الثلاثاء، 16 أبريل 2024

على السعودية اتخاذ موقف حازم في وجه الإهانات والتهديدات الأمريكية‏

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

يوجه الكونغرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الطعنة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬#السعودية،‭ ‬الحليفة‭ ‬الأقوى‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1933،‭ ‬وقد‭ ‬وضع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬للرئاسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬منهم‭ ‬هيلاري‭ ‬#كلينتون‭ ‬وخصمها‭ ‬#برني‭_‬ساندرز،‭ ‬سهامهم‭ ‬على‭ ‬القوس‭ ‬ويتأهّبون‭ ‬لإطلاقها‭. ‬لقد‭ ‬انقضى‭ ‬نحو‭ ‬15‭ ‬عاماً‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬شنّ‭ ‬تنظيم‭ "‬#القاعدة‭" ‬هجوماً‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عقر‭ ‬دارها،‭ ‬والذي‭ ‬دفعت‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬ولا‭ ‬تزالان،‭ ‬ثمناً‭ ‬باهظاً‭ ‬له‭. ‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الكونغرس‭ ‬قرّر‭ ‬اجترار‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬يتيح‭ ‬تجريد‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬حصانتها‭ ‬السيادية‭ ‬ليتمكّن‭ ‬موكّلو‭ ‬عائلات‭ ‬ضحايا‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬التي‭ ‬تطمح‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تعويضات‭ ‬هائلة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جرّ‭ ‬الحكومة‭ ‬#السعودية‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬الأمريكية‭ ‬عبر‭ ‬الزعم‭ ‬بأن‭ ‬المملكة‭ ‬متورّطة‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭.‬

أولئك‭ ‬المشترعون‭ ‬الذين‭ ‬يطالبون‭ ‬بإقرار‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬الحاقد‭ ‬الهادف‭ ‬إلى‭ ‬إيقاع‭ ‬السعوديين‭ ‬في‭ ‬شرك‭ ‬دعاوى‭ ‬مطوّلة،‭ ‬لا‭ ‬يطلقون‭ ‬فقط‭ ‬افتراءات‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬تسيء‭ ‬إلى‭ ‬نزاهة‭ ‬العائلة‭ ‬المالكة‭ ‬في‭ ‬#السعودية،‭ ‬بل‭ ‬يجازفون‭ ‬أيضاً‭ ‬بالتسبّب‭ ‬بانهيار‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬المتوتّرة‭ ‬أصلاً‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والمملكة‭ ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وحلفائها‭ ‬السنّة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

وبحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ "‬نيويورك‭ ‬تايمز‭"‬،‭ ‬يعرّضون‭ ‬أيضاً‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬لخطر‭ ‬شديد‭ ‬قد‭ ‬تؤثّر‭ ‬تداعياته‭ ‬سلباً‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭. ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الكونغرس‭ ‬يعمل‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬إقرار‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬ثانٍ‭ ‬الهدف‭ ‬منه‭ ‬كبح‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬#السعودية‭ ‬بسبب‭ ‬تدخّلها‭ ‬في‭ ‬#اليمن‭ ‬دعماً‭ ‬للحكومة‭ ‬اليمنية‭ ‬الشرعية‭.‬

حذّر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي،‭ ‬عادل‭ ‬الجبير،‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬تحسّباً‭ ‬لخطر‭ ‬اتخاذ‭ ‬المحاكم‭ ‬الأمريكية‭ ‬قراراً‭ ‬بتجميد‭ ‬سندات‭ ‬الخزينة‭ ‬والأصول‭ ‬المملوكة‭ ‬من‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬قد‭ ‬تُضطر‭ ‬المملكة‭ ‬إلى‭ ‬بيع‭ ‬ممتلكات‭ ‬عائدة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الأمريكية‭ ‬بقيمة‭ ‬750‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬يصرخ‭ ‬#برني‭_‬ساندرز‭ ‬بأنه‭ "‬ابتزاز‭" ‬قائلاً‭: "‬العائلة‭ ‬المالكة‭ ‬في‭ ‬#السعودية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬الأكثر‭ ‬نفوذاً‭ ‬وثراء‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬لهذا‭ ‬يمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يهدّدوا‭ ‬بسحب‭ ‬مئات‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬اقتصادنا‭". ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬السعوديين‭ ‬لا‭ ‬يحاولون‭ ‬التهديد‭. ‬هل‭ ‬من‭ ‬بلدٍ‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬يترك‭ ‬هذه‭ ‬المبالغ‭ ‬الطائلة‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬سياسيين‭ ‬لديهم‭ ‬أجندة‭ ‬إنتخابيّة‭!‬

إذا‭ ‬دخلت‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬القشة‭ ‬التي‭ ‬تقصم‭ ‬ظهر‭ ‬البعير‭. ‬وهي‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬ما‭ ‬كشفه‭ ‬جيفري‭ ‬غولدبرغ‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ "‬ذي‭ ‬أتلانتيك‭" ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬يعتبر‭ ‬#السعودية‭ ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬السنّية‭ "‬متطفّلين‭"‬،‭ ‬وعندما‭ ‬سئل‭ ‬أوباما‭ ‬‭"‬أليس‭ ‬السعوديون‭ ‬أصدقاءكم؟‭" ‬أجاب‭: "‬الأمر‭ ‬معقّد‭." ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬هو‭ ‬كلامه‭ ‬عن‭ ‬وجوب‭ ‬أن‭ ‬يتعلّم‭ ‬السعوديون‭ ‬تقاسم‭ ‬المنطقة‭ ‬مع‭ ‬#إيران‭.‬

من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬أوباما‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬إلى‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬مسعى‭ ‬لتلميع‭ ‬صورته؛‭ ‬سوف‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ذرة‭ ‬دعم‭ ‬يمكنه‭ ‬الحصول‭ ‬عليها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬إعادة‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عبر‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬#إيران‭ ‬تسبّب‭ ‬بتقوية‭ ‬ممول‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬بالسعودية‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬تحالف‭ ‬إسلامي‭ ‬مناهض‭ ‬للإرهاب‭ ‬مؤلف‭ ‬من‭ ‬34‭ ‬دولة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬منحت‭ ‬موافقتها‭ ‬لتشكيل‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬مشتركة‭. ‬لقد‭ ‬رفع‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬#إيران‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬الأجندة‭ ‬الأميركية‭ ‬وأظهر‭ ‬ألوانهم‭ ‬الحقيقية‭ ‬تجاه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإقرار‭ ‬بأن‭ ‬أوباما‭ ‬يعارض‭ ‬بشدّة‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المطروح‭ ‬في‭ ‬الكونغرس،‭ ‬ويبذل‭ ‬جهوداً‭ ‬دؤوبة‭ ‬لمنع‭ ‬إقراره،‭ ‬لكنه‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬مدفوعاً‭ ‬فقط‭ ‬بالقلق‭ ‬من‭ ‬تداعياته‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاستخبارية‭ ‬والقانونية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المحتملة،‭ ‬وهو‭ ‬محق‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬قررت‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬أن‭ ‬تحذو‭ ‬حذو‭ ‬#السعودية‭ ‬وتعمد‭ ‬إلى‭ ‬تصفية‭ ‬سنداتها‭ ‬وأصولها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وسحبها‭ ‬من‭ ‬هناك‭. ‬علاوةً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬سوف‭ ‬تؤدّي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬سابقة‭ ‬قد‭ ‬تشجّع‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وباكستان‭ ‬على‭ ‬مقاضاة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬مقتل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬لقوا‭ ‬مصرعهم‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬بواسطة‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيّار‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬#كلينتون‭ ‬وساندرز‭ ‬يدعمان‭ ‬مشروع‭ ‬القانون،‭ ‬ويقولان‭ ‬إنهما‭ ‬يقفان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عائلات‭ ‬ضحايا‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬بأن‭ ‬الكونغرس‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬تعويضات‭ ‬بقيمة‭ ‬سبعة‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬لعائلات‭ ‬الضحايا،‭ ‬مع‭ ‬بلوغ‭ ‬معدّل‭ ‬التعويض‭ ‬الواحد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليونَي‭ ‬دولار‭. ‬اتّهم‭ ‬ساندرز‭ ‬السعوديين‭ ‬بنشر‭ "‬أيديولوجيا‭ ‬أصولية‭ ‬مروّعة‭"‬،‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬اتهام‭ ‬الرياض‭ ‬بدعم‭ "‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭" ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭.‬‭ ‬وقالت‭ ‬#كلينتون‭ ‬لقناة‭ "‬أيه‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭": "‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نجعل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬الإرهاب‭ ‬أو‭ ‬يدعمه‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭..."‬

هذا‭ ‬يكفي‭! ‬فعلت‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بوسعها‭ ‬لتقويض‭ ‬مسيرة‭ ‬مصر‭ ‬للتقدم‭ ‬نحو‭ ‬الأمام‭ ‬منذ‭ ‬تنحية‭ ‬أصدقائها،‭ "‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭"‬،‭ ‬من‭ ‬السلطة،‭ ‬والآن‭ ‬ها‭ ‬هو‭ ‬الكونغرس‭ ‬يشنّ‭ ‬هجوماً‭ ‬على‭ ‬#السعودية‭ ‬التي،‭ ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬#إيران،‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬إدانتها‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬الذي‭ ‬ورد‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ "‬أية‭ ‬أدلة‭" ‬عن‭ ‬أن‭ "‬الحكومة‭ ‬#السعودية،‭ ‬كمؤسسة‭ ‬أو‭ ‬مسؤولين‭ ‬سعوديين‭ ‬كبار،‭ ‬موّلت‭ ‬التنظيم‭ ‬بصورة‭ ‬فردية‭" ‬أو‭ ‬تآمرت‭ ‬مع‭ ‬منفّذي‭ ‬الهجمات‭ ‬أو‭ ‬قامت‭ ‬بتمويلهم‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬نفسه‭ ‬قدّم‭ ‬أدلة‭ ‬تثبت‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تواصل‭ ‬متزايد‭ ‬بين‭ ‬#إيران‭ ‬وتنظيم‭ "‬#القاعدة‭"‬،‭ ‬وتؤكّد‭ ‬أنه‭ ‬سُمِح‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الذين‭ ‬نفذوا‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬بعبور‭ ‬#إيران‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ختم‭ ‬جوازات‭ ‬سفرهم‭. ‬ومؤخراً،‭ ‬أصدرت‭ ‬محكمة‭ ‬فيديرالية‭ ‬أمريكية‭ ‬حكماً‭ ‬اعتبرت‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬#إيران‭ ‬وعميلها‭ ‬اللبناني‭ "‬حزب‭ ‬الله‭" ‬قدّما‭ "‬دعماً‭ ‬مادياً‭ ‬ومباشراً‭ ‬لتنظيم‭ ‬#القاعدة‭" ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬#أمريكا،‭ ‬وأنهما‭ ‬يتحملان‭ ‬مسؤولية‭ ‬دفع‭ ‬تعويضات‭ ‬للعائلات‭ ‬المنكوبة‭. ‬هل‭ ‬يلمّح‭ ‬المشترعون‭ ‬الذين‭ ‬أعدّوا‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المذكور،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تواطؤ‭ ‬بين‭ ‬العدوَّين‭ ‬الإقليميين،‭ ‬#السعودية‭ ‬وإيران؟‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬مهيناً‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬مثير‭ ‬للسخرية‭ ‬أيضاً‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخاطفين‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬الجنسية‭ ‬#السعودية‭. ‬لكن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الانتحاريين‭ ‬ومطلقي‭ ‬النيران‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬باريس‭ ‬وبروكسل‭ ‬كانوا‭ ‬مواطنين‭ ‬بلجيكيين‭ ‬وفرنسيين،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬المنطق‭ ‬أن‭ ‬نستنتج‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭ ‬أو‭ ‬البلجيكية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحرّكهم‭ ‬أو‭ ‬تمولهم؟‭ ‬بالطبع‭ ‬لا‭! ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قاطعي‭ ‬الرؤوس‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬#داعش‭ ‬هم‭ ‬مواطنون‭ ‬بريطانيون‭. ‬ألن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الغباء‭ ‬اقتياد‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة؟‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لطالما‭ ‬طالب‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬حكوماتهم‭ ‬بالتحلي‭ ‬بشفافية‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المعطيات‭ ‬المحيطة‭ ‬بأحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أسئلتهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أجوبة‭.‬

ليتني‭ ‬أعرف‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬بالكونغرس‭ ‬إلى‭ ‬تجاهل‭ ‬التورط‭ ‬الإيراني‭ ‬المعروف،‭ ‬والتوجّه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬نحو‭ ‬ملاحقة‭ ‬#السعودية‭. ‬لماذا‭ ‬المملكة‭ ‬هي‭ ‬الهدف‭ ‬المفضّل؟‭ ‬كنت‭ ‬أجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أصدّق‭ ‬بأن‭ ‬السياسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المشارب‭ ‬السياسية‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬إضعاف‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬الأكثرية‭ ‬السنّية،‭ ‬لكن‭ ‬الإثباتات‭ ‬تتعاظم‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭. ‬فالرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬باقات‭ ‬الورود‭ ‬والمليارات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬نصيب‭ ‬#السعودية‭ ‬هو‭ ‬الافتراءات‭ ‬والانتقادات‭. ‬لقد‭ ‬باتت‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬ساطعة‭ ‬مثل‭ ‬سطوع‭ ‬الشمس‭.‬

نتحمّل‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬والخليجيين‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬ألمّت‭ ‬بنا‭. ‬لقد‭ ‬تسرّعنا‭ ‬في‭ ‬المسامحة،‭ ‬وصدّقنا‭ ‬بكل‭ ‬طيبة‭ ‬خاطر‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬العظمى‭ ‬هي‭ ‬صديقتنا‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬وأنها‭ ‬حريصة‭ ‬جداً‭ ‬على‭ ‬مصالحنا‭. ‬نحتاج‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬ملموس‭ ‬بأن‭ ‬واشنطن‭ ‬تقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبنا،‭ ‬وإلا‭ ‬علينا‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬خيارات‭ ‬بديلة‭. ‬سوف‭ ‬يلقى‭ ‬الرئيس‭ ‬أوباما‭ ‬معاملة‭ ‬ودّية‭ ‬وترحاباً‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬الرياض‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭.‬‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تُزرَع‭ ‬السجادة‭ ‬الحمراء‭ ‬بالورود‭ ‬إنما‭ ‬بالحقائق‭ ‬الصعبة‭.‬

 
تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم