يعتبر مسجد الشيخ زايد الكبير في أبوظبي تحفة معمارية حيث بني على
تلة ترتفع 9.5 متر تجعله واضحاً للعيان من مسافة بعيدة ويغطي مساحة
22 ألف متر مربع ويتسع 40 ألف مصل. ويحمل المسجد اسم المغفور له
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي يقول عنه الجميع بشغف بأنه والد
الإمارات العربية المتحدة.
استغرق بناء المسجد 12 عاماً وبلغت تكلفته 2.167 مليار درهم ليصبح
ثالث أكبر مسجد في العالم بعد الحرم الشريف في مكة والمسجد النبوي
في المدينة المنورة.
ولا غرابة أن مسجد زايد الكبير التي تعلوه 82 قبة مكسوة بالرخام
الأبيض والأعمال الجصية البيضاء التي تزين أرجاءه الداخلية قد أصبح
يعرف باسم "لؤلؤة الخليج البيضاء". وللمسجد أربع مآذن تنتصب على
زواياه الأربعة وتشرئب كل منها إلى السماء بارتفاع 107 أمتار. كما
استخدم أفضل أنواع الرخام الملون ولوحات الفسيفساء لرصف باحته التي
تبلغ مساحتها 17 ألف متر مربع.
وعلى الرغم من الجمع المتقن والبارع لتصميم المسجد بين أروع فنون
العمارة الإسلامية التقليدية وتقنيات العمارة العصرية، إلا أن أكثر
ما يجذب الناس إلى بيت الله هذا هو جو السكينة والمهابة الطاغيين
الذي يلف المكان.
|
|
فن العمالة الداخلية
للمسجد |
بدأ العمل في بناء المسجد بتعليمات من المغفور له الشيخ زايد، مؤسس
دولة الإمارات وأول رئيس لها والذي كانت له رؤيته الساعية للحوار
بين الأديان والحضارات والثقافات. وبما يعكس روح ومضمون هذه الرؤية
ينظر الناس إلى مسجد زايد الكبير، الذي غلب عليه اسم المسجد الكبير
بين العامة، وكأنه صرح يوحد العالم منذ الانطلاقة الأولى للعمل فيه
وحتى الانتهاء من تشييده وافتتاحه حيث جمع العمل بين مصممين وعناصر
ومواد بناء وموردين من كل ركن من أركان الأرض تقريباً مثل إيطاليا
وألمانيا والمغرب والهند وإيران وتركيا والصين واليونان والإمارات.
مسجد الشيخ زايد الكبير يعتبر أعجوبة تستحق الزيارة والفرجة سواء
بمعايير الحجم أو الطراز المعماري أو المهابة. وكان المغفور له
الشيخ زايد قد اختار بنفسه تصميم وموقع المسجد حيث أراده أن يكون
في قلب مدينة أبوظبي. وأصبح المسجد المهيب أقوى الصروح الدينية
والوطنية حضوراً في إمارة أبوظبي كما يوصف بأنه أكثر الإنجازات
المعمارية أهمية لدولة الإمارات العربية المتحدة ومجتمعها.
وليس هذا فحسب، بل إن هذا الصرح المعماري الجديد قد استقطب أيضاً
قدراً أكبر من الاهتمام لتسجيله ثلاثة أرقام قياسية سجلت في موسوعة
غينيس للأرقام القياسية حيث توجد فيه أكبر سجادة في العالم وأكبر
ثريا في العالم وأكبر قبة من نوعها في العالم.
|
يبلغ القطر الخارجي للقبة 32.8 متر ويصل ارتفاعها إلى 70 متراً من
الداخل و85 متراً من الخارج. ويؤكد المركز التركي للتاريخ والثقافة
الإسلامية أنها أضخم قبة من نوعها في العالم.
والمسجد مزود بسبعة ثريات مطلية بالنحاس والذهب عيار 24 قيراط من
ألمانيا بتكلفة بلغت قرابة 30 مليون درهم. ويبلغ قطر كبرى الثريات
10 أمتار وارتفاعها 15 متراً. وهي أضخم ثريا في العالم واستخدمت في
صناعتها مليون قطعة كريستالية من نوع شواروفسكي.
غير أن التحفة الحقيقية في المسجد لأصالتها وحرفيتها العالية هي
السجادة الفارسية الأضخم في العالم والتي حيكت يدوياً لتزين فناء
المسجد الكبير. واحتاج صنع السجادة التي تبلغ مساحتها 5700 متر
مربع جهود 1200 صانع سجاد اختيروا بعناية بالغة إلى جانب 20 فنياً
و30 مصمماً وصباغاً وعاملاً ماهراً من مختلف الاختصاصات عملوا 21
شهراً متواصلة لإنهائها بتكلفة تقدر بحوالي 8.5 مليون دولار
أمريكي.
بدأ العمل على صنع أضخم سجادة يدوية في العالم في يناير 2006 لدجى
الشركة الإيرانية للسجاد. واستغرق إنتاج التصاميم ستة شهور
والحياكة سناً والأعمال النهائية ثلاثة شهور.
وللسجادة اليدوية الأضخم هذه التي صنعت خصيصاً لمسجد زايد الكبير
تصميم فريد بها يتضمن خمسة رسوم ضخمة لعناصر تصميمية نباتية.
واستهلكت السجادة التي تبلغ 135 متر طولاً و46 متر عرضاً قرابة 30
طناً من الصوف و15 طناً من القطن. ويتضمن تصميم أرضيتها مجموعة
متنوعة من 35 خيطاً مصبوغة صبغاً طبيعياً.
السجادة هي من تصميم الفنان الإيراني علي خالقي وحيكت في مدينة
مشهد الإيرانية التي تشتهر في كل العالم بخبرات صانعي السجاد فيها.
واحتاج صنع السجادة إلى 2.2 مليار قطبة.
السجادة مصنوعة من الصوف والقطن من ألوان مختلفة. وفيما كان نصف
الصوف المستخدم هو صوف إيراني فإن النصف الآخر كان من إنتاج
نيوزيلندا. واستخدم الصانعون خيوطاً صوف نقية من مناطق سيستان
وبلوشستان وهوموزغان التي تشتهر كلها بجودة الصوف الذي ينتجه
بدوها. أما بالنسبة للقطن فلم يتم استخدام سوى القطن الإيراني
الصافي فقط. وتوزعت الألوان المستخدمة والتي يبلغ عددها 25 لوناً
بين 20 صباغاً طبيعياً و5 أصبغة مركبة سريعة الجفاف.
تمت الحياكة في ثلاثة ورش ضخمة توزعت على ثلاثة قرى مختلفة في
نيشابور قرب مشهد عاصمة شمال خراسان. وتعتبر تلك الأرياف، وخصوصاً
مشهد وقراها البعيدة مركز صناعة السجاد المشهدي والبلوشي
والتركماني الشهير.
ويتضمن تصميم السجادة عناصر فنية نباتية إسلامية وإيرانية تقليدية.
وبعد الحياكة نقلت القطع المكونة لسجادة بطائرتين إلى أبوظبي مع
الحرفيين ليقوموا بخياطتها وجمعها يدوياً قبل مدها في المسجد. وقد
بلغت تكلفة السجادة 30 مليون درهم.
|