قلة من المراقبين كانوا يتوقعون للإمارات العربية المتحدة
وتتفوق على دول ذات تاريخ كروي أكثر عراقة وقوة مثل أستراليا
واليابان حين فتح ملفها في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم، الفيفا،
لاستضافة بطولتي كأس العالم للأندية في الموسمين المقبلين.
غير أن الإمارات أعلنت في خطوة سريعة، بعد أن عاد وفد رفيع المستوى
من اتحاد الإمارات لكرة القدم يترأسه محمد خلفان الرميثي من مدينة
زيوريخ السويسرية حيث يوجد المقر العام للفيفا، أنها أكثر من
مستعدة لاستضافة كبرى المنافسات الكروية الدولية. وقام الرميثي
بتقديم ملف الإمارات لاستضافة كأس العالم للأندية في كرة القدم
لموسمي 2009 و2010 شخصياً لسيب بلاتر، رئيس الفيفا بحضور الأمين
العام جيروم فالك ورئيس بطولات الفيفا جيم براون قبل انقضاء الموعد
النهائي للترشيح في إبريل الماضي.
وكان الرميثي شديد الثقة بقوة ملف الإمارات عند تقديمه للفيفا وعبر
عن ذلك بقوله حينها بعد عودته من زيوريخ: "الأمور تبدو مشجعة." غير
أن ما أكد على قوة ملف الإمارات وغير الأمور في صالحها ربما يكون
بالفعل الدعم الكامل من قبل حكومة الإمارات لاستضافة حدث عالمي
بهذا الحجم.
|
|
ولهذا لم يشعر أحد بالمفاجأة فعلاً حين أعلنت الفيفا في 27 مايو
قرارها النهائي بشأن استضافة بطولة كأس العالم للأندية في موسمي
2009 و2010. وحينها قال الرميثي: "لقد وضعنا الفيفا في صورة الدعم
الحكومي لاستضافة البطولة. ولهذا لم نكن بشكل أو بآخر متفاجئين
جداً لكوننا نجحنا في جعل الساحة الكروية العالمية تلتفت إلى هذه
المنطقة من العالم بشكل عام وتنتنه لها."
غير أن ما لم ينتبه إليه الكثيرون ربما فهو الجهود الكبيرة التي تم
بذلها لضمان نجاح ملف ترشيح الإمارات. وقد تعاقد مجلس أبوظبي
للرياضة لهذا الغرض مع شركة أبولد الألمانية الاستشارية المتخصصة
في ترويج الفعاليات والعلامات الرياضية.
وشرعت الشركة الألمانية في تنفيذ المهمة الموكلة إليها بطريقة
منهجية وهي التي لم تكن حديثة العهد بالمشهد الرياضي العالمي
والتخطيط الاستراتيجي للمناسبات الرياضية العالمية من مرحلة إعداد
الملف وحتى تنضيم هذه الأحداث. وحظيت الشركة بدعم شركائها التقنيين
في فرانكفورت، أيه إس آند بي وبروبروجيكت، وهو ما ضمن أن يكون ملف
الإمارات الفضل حين يقارن بملفي أستراليا واليابان.
وبعد أن نجحت شركة أبولد في تنظيم ملفات ترشيح ألمانيا لاستضافة
كأس العالم لكرة القدم في 2006 وملف جنوب إفريقيا لاستضافة كأس
العالم في 2010 وملف مدينة لايبزغ لاستضافة الألعاب الأولمبية
الصيفية في 2012، فقد كانت أبوظبي محقة في الوثوق بقدرات هذه
الشركة.
ولكن الجانب الأكثر إثارة في كل ذلك، إلى جانب قدوم فرق أفضل
الأندية في العالم لتلعب هنا في الإمارات، هو أن نادياً من
الإمارات ربما يحصل على الفرصة لخوض منافسات هذه البطولة مع هذه
الفرق. وذلك لأن فريقاً من الدولة المضيفة من المفترض أن يلعب مع
الفريق الفائز في بطولة أندية أوقيانوسيا ليتأهل الفائز للمنافسة
مع أبطال دوريات آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وأمريكا
الشمالية.
|
|
ويقول حمد بن بروك، رئيس لجنة دوري المحترفين في اتحاد كرة القدم:
"دائماً ما يؤكد محمد بن همام رئيس الاتحاد الأسيوي لكرة القدم على
أن المستقبل هو لآسيا. ولهذا فإننا، ونحن نستضيف مثل هذه البطولة
المهمة، فإننا حريصون على ضمان تنظيم البطولة بأفضل مستوى على
الإطلاق."
وقد أثبتت هذه البطولة السنوية بأنها منافسة شديدة القوة. وعادة ما
كانت الأندية الأوروبية هي التي يتوقع لها تهيمن على منافساتها،
غير أن تاريخها القصير أكد على غير ذلك. ولك يتمكن فرق أوروبي هو
أيه سي ميلان من الفوز بالبطولة إلا في دورتها الرابعة، في 2007،
بعد ثلاث دورات فازت بها أندية أمريكا الجنوبية. وفي ذلك العام
استطاع ميلان بقيادة نجمه البرازيلي كاكا أن يتفوق في المباراة
النهائية على بوكا جونيورز الأرجنتيني.
وحينها كان للفوز فرحة مضاعفة لكاكا حيث فاز أيضاً بجائزة الكرة
الذهبية من أديداس وجائزة تويوتا أفضل لاعب في البطولة.
وكانت تلك الدورة ذات طبيعة خاصة لجمهور النادي الإيطالي العريق
حيث أعطت الفرصة لنجم مثل كاكا أن يقدم أفضل ما عنده من مواهب
خصوصاً وأنها أتت بعد موسم لم يكن في أفضل حالاته للاعبي المدرب
كارلو أنشيلوتي في الدوري الإيطالي الذين أرادوا لها أن تكون
تعويضاً لهم.
في تلك الدورة بدأت مسيرة ميلان نحو اللقب بهدف وحيد في مرمى نادي
أوراوا ريدز في أولى مشاركاته في البطولة بقدم كلارينس سيدورف. أما
بوكا جونيورز الأرجنتيني فضمن مكانه في النهائي أمام ميلان بعد فوز
مشابه بنتيجة 1-0 على فريق النجم الساحلي التونسي. وكان القاء
النهائي أشبه بمباراة ثأرية للنادي الإيطالي الذي كان قد خسر أمام
الأمريكيين الجنوبيين في بطولة كأس تويوتا القارية في 2003.
وكانت المباراة النهائية موقعة مشهودة أرضت عشاق اللعبة بستة أهداف
قدم خلالها ميلان أداء ممتازاً وأنهاها لصالحه بنتيجة 4-2 في مدينة
يوكوهاما اليابانية ليعود بكأس البطولة إلى أوروبا للمرة الأولى.
وإذا ما كان كاكا قد أثبت خلال القاء قدراته القيادية، فقد أثبت كل
من باولو مالديني وفيليبو إنزاغي وسيدورف أنهم من بين أفضل لاعبي
كرة القدم في العالم. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن متوسط أعمار
الفريق الفائز حينها كان 31 عاماً فإن ذلك الفوز بدا حينها مبرراً
تماماً ولاقى ثناء بعد أشهر أساطير كرة القدم الأوروبية خصوصاً
وأنه كان المرة الأولى التي يذهب فيها اللقب لأوروبا.
ومرة أخرى ستستضيف اليابان بطولة كأس العالم للأندية نهاية هذا
العام قبل أن تتسلم الإمارات مهمة تنظيمها لموسمي 2009 و2010. وأي
مناسبة كبيرة للذكرى ستكون!
تاريخ بطولة كأس العالم للأندية
بدأت بطولة كأس العالم للأندية عام 2000 بثمانية أندية ومشاركة
فريق من الدولة المنظمة للفرق المختارة والمدعوة للمنافسة. وبعد أن
كان مزمعاً إقامة الدورة الثانية في 2001، تم تأجيلها إلى 2003 ومن
ثم إلغاؤها قبل إعادة تنظيمها في 2005 لتحل محل بطولة كأس تويوتا
التقليدية لكرة القدم وذلك بتشكيل جديد من ستة أندية ومشاركة
الأندية الأبطال الستة الفائزة ببطولة الدوريات القارية.
وفي مارس 2007 قيل أن الفيفا قد قبل طلباً من الاتحاد البرازيلي
لكرة القدم ونادي بالميراس لاعتبار كأس ريودي جانيرو 1951 أول
بطولة رسمية لكأس العالم للأندية. غير أن اللجنة التنفيذية للفيفا
اتخذت في 16 ديسمبر 2007 قراراً نهائياً بأنه لا يمكن اعتبار أي
بطولة على أنها بطولة كأس عالم للأندية غير تلك التي نظمتها الفيفا
مباشرة في أعوام 2000 وبعدها اعتباراً من 2005.
وبعد بطولتي 2009 و2010 التين ستنظمان هنا في الإمارات ستعود
البطولة في 2011 إلى اليابان. وسيتم إجراء كل مباريات البطولة على
استاد مدينة زايد الرياضية واستاد محمد بن زايد، مقر نادي الجزيرة
الرياضي في أبوظبي.
|