الشندغة

الشندغة | 140 العدد | 2 مؤخـراً إلـى الوطـن مـن إحدى زيارا تـي المنتظمـة إلـى الدولـة الأقـوى علـى وجـه الأرض، الولايات المتحـدة الأمريكيـة التـي تضـم واحـداً مـن أعظـم الشـعوب فـي العالـم. أحظـى دائمـاً بالترحيـب وبالحفـاوة الشـديدة أينمـا حللـت. فـي هـذه المناسـبة، أجريـت مباحثـات مـع أشـخاص عادييـن، وشـخصيات سياسـية، وكذلـك مـع شـخصيات نافـذة رفيعـة المسـتوى، إنمـا خـاب ظنّـي عندمـا لمسـت أن قلّـة منهـم تـدرك حقيقـة مواقفنـا علـى السـاحة العالميـة. واسـتنتجت أن الذنـب ليـس ذنبهـم، بـل نحـن مَـن نتحمّـل المسـؤولية فـي المـآل المؤسـف الـذي وصلـت إليـه الأمـور. لقـد غفلنـا عن اسـتعمال الوسـائل الحديثـة مـن أجـل نقـل رسـائلنا كمـا يجـب. الحقيقـة هـي أن الـرأي العـام الأمريكـي يتأثّـر إلـى حـد كبيـر بوسـائل الإعـ م التـي باتـت ترتكـز، فـي هـذا العصـر، علـى الآراء المنحـازة أكثـر منـه علـى التقاريـر المحايـدة المسـتندة إلـى وقائـع راسـخة وموثوقـة. تضيـف الشـبكات التلفزيونيـة والصحـف الكبـرى لمسـتها الخاصـة إلـى الأخبـار بحسـب القناعـات السياسـية لمالكيهـا والمسـتثمرين فيهـا وكبـار المعلنيـن والمحرريـن. لنتوقـف مثـً عنـد التفـاوت الكبيـر فـي الطريقـة التـي تعتمدهـا كل مـن قنا تَـي "سـي إن إن" و"فوكـس نيـوز" فـي التعامـل مـع الأنبـاء العاجلـة. ففـي حيـن دعـا المذيعـون فـي قنـاة "سـي إن إن" إلـى ضبـط السـ ح إبـان وقـوع حادثـة إطلاق نـار مأسـوية جديـدة فـي إحـدى المدارس، تحدّثـت قنـاة "فوكـس نيـوز"، التـي تربطهـا علاقـة وثيقـة بـ"الجمعيـة الوطنيـة للبنـادق"، عـن أن مرتكـب الجريمـة فـي فلوريـدا الـذي ضحيـة نيكـولاس كـزور هـو 17 تسـبب بقتـل مصـاب بمـرض عقلي. فضـً عـن ذلـك، وسـائل الإعلام التقليديـة هـي التـي روّجـت لاجتيـاح مـن خـ ل حملـة تلفيـق 2003 العـراق عـام دفعـت بالشـعب الأمريكـي المضلـل إلـى الاعتقـاد بـأن الرئيـس صـدام حسـين يمتلـك مسـتودعات مليئـة بالأسـلحة النوويـة والبيولوجيــة والكيميائيــة. مثلمـا يتنافـس اليسـار واليميـن فـي الولايـات المتحـدة عبـر الأثيـر وفـي الصحافـة المكتوبـة مـن أجـل التأثيـر فـي العقـول، تتمتّـع بعـض البلـدان، ومـن بينهـا بلـدان تُعتبَـر الأصغـر والأضعـف، بحنكـة إعلاميـة كافيـة تُمكّنهـا مـن التلاعـب بـآراء الأمريكييـن علـى مختلـف المسـتويات. يُغرِقـون البرامـج الحواريـة الواسـعة الانتشـار بمبعوثيهـم السياسـيين الذيـن يتكلّمـون باسـمهم، ويضخّـون أمـوالاً طائلـة فـي الحمـ ت الإعلاميـة، والترويـج الذا تـي – عـن طريـق الإعلانـات أو حتـى الرعايـة المادّيـة – فضـً عـن الاسـتثمار فـي العلاقـات العامـة وشـركات اللو بـي. والأمـر نفسـه ينطبـق علـى تنظيمـات علـى غـرار "الإخـوان المسـلمين" الذيـن ظهـر قادتهـم فـي الصـور يـزورون البيـت الأبيـض، ووزارة الخارجيـة الأمريكيـة، ومجلـس العمـوم البريطا نـي، فـي إطـار الجهـود التـي يبذلونهـا لإقنـاع المسـؤولين الكبـار بـأن جماعتهـم هـي تنظيـمٌ حميـد، فـي حيـن أننـا نعـي تمامـاً فـي هـذه المنطقـة مـن العالـم أن العكـس هـو الصحيـح. تتقـن إسـرائيل وداعموهـا الأمريكيـون، منـذ أكثـر مـن نصـف قـرن، فـن التلاعب بالعقـول عـن طريـق أفـ م هوليـوود التـي تُظهـر المهاجريـن اليهـود إلـى فلسـطين فـي صـورة الـروّاد الشـجعان الذيـن يشـمّرون عـن سـواعدهم فـي "أرضٍ مـن دون شـعب لشـعبٍ مـن دون أرض"، وهـي عبـارة غالبـاً مـا يتكـرر الاستشـهاد بهـا فـي الكتابـات الصهيونيـة. فـي المقابـل – وحتـى يومنـا هـذا – لا تـزال تُلصَـق بالعـرب، علـى الـدوام تقريبـاً، عدت الحلفـاء الخليجيـون يفتقرون إلى 2018 فبراير 24 خلف أحمد الحبتور • نشرت في الصحف بتاريخ كلمة رئيس مجلس الإدارة

RkJQdWJsaXNoZXIy NDU3MzA=