الشندغة

.608 لا بــل إن العلاقــات الوثيقــة بيــن شـعبَينا تعـود إلـى حقبـة ضاربـة فـي جـذور التاريـخ، فقـد نشـأت صداقـات بيـن الســعوديين والإماراتييــن عندمــا كانــت قوافــل الجِمــال تعبــر الصحــراء القاســية للمتاجــرة بالســلع والبضائــع. كان ذلـك قبـل اختـراع جـوازات الســفر والحــدود. كنّــا جميعنــا عربــاً فــي شــبه الجزيــرة العربيــة نحــلّ ضيوفــاً علـى أشـخاص غربـاء عنّـا خـ ل الرحـ ت الطويلــة. لقــد غيّــرت مســيرة الحداثــة أنمــاط عيشــنا ومدننــا تغييــراً كبيــراً بحيــث تبدّلــت معالمهــا، لكننــا لــم نتخــلّ قــط عــن قيمنــا الجوهريــة أو صداقاتنــا – أتطلّـع إلـى اليـوم الـذي سـتُصبح فيـه كل الحــدود مفتوحــة أمــام الإماراتييــن والســعوديين. تشــهد المملكــة فــي الوقــت الراهــن تحــولاً جذريــاً علــى الصعيدَيــن الاقتصــادي والاجتماعــي، بدفــعٍ مــن الأميـر محمـد بـن سـلمان، ولـي العهـد الشــاب والديناميكــي، بمباركــة والــده، العاهــل الســعودي، جلالــة الملــك سـلمان بـن عبـد العزيـز. الإمـارات جاهـزة لتقديــم المشــورة والدعــم، بشــتّى الوســائل، لهــذه المبــادرات التحوّليــة الشــجاعة. نقـف جنبـاً إلـى جنـب مـع المملكـة العربيــة الســعودية فــي نهضتهــا، ونســعى إلــى توســيع الشــراكة الجيوسياســية والأمنيــة والاقتصاديــة والاجتماعيــة بيـن البلدَيــن، كمــا فــي مياديــن التعليــم والرياضــة والرعايــة الصحيــة والتكنولوجيــا. لــدى كل واحــدٍ مــن البلدَيــن الكثيــر كــي يقدّمــه للآخــر، معــاً نســتطيع تخطــي كل الحــدود وفتــح الأبــواب علــى مصاريعهــا بيــن الدولتَيــن العربيتيــن العظيمتيــن اللتيــن تفوّقتــا بقوتهمــا الاقتصاديــة علــى جميــع الــدول الأخـرى فـي المنطقـة. يعــوّل الاقتصــاد الســعودي، كمــا الإمارا تــي، علــى القطاعــات النفطيــة وغيــر النفطيــة، ويضــم بعضــاً مــن كبريــات الشــركات المتعــددة الجنســيات فــي حقــول متعــدّدة. هاتــان الدولتــان الخليجيتــان تقــودان العالــم العر بــي فــي مجالــي التنميــة والابتــكار، ولــو بأســلوبَين مختلفيــن، إنمــا انطلاقــاً مــن رؤى متشــابهة بغيــة توليــد النمــو والفــرص لجميــع مواطنيهمــا. يــداً بيــد، يزدهــر الاقتصـاد فـي السـعودية والإمـارات، ويتمكّنـان معـاً مـن الصمـود فـي وجـه كل الصدمــات. وأتوقّــع أن ننضــمّ قريبـاً إلـى أكبـر عشـر قـوى اقتصاديـة فـي العالـم. الأهـم مـن ذلـك، يجـب أن نتيـح للمواطنيــن التعبيــر عــن آرائهــم فــي صنـع القـرارات الكبـرى التـي تؤثّـر فـي حياتهــم وســبل عيشــهم. نحتــاج إلــى قــادة مفكّريــن فــي القطاعــات المختلفــة، وإلـى أشـخاص مـن أصحـاب المبـادرة لا يهابـون ابتـكار أفــكار جديــدة، وليـس مجــرد موظّفيــن يراقبــون عقــارب الســاعة. فــي عالمنــا شــراكاتٌ كثيــرة قوامهــا مصالــح تلتقــي بصــورة مؤقتــة وتتبــدّل وفقــاً للظــروف، لكـن الشــراكة بيــن الســعودية والإمــارات مختلفــة تمامــاً. فمـا يجمعنـا يذهـب أبعـد مـن رابـط الـدم والتاريـخ؛ تحتـاج الإمـارات إلـى الســعودية والعكــس، مثــل جســدٍ واحــد يتنفّــس مــن الرئــة نفســها، وقلبَيــن يخفقـان بنبـض واحـد. نحـن إخـوة، وكمـا جميـع الإخـوة، قـد تكـون هنـاك اختلافـات فـي الـرأي بيننـا، لكـن فـي نهايـة المطـاف، نحــن أســرة واحــدة ومسـتقبلنا واحــد. تســير الســعودية والإمــارات علــى الخطـى نفسـها فـي السـعي إلـى إلحـاق الهزيمــة بأشــرار التطــرف والإرهــاب الذيــن يهــدّدون ســ م شــعبَينا والشـعوب الأخـرى فـي العالـم، وأمنهـم، ولهــذا عمدنــا إلــى تعزيــز أجهزتنــا العســكرية والرقابيــة والاســتخبارية، ونقــوم بالتنســيق علــى مختلــف الجبهــات. بتنــا نمتلــك القــدرة علــى الدفــاع عـن أنفسـنا، إنمـا أيضـاً عـن أصدقائنـا وجيراننــا الراغبيــن فــي اللحــاق بركــب باتحادنــا الراســخ والمحكَــم للحصــول ـى الحمايــة ضــد الدولــة الإرهابيــة عل الأكبـر إيـران التـي تلقـي بظـ ل قاتمـة علينــا جميعــاً، والذئــاب الذيــن يــدورون فـي فلكهـا فـي العـراق وسـوريا ولبنـان، وبالطبــع اليمــن، الــذي ســيتحرّر قريبــاً، بفضــل حــزم حكّامنــا وصلابتهــم، مــن القبضــة المدمّــرة للملالــي الإيرانييــن. لا يمكننــي أن أشــدّد بمــا فيــه الكفايــة علــى أهميــة اســتمرار الشــفافية والحــوار فيمــا بيننــا، وعــدم الســمح مطلقــاً لعــدم الثقــة بالتســلل إلــى علاقتنــا. ومــا دام الوضــوح والبســاطة همــا عنــوان التواصـل، كمـا فـي الأيـام القديمـة، فهـذا لـن يحصـل أبـداً. يطمـح أعداؤنـا إلــى إضعـاف روابطنــا لخدمــة أهدافهــم التوســعية فــي منطقتنــا، ولكنهــا أقــوى مــن أن تُضعفهــا محاولاتهــم التخويفيــة الفاشــلة. نحمـد الله تعالـى لأنـه وهبنـا قـادة اســتثنائيين يعملــون يــداً بيــد مــن أجــل ـى السـاحة رفـع أعـ م دولنـا عاليـاً عل الدوليــة، ويلتزمــون بالدفــاع عــن شــعوبنا فـي وجـه التهديـدات فـي عالمنـا الـذي يـزداد خطـورة يومـاً بعـد يـوم. الإماراتيون والسعوديون إخوةٌ يتشاركون الديانة نفسها، واللغة، والثقافة، والتقاليد، والجذور القبلية، وفي حالات كثيرة، روابط الدم نفسها 5 | 140 العدد | الشندغة

RkJQdWJsaXNoZXIy NDU3MzA=