنهــا شــبكة تلفزيونيــة محترفــة وذات مناقبيــة، وغالبــاً مـا يُعـرب هـؤلاء الكتّـاب عـن سـخطهم إزاء مـا يصفونـه بالاعتـداء علـى حريـة التعبيـر. فـي الواقـع، القنـاة هـي أداةٌ للترويـج الخبيـث الـذي يتخطّـى مـا يقـوم بـه مروّجـو الدعايـة المتطرّفـة تُجيـد قطـر التلاعـب بوسـائل الإعـ م الأمريكيـة. تُخصّـص مبالــغ طائلــة لتبييــض صورتهــا عـن طريـق الإعلانـات والتقاريـر الدعائيـة والحمـ ت عبـر مواقـع التواصــل الاجتماعــي ووكالات العلاقـات العامـة. يسـتحق وزيـر الخارجيـة القطـري محمـد بـن عبـد الرحمـن جائـزة أوسـكار علـى ظهـوره فـي طبـاعٍ دمثـة وحفاظـه علـى بـرودة أعصابـه فـي المقابـ ت التـي يُطـلّ بهـا. يقـدّم نفسـه بأنـه صـوت العقـل المدافِـع عـن بـ ده المظلومـة فـي وجـه أصدقائهـا السـابقين الأشـرار، فيمـا تُطلـق وسـائل الإعـ م القطريـة، باسـم الحكومـة التـي ينتمـي إليهـا، الافتـراءات أعارض بشدّة التدخـل من جانب الولايـات المتحدة أو أي دولـة أخـرى تسـعى خلف مصالحهـا الخاصة. لطالمـا ردّدتُ أن هـذا الخـ ف هـو شـأنٌ عائلـي لا يمكـن أن يلقـى حـً لـه إلا مـن خـ ل الأطـراف المعنيّـة. أعـارض بشـدّة التدخـل مـن جانـب الولايـات المتحـدة أو أي دولـة أخـرى تسـعى خلـف مصالحهــا الخاصــة. فـي نهايـة المطـاف، الكـرة فـي ملعـب الدوحـة. فهـي تغـرّد خـارج سـرب الـدول المجـاورة علـى جبهــات كثيــرة، وإذا أرادت أن تحظــى بمعاملــة الدولــة الشــقيقة، كمـا كان الحـال سـابقاً، فالحـل يقـع فـي يـدَي أميرهـا، الشـيخ تميـم بـن حمـد آل ثا نـي. فـي غضـون ذلـك، ينبغـي علــى الســعودية وحلفائهــا أن يرفضـوا الرقـص علـى إ يقـاع الإدارة الأمريكيــة، لا ســيما وأن المؤشــرات تُظهـر بأنهــا متورّطــة مـع قطـر. إذا رضخنـا للإمـ ءات، فـإن قطـر، التـي تسـعى خلـف المصالحــة مــن دون تقديــم شـيء فـي المقابـل، سـتضحك فـي سـرّها فيمـا نبـدو نحـن فـي موقـع ضعيـف. كمـا أن الإذعـان لـ"أوامـر" السـيد ترامـب سيشـكّل سـابقةً يُعتَـدّ بهـا عندمـا يفـرض علينـا مزيـداً مـن المطالـب فـي ا لمســتقبل. العـام الماضـي، وجّـه ترامـب انتقـادات إلـى قطـر لقيامهـا بتمويـل الإرهـاب "علـى مسـتوى رفيـع جـداً"، وشـجّع، كمـا أفيـد، الجهــود التــي بذلتهــا الر باعيــة بقيـادة السـعودية لإقنـاع الدوحـة

RkJQdWJsaXNoZXIy NDU3MzA=