الجمعة، 19 أبريل 2024

مَن الرابح في مجزرة أورلاندو المروّعة؟‏

بقلم خلف أحمد الحبتور

© Shutterstock

ها هي‭ ‬#أمريكا‭ ‬تبكي‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أبناءها‭ ‬وبناتها‭ ‬الذين‭ ‬خُطِفت‭ ‬حياتهم‭ ‬بطريقة‭ ‬همجية‭ ‬وعبثية‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬مسلّح‭ ‬أطلق‭ ‬النار‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬رشاش‭ ‬حربي‭ ‬في‭ ‬أورلاندو،‭ ‬فلوريدا‭ ‬يوم‭ ‬12‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭. ‬لقد‭ ‬اضطُرّ‭ ‬الرئيس‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬خلال‭ ‬ولايته،‭ ‬إلى‭ ‬مخاطبة‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬مناسبة‭ ‬مماثلة،‭ ‬وكان‭ ‬يتحدّث‭ ‬دائماً‭ ‬بلهجة‭ ‬مشحونة‭ ‬بالمشاعر،‭ ‬وتبدو‭ ‬عليه‭ ‬علامات‭ ‬الغضب‭.‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬بدا‭ ‬يائساً‭ ‬ومستسلماً،‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬عجزه‭ ‬عن‭ ‬التشدّد‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬حيازة‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬كونغرس‭ ‬متعنّت‭ ‬

يهيمن‭ ‬عليه‭ ‬الجمهوريون‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬خارج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬أسلحة‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬معارض‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬الشارين‭ ‬وخلفياتهم‭ ‬هو‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬الجنون،‭ ‬والجنون‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬عظمى‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬هو‭ ‬شراء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭!‬

أتقدّم‭ ‬بالتعازي‭ ‬إلى‭ ‬أهل‭ ‬الضحايا‭ ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬يصارعون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬عيادات‭ ‬علاج‭ ‬الصدمات‭. ‬لا‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أتخيّل‭ ‬حجم‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬المرء‭ ‬عند‭ ‬خسارة‭ ‬فلذة‭ ‬كبده‭ ‬أو‭ ‬شقيق‭ ‬أو‭ ‬شقيقة‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بفرصة‭ ‬أن‭ ‬يطبع‭ ‬قبلة‭ ‬الوداع‭ ‬على‭ ‬جبينهم‭.‬

أحاول‭ ‬جاهداً،‭ ‬شأني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شأن‭ ‬معظم‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬ما‭ ‬جرى‭. ‬ثمة‭ ‬سحابة‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬تكتنف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬،‭ ‬وبصراحة،‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬كُشِفت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬غير‭ ‬متماسكة‭ ‬في‭ ‬رأيي‭. ‬ثمة‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬لم‭ ‬تلقَ‭ ‬لها‭ ‬جواباً‭ ‬بعد‭.‬

يُقال‭ ‬إن‭ ‬منفّذ‭ ‬الهجوم‭ ‬عمر‭ ‬متين‭ ‬تصرّف‭ ‬بدافع‭ ‬كرهه‭ ‬الشديد‭ ‬للمثليين،‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬دوافع‭ ‬أخرى،‭ ‬لكن‭ ‬بحسب‭ ‬صحيفة‭ "‬التلغراف‭"‬،‭ ‬شوهِد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬ملهى‭ "‬بالس‭" ‬حيث‭ ‬نفّذ‭ ‬هجومه،‭ ‬وكان‭ ‬يستخدم‭ ‬بانتظام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ "‬تطبيقات‭ ‬المواعدة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمثليين‭" ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬ينشر‭ ‬صوره‭. ‬نقلت‭ ‬صحيفة‭ "‬بالم‭ ‬بيتش‭ ‬بوست‭" ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬زملائه‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬اعتقاده‭ ‬بأن‭ ‬متين‭ ‬كان‭ ‬مثلياً،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أنه‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬التقرّب‭ ‬منه‭ "‬بطريقة‭ ‬رومنسية‭".‬

والمثير‭ ‬للصدمة‭ ‬فعلاً‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬لدى‭ ‬G4S،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬كبريات‭ ‬شركات‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬طوال‭ ‬تسع‭ ‬سنوات،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬تتعاقد‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭. ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬وضعه‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ (‬إف‭ ‬بي‭ ‬أي‭) ‬تحت‭ ‬المراقبة،‭ ‬وقام‭ ‬بالتقصّي‭ ‬عنه‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر‭.‬

أبلغ‭ ‬زملاؤه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السلطات‭ ‬بعدما‭ ‬أخبرهم‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬روابط‭ ‬عائلية‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ "‬#القاعدة‭" ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ "‬حزب‭ ‬الله‭"‬،‭ ‬عميل‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬#لبنان،‭ ‬وبعدما‭ ‬سمعوه‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الآخرين‭. ‬ليس‭ ‬مألوفاً‭ ‬أن‭ ‬يدعم‭ ‬أحدهم‭ "‬#القاعدة‭" ‬و‭"‬حزب‭ ‬الله‭" ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭.‬

يقول‭ ‬دانيال‭ ‬جيلروي،‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬شرطة‭ ‬سابق‭ ‬عمِل‭ ‬حارساً‭ ‬أمنياً‭ ‬مع‭ ‬متين،‭ ‬إنه‭ ‬اشتكى‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬إلى‭ ‬رؤسائه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬متين‭ ‬خطير‭ ‬ومتعصّب،‭ ‬وغاضب‭ ‬على‭ ‬الدوام‭. ‬قال‭: "‬توقّعت‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭". ‬نجح‭ ‬القاتل‭ ‬في‭ ‬خداع‭ ‬الـ‭"‬إف‭ ‬بي‭ ‬آي‭" ‬قائلاً‭ ‬بأنه‭ ‬يتحدّث‭ ‬بغضب‭ ‬بسبب‭ ‬التمييز‭ ‬الذي‭ ‬يتعرّض‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬معتقده‭ ‬الديني‭. ‬وقد‭ ‬خلص‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬زملاءه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬عنصريون‭ ‬وأغلق‭ ‬الملف‭.‬

بعد‭ ‬شهرَين،‭ ‬أعيد‭ ‬فتح‭ ‬ملفه‭ ‬عندما‭ ‬اكتُشِف‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بمنير‭ ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬صالحة،‭ ‬العضو‭ ‬في‭ "‬جبهة‭ ‬النصرة‭" ‬التابعة‭ ‬لتنظيم‭ "‬#القاعدة‭"‬،‭ ‬والذي‭ ‬اشتهر‭ ‬بأنه‭ ‬المواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬فجّر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬#سوريا‭. ‬مجدداً،‭ ‬أسقط‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬القضية‭ ‬معتبراً‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بينهما‭ ‬كانت‭ ‬سطحية‭.‬

الغريب‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬لديها‭ ‬أُبلِغت‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬أن‭ ‬متين‭ ‬يخضع‭ ‬للمراقبة‭ ‬من‭ ‬الـ‭"‬إف‭ ‬بي‭ ‬آي‭"‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬احتفظت‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬بقاءه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬يعني‭ ‬إفساح‭ ‬المجال‭ ‬أمامه‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأسلحة‭ ‬النارية‭ ‬بطريقة‭ ‬قانونية‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬حسّاسة‭.‬

يقول‭ ‬والد‭ ‬متين‭ ‬وزوجته‭ ‬السابقة‭ ‬وإمام‭ ‬المسجد‭ ‬المحلي‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬تظهر‭ ‬عليه‭ ‬أية‭ ‬بوادر‭ ‬بأنه‭ ‬تلقّن‭ ‬العقيدة‭ ‬المتطرفة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كثراً‭ ‬من‭ ‬معارفه‭ ‬ينعتونه‭ ‬بأنه‭ ‬عنصري‭ ‬وتعسّفي‭ ‬ومضطرب‭ ‬عقلياً‭. ‬وقد‭ ‬وصفته‭ ‬زوجته‭ ‬السابقة‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬شخصاً‭ ‬عادياً‭ ‬يحب‭ ‬التسلية‭ ‬والمرح‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬زواجهما،‭ ‬وبأنه‭ ‬أصبح‭ ‬سريع‭ ‬الغضب‭ ‬ومضطرباً‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اتصال‭ ‬متين‭ ‬بشرطة‭ ‬الطوارئ‭ ‬معلناً‭ ‬ولاءه‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬لم‭ ‬يتبنَّ‭ ‬التنظيم‭ ‬مسؤولية‭ ‬الهجوم‭ ‬لكنه‭ ‬أثنى‭ ‬عليه‭ ‬واصفاً‭ ‬إياه‭ ‬بأنه‭ "‬جندي‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬الخلافة‭". ‬يعتقد‭ ‬خبراء‭ ‬الاستخبارات‭ ‬أنه‭ ‬تصرّف‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه‭ ‬بوحي‭ ‬من‭ ‬الأيديولوجيا‭ ‬المنحرفة‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬عنصراً‭ ‬مدرَّباً‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭.‬

هل‭ ‬كان‭ ‬يكره‭ ‬مثليي‭ ‬الجنس‭ ‬أم‭ ‬كان‭ ‬مثلياً‭ ‬جنسياً‭ ‬يكره‭ ‬نفسه؟‭ ‬هل‭ ‬تلقّن‭ ‬العقيدة‭ ‬المتطرفة‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬عقلية؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يتنبّه‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬أو‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬لديها‭ ‬للخطر‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬تقارير‭ ‬الشهود‭ ‬وارتباطه‭ ‬بإرهابي‭ ‬شهير‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بتنظيم‭ "‬#القاعدة‭"‬؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يُطلَب‭ ‬من‭ ‬مجتمعه‭ ‬و‭/‬أو‭ ‬القادة‭ ‬الدينيين‭ ‬مراقبته‭ ‬جيداً؟

ما‭ ‬يزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬هو‭ ‬صعود‭ ‬مشاعر‭ ‬العداء‭ ‬للإسلام‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فيما‭ ‬يصبّ‭ ‬المرشح‭ ‬الجمهوري‭ ‬المفترض‭ ‬للرئاسة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬النار‭. ‬فقد‭ ‬غرّد‭ ‬ترامب‭ ‬معلّقاً‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭: "‬شكراً‭ ‬على‭ ‬التهاني‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬على‭ ‬صواب‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسلامي‭ ‬المتطرف‭". ‬فردّت‭ ‬عليه‭ ‬ميغان‭ ‬ماكين،‭ ‬ابنة‭ ‬السناتور‭ ‬جون‭ ‬ماكين‭ ‬في‭ ‬تغريدة‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭: "‬تهنّئ‭ ‬نفسك‭ ‬لأن‭ ‬خمسين‭ ‬شخصاً‭ ‬لقوا‭ ‬مصرعهم‭ ‬هذا‭ ‬الصباح‭ ‬في‭ ‬مأساة‭ ‬مروّعة‭".‬

وقد‭ ‬بادر‭ ‬ترامب‭ ‬بطريقة‭ ‬انتهازية‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬اشتداد‭ ‬مشاعر‭ ‬الخوف‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭ ‬كي‭ ‬يجدّد‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬حظر‭ ‬دخول‭ ‬المسلمين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ما‭ ‬يعزّز‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬الناخبين‭.‬

وعمل‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬تشويه‭ ‬الحقائق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تضخيم‭ ‬فكرته‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬متين‭ ‬هو‭ "‬أفغاني‭"‬،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬بأنه‭ ‬مواطن‭ ‬أمريكي‭ ‬أبصر‭ ‬النور‭ ‬وتلقّى‭ ‬تحصيله‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬وبناءً‭ ‬عليه،‭ ‬يجب‭ ‬اعتباره‭ ‬إرهابياً‭ ‬محلي‭ ‬المنشأ‭ ‬أو‭ ‬شخصاً‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬عقلي‭. ‬كان‭ ‬المهاجمان‭ ‬في‭ ‬فورت‭ ‬هود‭ ‬وسان‭ ‬برناردينو‭ ‬مواطنَين‭ ‬أمريكيين‭ ‬أيضاً‭. ‬اتّهم‭ ‬ترامب‭ ‬أوباما‭ ‬بأنه‭ "‬خذلنا‭"‬،‭ ‬وقال‭ ‬عن‭ ‬هيلاري‭ ‬كلنيتون‭ ‬إنها‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ "‬قبول‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬ذبحنا‭".‬

أما‭ ‬أسلوب‭ ‬كلينتون‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬المسألة‭ ‬فكان‭ ‬متروّياً‭ ‬وينم‭ ‬عن‭ ‬خصال‭ ‬رئاسية‭. ‬بدت‭ ‬رصينة‭ ‬وهي‭ ‬تتحدّث‭ ‬عن‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬ستتخذها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬سدّة‭ ‬الرئاسة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الحوادث‭ ‬المماثلة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬فيما‭ ‬حذّرت‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬المسلمين‭ ‬أن‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ "‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭" ‬وتنظيم‭ "‬#القاعدة‭".‬

انتهزت‭ ‬كلينتون‭ ‬الفرصة‭ ‬لحثّ‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬#السعودية‭ ‬وقطر‭ ‬والكويت‭ ‬لاتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬لمنع‭ ‬مواطنيهم‭ ‬من‭ "‬تمويل‭ ‬للمنظمات‭ ‬المتطرفة‭"‬،‭ ‬ودعمهم‭ ‬للمساجد‭ ‬والمدارس‭ ‬المتشدّدة‭.‬

تقود‭ ‬#السعودية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬الحملة‭ ‬ضد‭ ‬التطرف،‭ ‬وقد‭ ‬وضعت‭ ‬قائمة‭ ‬سوداء‭ ‬بالتنظيمات‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وتعمد‭ ‬إلى‭ ‬ترحيل‭ ‬المتعاطفين‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬فرضت‭ ‬عقوبات‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬المجنِّدين‭ ‬والمموِّلين‭. ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬استهدفهم‭ ‬الإرهابيون‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إتهامات‭ ‬كلينتون‭ ‬منسجمة‭ ‬مع‭ ‬الرسالة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬وجّهتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطابها‭ ‬والتي‭ ‬حضّت‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬يداً‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الآفة‭.‬

كان‭ ‬المسلمون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬من‭ ‬الأوائل‭ ‬الذين‭ ‬أدانوا‭ ‬بشدّة‭ ‬الهجوم‭ ‬فيما‭ ‬يساورهم‭ ‬القلق‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬عائلاتهم‭. ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬الحاقدون‭ ‬الإهانات‭ ‬خارج‭ ‬المسجد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬متين‭ ‬يتردّد‭ ‬إليه،‭ ‬ووُجِّهت‭ ‬تغريدات‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬تهديدات‭ ‬إلى‭ ‬مسجد‭ ‬في‭ ‬ديربورن‭. ‬أنا‭ ‬أتعاطف‭ ‬أيضاً‭ ‬مع‭ ‬المسلمين‭ ‬الأمريكيين‭.‬

حان‭ ‬الوقت‭ ‬ليتوحّد‭ ‬الجميع‭ ‬ضد‭ ‬القتلة‭ ‬الإرهابيين‭. ‬يُستهدَف‭ ‬الأبرياء‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬بصورة‭ ‬شبه‭ ‬يومية،‭ ‬لكن،‭ ‬لسبب‭ ‬ما،‭ ‬لا‭ ‬يعبّر‭ ‬الأمريكيون‭ ‬حكومة‭ ‬وشعباً‭ ‬عن‭ ‬الأسى‭ ‬عليهم‭. ‬جميعنا‭ ‬في‭ ‬المركب‭ ‬نفسه،‭ ‬وإذا‭ ‬تجاذبتنا‭ ‬أمواج‭ ‬السياسة‭ ‬أو‭ ‬التعصّب،‭ ‬فإن‭ ‬الرابح‭ ‬الوحيد‭ ‬هم‭ ‬الإرهابيون‭. ‬عندما‭ ‬تنتهي‭ ‬حماسة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬آمل‭ ‬بأن‭ ‬يمدّ‭ ‬الفائز‭ ‬يده‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬حواجز‭ ‬مدمّرة‭ "‬بينهم‭ ‬وبيننا‭".‬

 
تعليق
الرجاء المحافظة على تعليقاتك ضمن قواعد الموقع. يرجي العلم انه يتم حذف أي تعليق يحتوي على أي روابط كدعاية لمواقع آخرى. لن يتم عرض البريد الإلكتروني ولكنه مطلوب لتأكيد مشاركتم.
المزيد من المقالات بقلم